مباراة صعبة تنتظر ميلان على ملعبه ووسط جماهيره ... يخوض الميلان مساء الثلاثاء مباراة صعبة للغاية حين يستقبل برشلونة على ملعبه سان سيرو ضمن الجولة الثالثة لدور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، وكان الفريق قد جمع أربع نقاط بالفوز على سلتيك في ميلانو بهدفين مقابل هدف والتعادل مع أياكس أمستردام في هولندا بهدف لكل فريق فيما جمع الفريق الإسباني ست نقاط كاملة بالفوز على الفريقين الهولندي والاسكتلندي. البعض قد يرى أن انتصار الميلان مساء الثلاثاء من المستحيلات في كرة القدم، ولكن من أقر بوجود المستحيل في لعبة الساحرة المستديرة؟ والميلان نفسه صنع ذلك "المستحيل" حين هزم ضيفه في مباراة ربع النهائي للموسم الماضي بهدفين دون رد في ميلانو .... لهذا سنتحدث هنا عن المباراة من وجهة نظر ميلانية بحتة بحثًا عن الأسباب والعوامل التي قد تجعل الفريق يخرج منتصرًا ومتصدرًا للمجموعة. في البداية علينا التعرف على خصائص البارسا ونقاط قوته وضعفه حتى نرى كيف يمكن للروسونيري مجاراته، ولذا استضفنا الزميل طه عماني من القسم الإسباني وأجرينا معه الحوار التالي: مواجهة ميلان تأتي قبل الكلاسيكو، برأيك ما مدى تأثر البارسا بتلك الأجندة؟ ومن المباراة الأهم بالنسبة للفريق ومدربه مارتينو الذي اعتدنا منه مبدأ المداورة هذا الموسم ؟ لا شك في أن مباراة بحجم "كلاسيكو الأرض" قادرة على تشتيت تفكير طرفيها والتأثير عليهما كلما اقترب موعدها، إلا أنني أرى برشلونة هذا الموسم خاصة جاهزًا بما فيه الكفاية لخوض تحديات كبيرة من هذا النوع وذلك بفضل نظام المداورة الذي اتبعه تاتا مارتينو منذ الأنفاس الأولى للموسم الحالي. المدرب الأرجنتيني يملك عددًا وافرًا من اللاعبين الممتازين في مجموعته، ويحاول قد الإمكان توزيع الدقائق بينهم، وهو ما يرفع مستوى التنافسية داخل المجموعة من جهة، ويجعل جميع اللاعبين على أتم الجاهزية لخوض أية مباراة كانت من جهة أخرى. قد تكون تشكيلة مباراة ميلان مختلفة نوعًا ما عن التشكيلة التي سيُقحمها تاتا في الكلاسيكو، لكن معظم اللاعبين يملكون ما يكفي من الخبرة للتركيز جيدًا على مباراة دوري أبطال أوروبا قبل توجيه تفكيرهم نحو قمة يوم السبت القادم، وهو ما لوحظ في جل تصريحات اللاعبين اللذين يتفادون الحديث عن مباراة ريال مدريد تمامًا. الكثير من الأحاديث تناولت دفاع البارسا بالكثير من السلبية خلال الموسم الماضي، هل استمر الحال كما هو هذا الموسم؟ ما أبرز نقاط ضعف البارسا الدفاعية؟ أين بالتحديد مشاكله؟ لا يخفى على أحد المشاكل الكثيرة التي يعاني منها برشلونة دفاعيًا منذ أكثر من موسمين والتي دفعت جوارديولا وتيتو فيلانوفا للاعتماد مرارًا على بعض الحلول الترقيعية لرأب الصدع الكبير في الخط الخلفي للفريق خاصة مع تركز الإصابات في مركز قلب الدفاع خاصة، فالقائد بويول لم يخض سوى نسبة قليلة جدًا من مباريات فريقه مؤخرًا، وهو أمر تزامن مع التراجع المهول في مستوى جيرارد بيكيه، وما زاد الطين بلة خلال الموسم الماضي هو أن سرعة استرجاع برشلونة للكرة والضغط المهول الذي كان يفرضه الفريق على خصومه في مواسم مضت تضاءل بشكل كبير، وهو ما جعل عدد الكرات التي تصل إلى مناطق الفريق يرتفع وأدى إلى بروز المشاكل الدفاعية للفريق بشكل أكبر. لكن الأمر قد يكون