حكايات «القهر والدموع» يرويها فاقدو ومصابو البصر بفعل قذائف الاحتلال الغاشم غزة.. مدينة تستحق عن جدارة لقب مدينة الظلام.. فالاحتلال المتغطرس أبى أن يحولها فقط إلى مدينة أشباح خاوية على عروشها بتدميره المنشآت والمنازل وقتله الآلاف من المدنيين الأبرياء، بل أراد الاحتلال الغاشم أن يفقدها أيضا رؤيتها وأن يقطع عليها شعاع الأمل والنور.. قذائفه نالت الأجساد والعيون.. رصاصاته استقرت فى الأجفان.. شظاياه اخترقت مراكز الإبصار وفتكت بالشبكية والقرنية لدى الآلاف من الأطفال والنساء والرجال داخل القطاع.. وسط صمت دولى ودول تتشدق بالديمقراطية والحق فى الحياة!.. والنتيجة النهائية أكثر من 1700 غزاوى فقدوا الرؤية تماما فى حرب غزة الأخيرة وأكثر من 5000 آخرين مهددون بالعمى الكلى أو الجزئى لغياب العلاج وتوقف أجهزة العملياتة.. أمر يشيب له الوجدان وتحترق له القلوب ألما على ما وصل اليه حال أهلنا فى غزة.. «الأخبار» فى هذا الملف تنقل بالكلمة والصورة شهادات فلسطينيين أصيبوا بالعمى وآخرين على حافة لقب «أعمى» بعد أن أصابتهم قذائف جيش الاحتلال الصهيونى فى أعز ما يملكون.. فى أعينهم!.. ليضاف إلى سجل جرائم الصهاينة جريمة نكراء تتعلق بالأمل والقضاء عليه.. الأمل فى غد مشرق!.. ولكن ما باليد حيلة، وما بالعين رؤية! وزارة الصحة المصرية ل«الأخبار»: استقبلنا العديد من الحالات.. وأجر ينا عمليات زرع قرنية وشبكية للأشقاء أعلن د. حسام عبد الغفار المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة المصرية أن الوزارة استقبلت المئات من الحالات، التى أصيبت فى قطاع غزه اصابات بالغة فى الأعين جراء الاعتداءات الغاشمة من جيش الاحتلال الإسرائيلى فى الحرب الأخيرة على قطاع غزة. وقال د. عبد الغفار فى تصريحات خاصة ل«الأخبار» إن الوزارة قامت بإجراء عمليات زرع قرنية وشبكية للعديد من الحالات التى تم استقبالها فى مصر، ويأتى ذلك انطلاقا من دور مصر فى مساعدة الأشقاء الفلسطينيين وتقديم كل أوجه الرعاية والعلاج لهم لتخطى مصابهم الأليم. وعن الأعداد التى تم علاجها من مصابى الأعين بقطاع غزة داخل مصر، قال المتحدث الرسمى للصحة انه بالفعل توجد إعداد كبيرة تم علاجها وتقديم الدواء والعلاج لها واستقبالها بمختلف مستشفيات الجمهورية. مركز غزة لحقوق الإنسان:1700 فلسطينى فقدوا أعينهم خلال 25 شهرًا من الإبادة الجماعية أعرب مركز غزة لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء الارتفاع الخطير فى أعداد إصابات العيون خلال العدوان العسكرى الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة، واستمرار سلطات الاحتلال فى منع دخول الأجهزة الطبية الأساسية اللازمة لإنقاذ البصر وتشخيص إصابات الحرب. وأوضح المركز فى بيان صادر له، أن المعلومات التى جمعها تشير إلى تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلى إحداث إعاقات دائمة لدى المدنيين الفلسطينيين بما فى ذلك استهدافهم المباشر بالقنص فى أعينهم إلى جانب الإصابات الناجمة عن القصف واستخدام مقذوفات تنشر كمية كبيرة من الشظايا. وأكد المركز أن المعلومات التى حصل عليها تشير إلى أن 1700 فلسطينى على الأقل فقدوا أعينهم خلال 25 شهرا من الإبادة الجماعية فى قطاع غزة، وأن نحو 5 آلاف آخرين مهددون بفقد نظرهم كليا أو جزئيا جراء الحرمان من العلاج. وأشار إلى أن الاحتلال دمّر البنية التحتية للمستشفيات والمولدات والأجهزة الجراحية، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات والمستهلكات الطبية مؤكدا أن نقص العلاجات أدى لتفاقم أمراض خطيرة مثل ارتفاع ضغط العين، القرنية، الشبكية، المياه البيضاء، مما يهدد المرضى بالعمى الدائم. وذكر المركز أن نحو 2400 مريض على قوائم الانتظار