صدمتنى كمية المتناقضات التى ألقت بها أمواج مصاطب السوشيال ميديا على خلفية الحادث الأليم بوفاة السباح الناشئ يوسف محمد أحد أبناء نادى الزهور العريق والفقيد الغالى الذى أفجعنا فراقه ونسأل المولى عز وجل أن يتغمده برحمته ويربط على قلب أسرته ويلهمهم الصبر الجميل. جسدت حادثة يوسف شأن غيرها من الحوادث التى يمر بها المجتمع مدى خطورة المعلومات المغلوطة التى يتناولها البعض دون ضمير عبر منصات وصفحات التواصل الاجتماعى مجهولة المصدر والتى باتت تهدد استقرار المجتمع وتشيع الفوضى؛ فهم يقولون المعلومة وبعد قليل نكتشف ضدها والمثال لا الحصر: قالوا إن السباح الناشئ فارق الحياة تحت المياه واستمر نحو 10 دقائق والحقيقة طبقًا للتقرير الطبى الرسمى الصادر من المستشفى أن السباح تم إخراجه بعد دقائق وتم نقله بسيارة الإسعاف بعد وضع جهاز الصدمات على صدره إلى مستشفى دار الفؤاد بمدينة نصر ووصل إلى هناك الساعة السادسة وعشرة دقائق وظل الفريق الطبى فى محاولاتٍ متتالية لإنعاشه واستفاقته.. ولكن عضلة قلبه توقفت وفارق الحياة فى تمام الساعة العاشرة مساء أى بعد نحو 4 ساعات من وصوله إلى المستشفى؛ وقالوا لم يكن هناك منقذون والحقيقة التى رصدتها الكاميرات أن حمام السباحة كان محاطًا بثمانية منقذين؛ وقالوا إن الفقيد الغالى وحيد وجاء بعد 11 سنة فى محاولة للعب بمشاعر الناس ثم تفاجأنا بشقيقته تدلى بحوار لايف مع موقع «بصراحة»؛ ثم أشاعوا أن اتحاد السباحة اتهم السباح بتناول المنشطات ثم جاء النفى بعد لحظات على لسان مصدر مسئول بالاتحاد، مؤكدًا أن ما تردد بشأن المنشطات عار تماماً من الصحة، مشدداً على ضرورة تحرى الدقة فى نقل مثل هذه المعلومات المغلوطة التى تثير القلاقل وتشيع الفوضى. لست ضد تداول المعلومات ونشرها.. ولكن كل ما أتمناه أن تكون المعلومات حقيقية دون تهويل ودون تشكيك خاصة عندما يتعلق الموضوع بأمور تمس الرأى العام أو قضايا تمس القلوب والعقول معاً مثل «الموت» وهنا نقف جميعاً إجلالاً وتعظيماً وتسليماً لقول رب العزة فى محكم آياته: «أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ».. لأن كلامه عز وجل هو حق وعدل وصدق ولا راد لقضائه؛ فلا حيلة فى مصيبة الموت؛ ولذلك فإننى أتعجب من هؤلاء النوعية من البشر الانتهازيين ومن على شاكلتهم ممن يتاجرون بمشاهد الموت ويأخذون من لحظاتها الصعبة والقاسية ما يحققون به مكاسب شخصية؛ بل وتجد بعضهم يؤوله نفسه ويطلق رصاصاته باتهامه ذلك وقصفه آخر دون وجه حق.. لابد أن يتوقف هؤلاء القلة ممن يتحدثون عم لا يعلمون ويقولون ما لا يفعلون دون تضخيم ودون تهويل مع التأكيد مراراً وتكراراً على أن رحيل فقيد السباحة أفجعنا جميعاً وعلينا أيضاً أن نضع فى الاعتبار ما يحدث فى الدول الأخرى لأننا جزء من هذا العالم؛ فهناك وقائع مشابهة وربما أشد قسوة أصابت سباحين عالميين ولم يحدث حالات التهويل والتشكيك والتأله والفوضى التى يشهدها وسطنا بسبب هؤلاء القلة وإليكم بعض النماذج: عبد الوارث كريمى «أفغانستان»: غرق خلال مشاركته فى سباق 50 متر سباحة فى بطولة جامعات العالم فى روسيا عام 2023.. وألكسندر ديل أوين (النرويج): توفى عن عمر يناهز 26 عامًا بسبب توقف وظائف القلب أثناء معسكر تدريبى فى أريزونا، وكان بطل عالم فى سباحة الصدر، وحاصلًا على ذهبية العالم فى شنغهاى.. والبطل فران كريبن «الولاياتالمتحدةالأمريكية»: توفى عن عمر يناهز 26 عامًا غرقًا أثناء مشاركته فى بطولة العالم للسباحة فى المياه المفتوحة بالإمارات 2010 وكان قد حصل على برونزية العالم لسباق 10 كيلومترات فى روما 2009، وبرونزية سباق 5 كيلومترات فى كندا. خلاصة القول؛ الناشئ يوسف محمد وغيره من هؤلاء السباحين العالميين الأبطال خطفهم طائر الموت وسط مئات من أعين الجماهير وأولياء الأمور والمنقذين والمتسابقين والحكام والأطباء وفراقهم كان مؤلمًا.. وآخرون يتعرضون لنفس مواقفهم ويكونون فرادى ومع ذلك يعودون إلى الحياة دون مساعدة، لأن قضاء الله وقدره نافذ ولا راد لقضاء الله.