مختلفًا قليلًا هذا الموسم، فتاتا مارتينو عمل على القيام ببعض اللمسات التكتيكية التي طورت من دفاع الفريق: الأظهرة أصبحت أكثر التزامًا بمهامها الدفاعية فيما عاد الفريق ليُطبق الضغط المبكر بشكل جيد جدًا، كما أن تاتا كان محظوظًا جدًا ببروز مارك بارترا بعد إصابة خافيير ماسكيرانو، ويبدو أن عودة كارليس بويول ستساعد على مواصلة تطور الفريق الكتلوني في الشق الدفاعي، وقبل كل هذا وذاك، أرى أن تحسن مستوى الدفاع رهين بالدور الدفاعي الذي يلعبه خط الوسط، فكلما قل عدد المرات التي يصل فيها الفريق الخصم إلى مناطق البرسا كلما قل عدد الأهداف الذي يتلقاه الفريق. هجوم البارسا ازداد قوة بانضمام نيمار، كيف تتوقع أن يلعب تاتا ضد ميلان هجوميًا؟ من ناحية العناصر والشكل؟ وأين أسرار قوته الهجومية؟ شكل قدوم نيمار جونيور إلى برشلونة إضافة قوية خاصة بعد تراجع مستوى ديفيد فيا الذي كان يميل للعب على الرواق الأيسر والذي أصبح يشغره نيمار حاليًا، لكن قوة البرسا الهجومية تكمن في المنظومة التي يتبعها ككل، وانصهار نيمار في هذه المنظومة سيجعل دفاعات خصوم برشلونة تعاني الأمرين. أعتقد أن تاتا لن يغير شيئًا من نهجه الهجومي أمام ميلان، فهو سيعتمد على ثلاثة لاعبين في المقدمة دون أن يُشرك رأس حربة صريح، وأعتقد أن نيمار، ميسي وألكسيس سانشيز هم المرشحون للبداية في سانسيرو على أن يلعب نيمار يسارًا، ميسي في الوسط وألكسيس سانشيز يمينًا، دون أن ننسى الدور الهجومي المهم لأندريس إنييستا الذي كثيرًا ما يفاجئ الخصوم بتوغلاته وتحركاته الغير متوقعة. لا ننسى أن الكل قادر على التسجيل في برشلونة، خاصة في حالة التراجع الدفاعي الكبير للفريق الخصم، وهو شيء يتيح الفرصة لبوسكيتس، تشافي والأظهرة للقيام بإضافة هجومية، ولك أن تتصور الضرر القادرين على إلحاقه بمرمى الخصم. ميلان يعاني جدًا من التمريرات العرضية دفاعيًا، هل ستكون نقطة ضعف مؤثرة أمام البارسا؟ بشكل آخر ... ما وضع البارسا مع الكرات الثابتة هجوميًا؟ أصبحت أسلحة برشلونة الهجومية متعددة هذا الموسم بعد قدوم تاتا مارتينو، فقد شاهدنا كيف تخلى عن السيطرة على الكرة أحيانًا رغم أنه فاز بنتيجة عريضة، كما لاحظنا أن الفريق أصبح يعتمد بشكل أكبر على الكرات العرضية رغم أنها مازالت لا تستغل على أكمل وجه لعدم توفر الفريق على رأس حربة قادر على إنهاء هذا النوع من الكرات في الشباك. لا أعتقد أن الكرات العرضية ستشكل مصدر الخطر الأول لبرشلونة أمام ميلان، خاصة مع التكتل الدفاعي المتوقع من رجال أليجري. بالنسبة للكرات الثابتة، فالفريق الكتلوني يتوفر على خيرة المنفذين في عالم المستديرة، وأبرزهم تشافي، ميسي دون أن ننسى نيمار كذلك، كما أن صعود كل من بيكيه، بوسكيتس والعائد حديثًا كارليس بويول خلال الركلات الركنية والكرات الثابتة التي تُلعب إلى داخل منطقة الجزاء تجعل منها سلاحًا لا يستهان به لتاتا مارتينو، لكنه ليس الأخطر بكل تأكيد. حدثنا عن رأيك بشكل عام عن المباراة وتوقعاتك لها .... لاشك أن ميلان قدم بداية متعثرة للموسم لعدة أسباب تم التطرق إليها في موضوعك عكس برشلونة الذي بدأ الموسم بشكل مثالي بعد أن حقق كأس السوبر الاسبانية ثم فاز بجل مبارياته في الدوري الاسباني، لكن مباريات دوري أبطال أوروبا مختلفة تمامًا، ولطالما شاهدنا