لم تكن «سُفانة الباهى» تتوقع أن تتحول تجربة بسيطة فى «ابتدائى» أثناء حصة الرسم، إلى شغف يستمر معها لسنوات، احتفظت بأدوات الحرق على الخشب طوال فترة الدراسة، قبل أن تعود إليها بعد التخرج عام 2014 وتطلق مشروعها «كُليمات»، وتكتشف أن الخشب قادر على أن يصبح مساحة صادقة للتعبير، وأن أثر النار على سطحه يحمل رسائل ومشاعر تتجاوز حدود المادة.. تقول سُفانة: «اللحظة الفاصلة جاءت حين بدأت أتأمل تجزيعات الخشب الطبيعى، وكأنها تتحرك، وأتابع ما يكشفه الخشب من أشكال غير متوقعة، تتغير بتغير نوعه وتجزيعاته وحالتى النفسية أثناء العمل، ومن هنا ولدت علاقتى المختلفة بالخشب، الذى أراه مادة حية قادمة من الأرض، تمنحنى شعورًا بالهدوء والعودة إلى أصل الأشياء، وكل قطعة خشب فريدة بذاتها، حتى إذا خرجت من الشجرة نفسها». وعن مراحل التنفيذ تقول: «قبل أن أبدأ يجب أن تكون القطعة جافة تمامًا وغير مدهونة، ثم تنظف وتصنفر ناعمًا لتصبح جاهزة، وأستوحى أفكار الرسومات والجمل من يومى العادى وما أراه وأسمعه وأشعر به.. أحيانًا أبحث عن فكرة تخدم معنى معينًا، وأحيانًا يكون شكل القطعة هو مصدر الإلهام، وفى كثير من الأوقات تأتى الجمل من طلبات العملاء.. أفضل الجمع بين الرسم والكلمة فى التصميم الواحد، لأن الرسم يسمح بتطبيق تقنيات الحرق، والكتابة فرصة لنقل فكرة أو شىء أؤمن به أو أثر أرغب فى وصوله». وعن وقت التنفيذ تشرح سفانة: «كل قطعة تختلف عن الأخرى، فهو يبدأ من خمس دقائق وقد يمتد إلى أيام أو حتى شهور، وفقًا لحجم الخشب وطبيعته وشكل التصميم.. تعتبر مرحلة تجهيز الخشب هى الأصعب بالنسبة لى، لأنها تحدد جودة النتيجة، أما أثناء التنفيذ، فهناك دائمًا علاقة تنشأ بين التصميم والقطعة نفسها، وقد يتغير الشكل المبدئى ليتناسب مع «روح الخشبة»، وأحرص دائمًا على تجنب الدهانات والألوان لإبراز طبيعة الخشب، وأركز على خلق شعور بالراحة عبر الحرق البطىء ورسومات الحيوانات والمناظر الطبيعية، التى تدعو للتأمل، وأحرص على تصوير بعض خطوات العمل ومشاركتها لأنها تمنح المتابعين إحساسًا بسلام اللحظة». شاركت فى عدد من المعارض، وترى أن هذه المشاركات مهمة لأنها تمنح الفنان فرصة لسماع آراء الناس مباشرة، ومعرفة ما يحتاج إلى تطوير، كما أنها تسهم فى تعريف الجمهور بفن الحرق اليدوى، الذى تعتبره حرفة وفنًا تراثيًا ما زال غير منتشر بالقدر الكافى. سُفانة، 34 عامًا، تخرجت فى كلية الصيدلة وتعمل فى الترجمة العلمية، إلى جانب تخصصها فى الحرق اليدوى وإدارة مشروعها، وما زالت تتعلم الرسم، وتركز بشكل أساسى على تطوير مشروعها الفنى. إيثار حمدى