■ كتبت: هاجر علاء عبدالوهاب قدمت الفنانة أسماء سامي معرضها الأخير «الظل الأخضر»، وهو تجربة فنية تبدو كأنها دعوة هادئة للبحث عن المساحة الداخلية التي ننسى وجودها وسط سرعة الحياة. في هذا المعرض لا تقدّم الفنانة الواقع بشكل مباشر، ولا تفلت منه تمامًا، بل تعيد تشكيله بخطوط واسعة وملامح مخففة تجعل المتلقى يشعر أنه أمام حكايات صامتة، لا تقال بالكلمات بل تُقرأ بالتأمل. اللوحات تبدو كأنها تستعيد ما يسقط منا دون أن ننتبه، نظرة تستقر فى الذاكرة، لحظة انتظار، ظل يتحرك على الجدار، أو شعور ظل معلقا فى القلب سنوات طويلة، الشخصيات مرسومة بأسلوب يوازن بين الوضوح والغموض، أجساد تتشكل فى مساحات هادئة، ووجوه يشبه حضورها أثر خطوة قديمة أكثر مما يشبه صورة ثابتة، الزمن داخل اللوحات يتحرك ببطء، وكأن الفنانة تمنحه فرصة ليلتقط أنفاسه كى نلتقط نحن أنفاسنا. ◄ اقرأ أيضًا | بمشاركة فنانين من 14 دولة.. انطلاق الدورة 18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير تستخدم أسماء سامي ألوان الأكريليك فى أعمال كبيرة الحجم، وتجعل التجريد ينساب بخفة حول تفاصيل الجسد دون أن يبتعد عنه، كل لوحة تشبه مزيجا بين الحلم والواقع، وبين الخط المستقيم والفكرة الهاربة. ورغم أن الخطوط تبدو عفوية، إلا أن خلفها معرفة دقيقة ببناء الشكل والمساحة، ما يجعل العمل متزنا وإن بدا تلقائيا، هذا التوازن يمنح المعرض روحا ناعمة ومختلفة، لا تعتمد على الصدمة البصرية، بل على الإحساس الهادئ الذى يتسرب إلى المتلقى بلا مقاومة. ■ الفنانة أسماء سامي المرأة هى الحضور الأقوى فى أعمال المعرض، ليست امرأة واحدة ولا صورة مثالية، بل مجموعة حالات إنسانية تتراوح بين الأم التى تخبِّئ قوتها خلف نظرة ساكنة، والزوجة التى تحمل فى داخلها رسائل مؤجلة، والأخت التى تعرف تفاصيل البيت من دون أن تقولها، والمعلمة التى تختزن قصصا لا تُروى، والمرأة التى تقف أمام نفسها فى لحظة مواجهة صادقة، تظهر جميع هذه الحالات وكأنها انعكاسات لحياة لا تظهر على السطح، لكنها تسكن فى الداخل وتكوِّن طبقات الشعور التى نحملها معنا طوال العمر.