ميلان يخلق متاعب جمة للبرسا في سان سيرو. شخصيًا لا أتوقع أن يفوز ميلان خاصة إن تأكد غياب ماريو بالوتيلي مع عدم جاهزية ريكاردو كاكا بدنيًا، لكن البرسا وإن فاز، فإنه سيقوم بذلك بمشقة كبيرة ما إن يتفادى الميلان الأخطاء أثناء الخروج بالكرة من الدفاع إلى الخطوط الأمامية وكان كل من زاباتا، كونستان ودي يونج في كامل تركيزهم. أتوقع فوزًا صغيرًا للفريق الكتلوني ولا أستبعد التعادل أبدًا. كان هذا رأي الزميل طه عماني من القسم الإسباني والمتابع لمباريات برشلونة والأحداث داخل الفريق، وبناءً عليه نتحدث في نقاط سريعة عما يجب على ميلان فعله ليخرج من المباراة بالانتصار أو على الأقل بنقطة التعادل التي تحفظ له كل آماله في التأهل لدور ال16 وهو الهدف الأهم ... تحدث الزميل طه عن أهمية مباراة الكلاسيكو، ولهذا فشيء من الشراسة والقوة لا العنف في الضغط الدفاعي سيكون بمثابة عامل ضغط إضافي على نجوم الفريق الإسباني، خاصة أن كل لاعب يرغب في لعب الكلاسيكو وسيعمل على أن يخرج سالمًا من مباراة سان سيرو ... لهذا فالشراسة في الضغط ستكون عاملًا مطلوبًا من جميع لاعبي ميلان لأنه سيساعدهم ذهنيًا على الحد من خطورة منافسهم. البارسا كما يبدو لم يتخل عن أسلوبه ولكنه طوره كثيرًا وأضاف له المزيد، وتلك نقطة قوة لصالح الفريق من المتوقع أن تؤثر سلبًا على ميلان الذي اعتاد مواجهة البارسا بأدائه المعتاد في السنوات الأخيرة والمعتمد على الاستحواذ، هذا يعني أن ميلان قد يجد نفسه معرضًا لخطر الهجمات المرتدة خلال المباراة وتلك نقطة ليست لصالحه أبدًا لفارق السرعة والمهارة بين مدافعيه ومهاجمي البارسا .... بالتالي، يجب على المدرب ماسيميليانو أليجري أن يعتمد استراتيجية الدفاع المنظم جدًا المعتمد على تضييق المساحات وتقارب المسافات بين اللاعبين والضغط القوي خاصة في وسط الملعب وألا يقع في فخ التقدم وترك المساحات في دفاعه للبارسا ونجومه، والأفضل أن يتحرك الفريق وحدة واحدة سواء للأمام أو الخلف أو اليمين أو اليسار لأن هذا سيحرم البارسا من المساحات اللازمة لتطبيق أسلوب لعبه، وهذا أيضًا لأن ميلان هذا الموسم من الصعب أن يُهاجم ويدافع في نفس الوقت فهو قادر على أداء مهمة واحدة بشكل جيد جدًا وباستخدام جميع لاعبيه تقريبًا، لذا إن شتت نفسه بين الدفاع والهجوم سيمنح البارسا فرصة ضربة لكن التركيز على الجوانب الدفاعية ومحاولة خطف هدف بالهجمات المرتدة هو الأفضل. برشلونة يعتمد في هجومه على الخط الأمامي لكن بمشاركة فعالة من نجوم الوسط خاصة تشافي وإنيستا، ولهذا على وسط ميلان أن يُحاول عزل هذا الثنائي عن المنظومة الهجومية للبارسا والعبء هنا على الثلاثي مونتاري ومونتوليفو ودي يونج كبير جدًا للقيام بهذا الدور، فالمطلوب ضغط متواصل على تشافي لمنعه من استخدام سلاح التمرير والرقابة المزدوجة على إنيستا لمنعه من الانطلاق والتقدم للأمام خاصة أنه أخطر كثيرًا من زميله بفعل ما يمتلك من سرعة ومهارة مربكة لدفاع ميلان. لذا ربما من الأفضل أن يلعب المدرب أليجري بطريقة 4-4-2 بتواجد الثنائي دي يونج ومونتوليفو في عمق الوسط وتواجد مونتاري وبولي على الطرفين للضغط جيدًا على الثنائي الطرفي في دفاع ووسط البارسا أي أدريانو وألفيش وتشافي وإنيستا لأن السيطرة على هؤلاء وتقليل دورهم الهجومي سيجعل الدفاع