بحاجة عاجلة لعمليات جراحية لا تتوافر إمكاناتها داخل غزة. أجسام غريبة وفى تصريحات لفريق المركز، أوضح الدكتور إياد أبو كرش، رئيس قسم العمليات والتخدير فى مستشفى العيون بغزة، أن المستشفى استقبل 2077 إصابة فى العينين منذ يناير 2024 وحتى سبتمبر 2025، موضحاً أن إصابات العيون تشكل 5% من مجمل إصابات الحرب خلال تلك الفترة. وأكد الدكتور أبو كرش أن هذه الإحصاءات تخص شمال وادى قطاع غزة فقط، مما يعنى أن الأعداد الفعلية لإصابات العيون أكبر بكثير. وبيّن أن 18% من الإصابات أدّت إلى تفريغ العين (Evisceration)، فيما تضمنت 34% وجود أجسام غريبة داخل العين، وتعرض 9% من المصابين لإصابة فى كلتا العينين، مما يزيد احتمالات فقدان البصر بشكل كامل ودائم. وأوضح الدكتور أبو كرش التوزيع حسب الجنس كما يلي: ذكور (M): 42 %، إناث (F): 28 %، أطفال (Child-E): 30 %. وأشار المركز الحقوقى إلى أن نسبة كبيرة من المصابين من الأطفال والنساء، وهو ما يعكس بوضوح أن المدنيين هم الأكثر تضرراً من هذا العدوان، ويؤكد استهداف المدنيين بشكل مباشر أو غير مباشر أثناء محاولتهم تأمين احتياجاتهم الأساسية. اصطياد الأعين ووفق المعلومات التى جمعها فريق المركز، فقد ازداد معدل إصابات العيون خلال فترة ذروة المجاعة، نتيجة اضطرار المدنيين للذهاب إلى نقاط توزيع المساعدات القريبة من مواقع انتشار جيش الاحتلال، حيث كانوا يتعرضون للاستهداف المباشر أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء والمواد الأساسية. ويقول الطفل محمد أ (14 عاما): «بسبب عدم توافر طعام لدى عائلتى كنت أذهب إلى مركز توزيع المساعدات الأمريكية فى رفح، وفى المرة الثالثة كان هناك إطلاق نار كثيف من قناصة خلف تلال رملية، وعلى أثرها أصبت بعينى اليمنى، ونقلت بعد ساعتين للمستشفى، وتبين لاحقا أننى فقدت عيني». وأشار المركز الحقوقى إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلى لم يكتف بإيقاع الإصابات، بل يتعمد حرمان المصابين من العلاج سواء بمنع السفر أو إعاقة إدخال الأجهزة الطبية والمعدات اللازمة. ونبه إلى أن مستشفى العيون يعانى من نقص شديد فى الأجهزة التشخيصية الأساسية اللازمة للتعامل مع إصابات الحرب، بسبب رفض الاحتلال إدخال هذه الأجهزة رغم استعداد مؤسسات دولية لتحمل تكلفتها بالكامل، ما يضطر الطاقم الطبى لتقديم العلاج الأولى باستخدام أدوات بسيطة ومعدات بدائية لا تتناسب مع حجم وخطورة الإصابات. ووفق الطواقم الطبية، فإن أكثر من 50% من المصابين يحتاجون إلى علاج مستمر غير متوافر داخل قطاع غزة، إما بسبب نفاد المواد الطبية الأساسية أو لأن حالاتهم تتطلب علاجاً متخصصاً خارج القطاع، وهو ما يصبح فى معظم الحالات مستحيلاً بفعل إغلاق المعابر ومنع المرضى من السفر. عقاب جماعى وأكد مركز غزة لحقوق الإنسان أن استمرار منع دخول الأجهزة والمستلزمات الطبية يشكل جريمة عقاب جماعى وانتهاكاً صارخاً لالتزامات قوة الاحتلال بموجب القانون الدولى الإنساني، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة. وطالب المركز المجتمع الدولى والأمم المتحدة بالتحرك العاجل للضغط على سلطات الاحتلال من أجل السماح الفورى وغير المشروط بإدخال الأجهزة الطبية الخاصة بعلاج إصابات العيون، وفتح ممرات آمنة لتمكين المرضى من الوصول إلى العلاج المتخصص داخل وخارج القطاع. كما دعا المركز إلى توفير دعم طبى عاجل لمستشفى العيون وللمرافق الصحية فى غزة، وتزويدها بالمعدات الضرورية وإيفاد فرق طبية متخصصة للحد من تفاقم حالات فقدان البصر. وشدد على أن تجاهل المجتمع الدولى لهذه الكارثة الإنسانية يفاقم معاناة الجرحى ويشجع الاحتلال على مواصلة سياساته، التى تحرم المرضى من حقهم فى العلاج والحياة الكريمة.