تحولت أجواء عيد الميلاد في كندا إلى مسرح لعملية سرقة لافتة، نفذها أشخاص متنكرون بزي «بابا نويل» داخل متجر بقالة في مدينة مونتريال الكندية. وسرعان ما تحولت الواقعة، التي بدت في ظاهرها جريمة تقليدية، إلى رسالة احتجاج سياسي اجتماعي على غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الغذاء، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة لسلاسل المتاجر الكبرى بسبب أرباحها القياسية. وبينما فتحت الشرطة الكندية تحقيقًا رسميًا، فجرت العملية نقاشًا واسعًا حول حدود الاحتجاج، وأزمة الأسعار، ومن يدفع الثمن الحقيقي ل التضخم في كندا. عملية «سانتا» داخل سوبر ماركت View this post on Instagram A post shared by Les Soulèvements du Fleuve - The River's Uprisings (@soulevementsdufleuve) وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، اقتحم عدد من الأشخاص الذين يرتدون بدلات حمراء تشبه زي بابا نويل، ويقف خلفهم أشخاص ملثمون أطلق عليهم وصف "جنود"، أحد متاجر السوبر ماركت في مدينة مونتريال الكندية. وبحسب الرواية، قام المشاركون بحمل حقائب مليئة بمواد غذائية وبضائع تُقدر قيمتها بآلاف الدولارات، قبل أن يغادروا المكان بسرعة ويختفوا في ظلام الليل، دون تسجيل أي اشتباكات في موقع الحادث. منفذو العملية: «نسرق لنُطعم الجائعين» عقب الحادث، أصدرت مجموعة تطلق على نفسها اسم Robins des Ruelles «روبنز الأزقة» بيانًا أعلنت فيه مسؤوليتها عن العملية، مؤكدة أن ما جرى لم يكن بدافع السرقة التقليدية، وإنما بهدف توزيع الطعام على المحتاجين في المدينة. وأوضحت المجموعة أن العملية جاءت على طريقة "روبن هود"، في محاولة لتسليط الضوء على أزمة غلاء المعيشة المتصاعدة، التي جعلت السلع الأساسية بعيدة المنال عن عدد متزايد من الكنديين. وأفادت المجموعة، أن نحو 40 شخصًا شاركوا في عملية السطو التي وقعت في وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي. وفي بيان نُشر مساء الخميس، وحمل عنوان «عندما يبرر الجوع الوسيلة»، قالت المجموعة إن المواطنين باتوا يعملون لساعات أطول فقط ليتمكنوا من شراء الطعام من سلاسل المتاجر الكبرى، التي بحسب وصفهم تستغل التضخم كذريعة لتحقيق أرباح قياسية. وجاء في بيان المجموعة: «لا توجد طريقة أخرى للتعبير عن ذلك: حفنة من الشركات تحتجز احتياجاتنا الأساسية رهينة». وأضاف البيان أن شركات البقالة الكبرى "تواصل خنق السكان" من أجل استخراج أكبر قدر ممكن من الأرباح، في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية. رد الشركة: السرقة جريمة في المقابل، أصدرت الشركة المالكة لثماني علامات تجارية كبرى في قطاع البقالة في مقاطعتي أونتاريو وكيبيك بيانًا أكدت فيه أن السرقة من المتاجر جريمة جنائية غير مقبولة. وقالت المتحدثة باسم الشركة، جينيفيف جريجوار، إن ارتفاع الأسعار يعود إلى عدة عوامل، من بينها اضطرابات سلاسل التوريد العالمية، وتقلب أسعار السلع الأساسية، والتغيرات في ظروف التجارة الدولية، إلى جانب تزايد جرائم البيع بالتجزئة. خسائر بمليارات بسبب جرائم التجزئة وبحسب مجلس تجارة التجزئة الكندي، فإن جرائم السرقة من المتاجر في تصاعد مستمر، وتسببت في خسائر تجاوزت 9 مليارات دولار خلال عام 2024، وهو رقم يعكس حجم الأزمة التي تواجهها شركات البيع بالتجزئة في البلاد. وأضافت جريجوار، أن متاجر التجزئة تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة التوريد، موضحة أن الأسعار المعروضة على الأرفف تعكس بشكل مباشر تكاليف تلك السلسلة. كما أشارت إلى أن الشركة قدمت، خلال عام 2025، تبرعات مالية بقيمة 1.15 مليون دولار، إلى جانب منتجات غذائية تجاوزت قيمتها 81 مليون دولار لصالح بنوك الطعام. احتكار السوق وأرباح قياسية وتسيطر ثلاث شركات فقط على الغالبية العظمى من متاجر البقالة في كندا، وحققت هذه الشركات أرباحًا قياسية خلال السنوات الأخيرة. ورغم إبداء الحكومة الكندية قلقها من ممارسات التربح غير المشروع، تؤكد الشركات أن هوامش أرباحها آخذة في التراجع، رغم الأرقام القياسية المُعلنة. من جانبها، أعلنت الشرطة الكندية أنها فتحت تحقيقًا رسميًا في واقعة السرقة، لكنها أكدت أنه لم يتم توقيف أي شخص حتى الآن على خلفية الحادث. توزيع الطعام ورسالة أخيرة وقالت مجموعة «روبنز الأزقة» إنها قامت بوضع جزء من المواد الغذائية المسروقة في ساحة عامة عند قاعدة شجرة عيد الميلاد مساء الثلاثاء، على أن يتم توزيع باقي المواد عبر بنوك الطعام المجتمعية. واختتمت بيانها بعبارة لافتة: «لا تنسوا... الجوع يبرر الوسيلة، عيد ميلاد مجيد!».