قادرًا على التعامل مع الثلاثي الأمامي، أو أن يلعب المدرب بطريقته المعتادة 4-3-3 لكن باستخدام مونتوليفو أو بولي كصانع لعب خلف المهاجمين حتى يلعب بين الخطوط ويعود لوسط الملعب سواء من العمق أو الجانب الأيمن ليساعد في الضغط والتغطية الدفاعية. برشلونة كان يُضرب كثيرًا بالهجمات المرتدة خاصة باللعب خلف ظهيريه المتقدمين، لكن يبدو أن الوضع اختلف مع تاتا مارتينو لأن الظهيرين أصبحا أكثر التزامًا دفاعيًا كما أوضح الزميل طه، لذا يحتاج ميلان لاستغلال أي تقدم من أحد الطرفين ويلعب في المساحة خلفه بتواجد بيرسا أو روبينيو ويتمركز ماتري بين قلبي الدفاع ... الهجمات المرتدة لميلان يجب أن تنفذ بسرعة وزيادة عددية وهذا الأمر يتطلب جهد وتضحية بدنية كبيرة، لكنها مباراة كبيرة تفرض هذا. والأهم من كل تلك الأمور هو ألا يُهدر الفريق أي فرصة تسنح له لأن الفرصة الضائعة لن تعوض في مثل تلك المباريات وقد تكون حاسمة جدًا مثلما كانت فرصة مبايي نيانج في مباراة الموسم الماضي، وللأسف تلك نقطة غير مضمونة مع الكم الهائل من الفرص الضائعة من المهاجمين خاصة ماتري في المباريات الأخيرة، هي نقطة ضعف لن تختفي إلا إن لعب ماريو بالوتيلي وسيكون نقطة قوة إضافية وكبيرة ومهمة جدًا لهجوم الفريق لأنه وحده قادر على إزعاج دفاع البارسا واستغلال سرعته ومهارته وقدرته على التسديد والتمرير لصناعة هجمات وفرص ميلان. نتحدث أخيرًا عن طريقة اللعب والتشكيل الأساسي الأفضل للمباراة، شخصيًا أتمنى أن يلعب المدرب أليجري بطريقة 4-4-2 ليضمن تواجد أكبر عدد ممكن من اللاعبين المميزين الذي يعيشون حاليًا فترة ممتازة في الملعب، والحديث خاصة عن الرباعي دي يونج ومونتوليفو وبولي وبيرسا، بجانب أن وجود مونتوليفو ودي يونج أمام الدفاع سيمنح الوسط ثقلًا دفاعيًا ويحمي الخط الخلفي الهش، ووجود بولي ومونتاري في طرفي الوسط سيساعد على إيقاف خطورة أطراف البارسا سواء من الوسط أو الدفاع كما أن بولي سيمثل رئة هجومية ممتازة ونقطة انطلاق في الهجمات المرتدة، وليلعب في الأمام كاكا وبيرسا لأن الفريق ليس بحاجة لمهاجم متمركز في مباراة كتلك خاصة إن كان البطئ ماتري !! لكن إن كان بالوتيلي فالأمر يختلف تمامًا وليلعب بجانب بيرسا في الأمام. لكن إن أراد أليجري تطبيق طريقته المعتادة 4-3-3 وهذا المتوقع، فالأفضل أن يلعب مونتوليفو كصانع لعب خلف مهاجمين ليتمكن من العودة للوسط في الحالة الدفاعية والتواجد بجانب دي يونج وحتى لا يخسر ميلان أندريا بولي الممتاز على الجانب الأيمن من الوسط لأن المدرب بالتأكيد لن يتخلى عن مونتاري في الجانب الأيسر .... في حال لم يحدث هذا، وخرج بولي من التشكيل وهو قرار أراه خاطئ تمامًا، فالأفضل ألا يلعب ماتري في الأمام بل الثلاثي السريع المهاري المتحرك روبينيو وكاكا وبيرسا لأنهم سيستطيعون تنفيذ أسلوب الهجمة المرتدة بشكل أفضل خاصة أن نسق اللعب قد يكون أسرع كثيرًا من ماتري الذي سيكون ورقة مفيدة على دكة البدلاء في حال تأخر ميلان بالنتيجة .... البعض قد يقول أن ماتري سيمثل دور المحطة في الهجمات المرتدة، وهذا سليم جدًا لكن أمام البارسا تحديدًا أنت تحتاج نقل أسرع للكرة من الوقوف عند محطة ما، فالأفضل الانطلاق في المساحات على الطرفين وليس العمق مما يعني أن وجود كاكا وروبينيو وبيرسا أفضل كثيرًا.