تحمل أعمال الفنانة الشابة شيماء عزيز عمقا فلسفيا ونفسيا من نوع خاص، عمقا يحملك علي تأمل أعمالها والتفكير فيها والنفاذ من خلالها لأعماقك من خلال المساحة المسطحة للوحاتها. ففي معرضها الأخير الذي أقامته الفنانة تحت عنوان "وجوه" بجاليري وكافيه "كافيين" بوسط البلد قدمت 31 بورتريه بالحبر الأسود والملون نفذتها في الفترة بين 2010 و2013، بين مدينتين هما بيروتوالقاهرة، وجوه قد تراها قريبة الشبه بأحد أصدقائك أو معارفك، أو ربما تجد فيها ملامح ونظرات تدعوك للتحاور معها وتجاوز إطار اللوحة الصغيرة. ولعل تلك الوجوه تنتمي لأشخاص قابلتهم الفنانة في حياتها ربما تكون أنت شخصيا واحد منها، أو تراكمات داخلية لملامح مطبوعة في وجدانها الفني تجد متنفسا لها علي الورق. وتعد تجربة رسم الوجوه من التجارب المتكررة التي رافقت شيماء في حياتها منذ دراستها بالكلية، حيث تخرجت منها لتقدم تجارب فنية جديدة ومتنوعة قبل أن تعود إليها، وقد قدمت الفنانة معرض وجوه الأول عام 2003 بمركز الجزيرة للفنون من خلال وسيط مختلف وباستخدام فحم وحبر أحمر تقول شيماء: إن الأمر يشبه رحلة البحث عن النفس البشرية .. كيف أري الغرباء وأري نفسي.. وكيف يري الناس بعضهم البعض. كنت أريد أن أعرف النفس البشرية وأتعرف علي نفسي ... كما أن نظرة العين تعبر عن روح كل شخص ... وتضيف شيماء : كنت كلما رسمت شخصا ما احتفظ بالملامح داخلي.. وعندما أعود من غير وجود هذا الشخص تخرج تلك الملامح مرة أخري .. أو ربما ما تبقي منها في الذاكرة لتمتزج بملامح أخري... كل وجه يحمل بداخله حكاية .. مألوفة كانت أو جديدة.. وكثيرا ما كانت شيماء تصمت أثناء الحديث حيث تشرد إلي عالمها الداخلي وكأنها تتأمل لوحة ما قبل أن تتحدث مرة أخري. ومن المحطات المهمة أيضا في حياة شيماء عزيز الفنية معرض "نساء بالأسود" الذي أقامته بزيكو هاوس ببيروت، حيث تناول المعرض فكرة اختفاء الجسد الأنثوي من الحياة في مصر وتغير نمط الملابس لتختفي المرأة تحت غطاء أسود ثقيل، وفي مجموعتها هذه اختفي الوجه لتتعامل شيماء مع جسد انساب الحبر الأسود عليه ليطمس معالمه . ومن التجارب الأخري التي قدمتها شيماء عزيز عبر مشوارها الفني معرض "الطيران فوق سماء القاهرة" الذي عرضت من خلاله أعمالها في مساحة أرت اللوا للفنون حيث قدمت مشروع مركب مكون من مجموعة رسوم نُفذت علي صور مطبوعة رقميا من "جوجل إيرث" لمدينة القاهرة، حيث يصبح الجو كثيفا كالماء بحيث يستطيع المحبون الطفو عليه، وقد استعملت الفنانة ألوان الباستيل لتصوير الغبار المعلق بالهواء، وقد عبرت شيماء عن فكرة هجر المحبون الأرض لما بها من كبت ، لفضاء يمكنهم من التعبير عن أنفسهم بلا حدود، وهناك في السماء لا يوجد ازدحام مروري أو تلوث أو إصدار أحكام أو كبت اجتماعي ، هناك في تلك السماء الملونة الخالية من النجوم، يمكنهم فقط البقاء. ويعتبر معرض "وجوه" هو المعرض الرابع الذي يستضيفه "كافيين" وهو مقهي بوسط البلد ، وعن تجربة العرض في كافيه تقول شيماء عزيز: كافيين مكان محبب، يمكنك من خلاله التفاعل مع جمهور مختلف عن جمهور القاعات، وبنقل الفن التشكيلي إلي المقهي يمكن بناء علاقة مباشرة مع أشخاص مختلفين وهنا تتاح الفرصة للفنان للتفاعل مع جمهور أوسع. وشيماء عزيز فنانة تمزج في أعمالها بين الفنون الجميلة بشكلها التقليدي وفنون الميديا. ولدت في مدينة أسيوط عام 1981 وتخرجت من كلية الفنون الجميلة بالأقصر عام 2004 ، وتعيش وتعمل بالقاهرة . عرضت أعمالها داخل وخارج مصر في معارض ومهرجانات دولية ومحلية من ضمنها بيروت وبرلين ومارسيليا وسالونيكا وتيرني. كما تشمل خبرات شيماء الفنية العمل بمجال الرسوم المتحركة.