اخبار مصر فى الوقت الذى تتسارع فيه وتيرة منح الهيئة العامة للرقابة المالية موافقاتها على طلبات زيادات رؤوس الأموال للشركات، بدعم من سياسة الهيئة الجديدة بتسهيل إجراءات هذه العمليات، ظهرت بعض المطالب بإلزام الشركات بتطبيق آلية تداول حقوق الاكتتاب على جميع زيادات رؤوس الأموال بدلاً من رهن تطبيقها بموافقة الجمعيات العمومية، خاصة فى ظل تراجع السيولة فى محافظ المتعاملين خلال الفترة الراهنة، مما استوجب خلق بديل لجميع مساهمى الشركات للاستفادة من زيادات رؤوس الأموال حتى إذا لم تتوافر لديهم السيولة للاكتتاب بها. ومن الأرجح أن تأتى بعض زيادات رؤوس الأموال فى الفترة المقبلة بسعر «القيمة الاسمية» أقل من السعر السوقى للأسهم المتداولة، الأمر الذى يمثل عائقاً أمام قدامى المساهمين فى الاكتتاب بتلك الزيادات، ويترتب عليه انخفاض حصص ملكيتهم. وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية قد أقرت القواعد الخاصة بتداول حق الاكتتاب خلال العام الماضى، والتى تضمنت تعديل المادتين «3» و«32» مكرر من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية بما يجعل قيد حقوق الأولوية فى الاكتتاب بالبورصة إجبارياً وليس اختيارياً، وإلزام رئيس مجلس إدارة الشركة المقيدة أسهمها بتقديم طلب قيد هذه الحقوق بجدول البورصة باعتبار أن تداول الاكتتاب منفصل هو قرار المساهم. ويشار إلى أنه لم تلجأ إلى تلك الآلية سوى شركتين، الأولى «المؤشر للبرمجيات ونشر المعلومات»، والثانية «بالم هيلز» التى أقرت مؤخراً زيادة رأسمالها، حيث وافق مجلس إدارة الأخيرة على زيادة رأسمال الشركة المصدر بقيمة 600 مليون جنيه عن طريق دعوة قدامى المساهمين للاكتتاب فى أسهم الزيادة بالقيمة الاسمية للسهم، مع إعمال حق تداول الاكتتاب منفصلاً عن السهم الأصلى فى الزيادة، وتفويض رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب أو من يفوضه فى تحديد مدة التداول لحق الاكتتاب بشكل منفصل عن السهم، وتاريخ بدء التداول ونهايته ومستحقيه، وذلك بعد التنسيق مع شركة مصر المقاصة والبورصة. من جانبه قال محمد عبدالفتاح، الشريك المسئول عن سوق المال بمكتب معتوق بسيونى للاستشارات القانونية، إن تداول حق الاكتتاب لم يطبق منذ إقرار القواعد المنظمة له سوى مرة واحدة، والثانية هى شركة بالم هيلز التى تعتزم منح مساهميها ذلك الحق خلال زيادة الاكتتاب فى زيادة رأسمالها. وأضاف أن الهيئة العامة للرقابة المالية، و البورصة لابد أن يكون لهما دور فى إلزام الشركات بإعطاء الحق لكل المساهمين فى بيع حق الاكتتاب عند إجراء زيادة نقدية لرأس المال، وذلك لمنح الفرصة لصغار المساهمين الذين لا تتوافر لديهم سيولة تؤهلهم لدخول الاكتتاب لتعويض خسائرهم من خلال بيع حق الاكتتاب لمساهم آخر من غير الأصليين. وأكد أن إلزام الشركات بذلك الإجراء لن يضرها فى شيء لأن الشركة غرضها الأساسى من الزيادة هو الحصول على تمويل لتوسعاتها، مشيراً إلى أن الهدف من الآلية حماية صغار المساهمين، فضلاً عن أنه يعود على الشركة بالنفع، ويعزز من فرص تغطية الاكتتاب، لأنه يوفر بديلاً فى حال إحجام عدد كبير من المساهمين عن المشاركة فى الاكتتاب، إلا إذا كانت هناك شركات ترغب فى توجيه زيادة رأسمالها لفئة بعينها من المستثمرين. وقال عبدالفتاح إن تنشيط تداول حقوق الاكتتاب يساهم فى دخول مستثمرين جدد من ذوى الملاءة