■ كتبت: هاجر علاء عبدالوهاب حين يصبح التعبير أعمق من التشابه في الملامح الخارجية يأتى معرض «وجوه مألوفة» للفنانة شيماء رحيم الذي يستضيفه «جاليري ضي» بالمهندسين، حيث يفتح المعرض يفتح بابا واسعا للتأمل في الإنسان من خلال الوجه، تلك المساحة الصغيرة التي تخفى أعمق ما نشعر به. تقوم فكرة المعرض على تجربة بحثية طورتها الفنانة خلال السنوات الأخيرة، تجربة لا تكتفى برسم ملامح الأشخاص، بل تسعى للقبض على ما وراء هذه الملامح من طبقات الشعور ولحظات الضعف، وومضات القوة التى تظهر وتختفى بين العينين والفم وخطوط التعبير. وفى هذه التجربة، تمزج الفنانة بين ملامح شخصيات من الواقع وأخرى يعرفها الجمهور من الذاكرة العامة، ليس من أجل التشابه، بل من أجل إثارة سؤال خفى: لماذا تبدو مشاعر البشر متقاربة مهما اختلفت شهرتهم أو قصصهم؟. ◄ اقرأ أيضًا | حكايات| «مبدعون خالدون».. يستعيد ذاكرة مصر التشكيلية في هذا المعرض تبدو الوجوه كأنها تعود من زمن بعيد، بعضها يوقظ مشاهد عششت داخل الذاكرة لسنوات، وبعضها يمنح الجمهور إحساسًا بالانتماء، كأن هناك شيئًا مشتركًا بين المشاهد والشخصية التى يراها، حتى لو لم يعرفها معرفة حقيقية.. هذه المفارقة هى سرّ جاذبية الأعمال، فهى لا تعرض صورًا، بل حالات إنسانية مفتوحة يمكن لكل شخص أن يجد نفسه داخلها. ■ شيماء رحيم تعتمد شيماء رحيم على ألوان حية وتكوينات تعبّر عن انحيازها للحركة والانفعال، ضربات الفرشاة المتدفقة تجعل الوجوه نابضة، كأنها تتحرك بين الواقع والذاكرة فى الوقت نفسه. لذلك، لا يأتى أثر اللوحات من الشكل الخارجى، بل من تلك الطاقة الشعورية التى تتسلل للمشاهد دون مقدمات.. وتحمل الأعمال بصمت الخلفية الأكاديمية والنقدية للفنانة؛ فهى لا ترسم فقط، بل تدرس وتفكك وتحاول إعادة بناء العلاقة بين الإنسان وصورته. وهذا ما يجعل «وجوه مألوفة» محطة لافتة فى مسارها الفنى الذى يجمع بين الإبداع والخبرة والقدرة على قراءة الجمال الإنسانى بتفاصيله الدقيقة. في النهاية يقدم المعرض تجربة هادئة لكنها عميقة، تجربة تجعل المشاهد يتأمل وجها مرسوما، ثم يجد نفسه فجأة يرى جزءا من ذاته، وهذه هى قوة الفن حين يتحول من صورة إلى حكاية.