منذ سنوات، اتجهت أنظار المستثمرين في قطاع السيارات إلى مصر، وباتت «أرض المحروسة» وجهة جاذبة لاستثمارات هذا القطاع، باعتبارها بوابة إلى قارة إفريقيا، اعتمادًا على ربط سلاسل الإمداد المحلية والإقليمية، بما في ذلك مورّدو المكونات العالميون، بمنظومة سلاسل الإمداد العالمية، فضلًا عن الاستفادة من المزايا العديدة التي يقدمها البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات (AIDP). توطين صناعة السيارات ومكوناتها وفي هذا السياق، أكد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، أن الدولة تُكثف جهودها في المرحلة الراهنة لتوطين صناعة السيارات ومكوناتها، وزيادة نسب المكوّن المحلي تدريجيًا في المنتجات النهائية، خاصة في ظل وجود استراتيجية متكاملة تستهدف، في المقام الأول، تلبية احتياجات السوق المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلى جانب تعميق التصنيع في مختلف وسائل النقل، سواء التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري أو المركبات الكهربائية ومكوناتها. أرقام الصادرات أعلى من الواردات وفي حديثه ل«بوابة أخبار اليوم»، قال الدكتور بسيم يوسف، رئيس لجنة تعميق وتشجيع المنتج المحلي باتحاد الصناعات، إن توطين صناعة السيارات يُعد ضرورة استراتيجية، مضيفًا أن معيار النجاح الحقيقي يكمن في إنتاج سيارة عالية الجودة تُعزّز الطلب عليها محليًا وعالميًا، وتتحول إلى «علامة تجارية» قادرة على المنافسة. وجدد التأكيد على أن تعميق الصناعة المحلية للسيارات يرفع الحصة التصديرية لمصر ويُخفّض فاتورة الاستيراد، موضحًا أن المعيار الأهم هو أن تتجاوز قيمة الصادرات قيمة الواردات، متابعًا: «أما تقييم أداء القطاع من خلال أرقام الصادرات فقط، دون النظر إلى الواردات، فهو تقييم يفتقر إلى الدقة». مراجعة أساليب استيراد السيارات وطالب «يوسف» بضرورة مراجعة أساليب استيراد السيارات من قِبل وزارة الصناعة والجهات المعنية، مشيرًا إلى وجود أعداد كبيرة من السيارات المستوردة التي تُثقل فاتورة الواردات وتستنزف العملة الصعبة. وأضاف: «يتطلب التصحيح وضع ضوابط واضحة للاستيراد، بالتوازي مع تشجيع التصنيع والتجميع المحلي من خلال إنشاء مصانع جديدة». كما دعا الدكتور بسيم يوسف إلى سنّ قانون يحمي المنتج المحلي، شريطة عدم المبالغة في التسعير من جانب المصنعين، مؤكدًا أهمية بدء الإنتاج الفعلي في المصانع الحاصلة على التراخيص، وضرورة إجراء حصر دقيق للمصانع التي بدأت الإنتاج وتلك التي لم تبدأ بعد. مركز إقليمي لصناعة السيارات وشدد الدكتور بسيم يوسف على أن مصر مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا لصناعة السيارات والصناعات المغذية، لما تمتلكه من بنية تحتية قوية وموانئ تربطها بالعالم، فضلًا عن موقع جغرافي فريد يربط الشرق بالغرب ويُسهّل التصدير إلى الأسواق العالمية. واستطرد قائلًا: «خطوات التحول إلى مركز إقليمي بدأت بالفعل، غير أن الطريق لا يزال يتطلب جهدًا كبيرًا، إذ يجب أن تصل صادرات مصر من السيارات إلى نحو مليون سيارة حتى تكتسب هذا المركز فعليًا». مرسيدس «لا تصنع مسمار سيارة»! وواصل رئيس لجنة تعميق وتشجيع المنتج المحلي باتحاد الصناعات حديثه قائلًا: «ليس مطلوبًا تصنيع جميع أجزاء السيارة محليًا؛ فالشركات العالمية، مثل مرسيدس، لا تُصنّع كل المكونات بنفسها، بل تضع المواصفات وتُبرم التعاقدات مع مصانع قادرة على تنفيذها، ثم تُجري حملات تفتيش لضمان الجودة والالتزام بالمعايير». واعتبر بسيم يوسف أن الصناعات المغذية تمثل عنصرًا محوريًا في تطوير قطاع السيارات، منوهًا بأن جوهر هذه الصناعة يقوم على التكامل بين المصانع؛ فبعضها يُنتج الكراسي، وأخرى تُصنّع الفرش، وغيرها من المكونات، بما يُعزّز سلاسل الإمداد ويُقوّي الصناعة الرئيسية. تصنيع البطاريات الكهربائية.. خطوة نحو المستقبل وأشاد «يوسف» بالبدء في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية من خلال تجهيز مصانع لإنتاج بطاريات الليثيوم في مصر، لكنه أكد في الوقت نفسه أن دعم انتشار السيارات الكهربائية يتطلب تطوير البنية التحتية، عبر زيادة عدد نقاط ومحطات الشحن على مختلف الطرق وبمسافات متقاربة. مطالبات بزيادة عدد مصانع إطارات السيارات واعتبر الدكتور بسيم يوسف أن البدء المرتقب في تصنيع إطارات السيارات يُعد خطوة بالغة الأهمية، مقترحًا إنشاء ما لا يقل عن أربعة مصانع، نظرًا لعدم توافق أسعار الإطارات المتداولة في مصر مع الأسعار العالمية، وارتفاعها غير المبرر مقارنة بالسوق الخارجي، بحسب تصريحه. واختتم الدكتور بسيم يوسف، رئيس لجنة تعميق وتشجيع المنتج المحلي باتحاد الصناعات، حديثه بالتأكيد على أن توطين الصناعة يهدف إلى خفض فاتورة الاستيراد، وزيادة عدد المصانع، وخلق فرص عمل حقيقية ومستدامة، مؤكدًا أن مسؤولية تطوير الصناعة المحلية هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، و«المستهلك الذي ينبغي أن يدرك أهمية دعم المنتج المحلي وتقليل الاعتماد على المستورد».