المالية القوية، كما أنه قد يجذب مستثمرين أجانب للمشاركة فى اكتتابات الشركات الجاذبة، علاوة على توفير سيولة جديدة بالسوق، لأنه بدلاً من ضياع حق المستثمر وتراجع قيمة أسهمه يمكنه بيع حق الاكتتاب والدخول فى أسهم جديدة، أو بيع جزء منه والمشاركة بقيمته فى الاكتتاب فى زيادة رأس المال. وطالب عبدالفتاح الهيئة والبورصة بالاهتمام بذلك الأمر، وتوعية المستثمرين بأهمية تداول حقوق الاكتتاب وآلياته، فى ظل عدم إلمام عدد كبير من المساهمين به، بهدف حماية المساهمين، وتوفير فرص استثمارية بديلة. وفى السياق نفسه يرى عادل عبدالفتاح، رئيس مجلس إدارة شركة ثمار لتداول الأوراق المالية، أنه من الأفضل المساواة بين جميع المساهمين من خلال إلزام كل الشركات بمنح مساهميها حق تداول الاكتتاب فى حالات زيادات رؤوس الأموال. وقال إن الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة منحتا تسهيلات للشركات خلال الفترة الماضية على صعيد زيادات رؤوس الأموال وغيرها، ولكن لابد من التقنين، للحفاظ على حقوق المساهمين الذين لا يرغبون فى المشاركة بالاكتتابات. وأشار إلى أن تفعيل آلية تداول حقوق الاكتتاب فى جميع زيادات رؤوس الأموال دون رهنه بقرار الجمعية العمومية، يضمن للمستثمر كل سبل الاستفادة من السهم، ويحفظ حقه من الضياع، لأن عدم مشاركته فى الاكتتاب يقلل بطبيعة الحال من قيمة أسهمه بالشركة. وعلى الجانب الآخر قال عمرو القاضى، خبير أسواق المال والاستثمار المباشر إنه لا يفضل إجبار الشركات على إتاحة تداول حقوق الاكتتاب خلال زيادات رؤوس الأموال، مشيراً إلى أن الجمعية العمومية هى من تقر زيادة رأس المال بتصويت الأغلبية، وهى من تقوم بإقرار ذلك الحق حال رغبة المساهمين به. وأوضح القاضى أنه لا يوجد ما يمنع الشركات من منح مساهميها فرصة تداول حقوق الاكتتاب، لافتاً إلى أنه من حق المستثمر المطالبة بذلك خلال الجمعية العمومية، والشركة ستقره إذا توافق مع رأى الأغلبية، بعيداً عن الإلزام الذى اعتبره فكرة غير جيدة. وأشار خبير أسواق المال والاستثمار المباشر إلى أن التخلى عن فكرة الإجبار بغرض حماية صغار المساهمين أو الأقلية فيما يتعلق بتداول حق الاكتتاب، قد يكون له جانب إيجابى يتمثل فى إجبار المساهمين على حضور الجمعيات العمومية بشكل فعال، التى غالباً ما تشهد نسبة حضور ضعيفة من المساهمين، مشيراً إلى أنه على المستثمر أن يتحلى بثقافة المشاركة فى الجمعيات وطرح مقترحاته ورفض القرارات التى تضيره. وفى سياق متصل قال هيثم عبدالمنعم، مدير علاقات المستثمرين بشركة النساجون الشرقيون للسجاد، إن تداول حق الاكتتاب أمر اختيارى بطبيعته، ويفضل أن يترك كذلك، لأن الظروف تختلف من شركة لأخرى، ولا يمكن الجزم بوجود رغبة لدى المساهمين فى المشاركة بالاكتتاب من عدمه. وأضاف أنه لا يفضل وضع قيود من خلال إلزام الشركات بمنح حقوق الاكتتاب للمساهمين، موضحاً أن فكرة الإلزام نفسها غير مقبولة، خاصة أن الأسواق المالية فى حال تغير دائم. وطالب بترك الأمر للشركات، لأن إقرار تداول حقوق الاكتتاب حق أصيل للجمعيات العمومية مثل التجزئة وزيادة رأس المال، ويتم اتخاذه إذا ما ارتأت الأغلبية وجود ضرورة لذلك، لافتاً إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية عليها وضع الضوابط التى تراها مناسبة لإحكام الأمر وترك حرية اتخاذ القرار للمساهمين بالجمعية العمومية.