فى صمت عجيب حقا مرت ذكرى ميلاده ورحيله اللذين يجمعهما شهر واحد هو نوفمبر، ولا أدرى لماذا لم ينتبه الضمير الأدبى إلى تلك المناسبة الجديرة بالالتفات إليها، والفرصة التى لاحت للاحتفاء بأحد مبدعينا الأفذاذ الذى ظلم حيا، ويريد البعض أن يستمر هذا الظلم بعد رحيله، فمنجز الشاعر الفارق والروائى الفائق، والكاتب المسرحى السامق، عبد الرحمن الشرقاوى يؤهله إلى ارتقاء مكانة الحضور الدائم فى أدبنا العربى، ويرفعه إلى مرتبة المستعصين على النسيان، وأثر واحد من روائعه مثل ملحمة «الأرض» كفيل بحفر اسمه فى سجل الخالدين، وكم نحتاج الآن إلى تمثل طرحه المنتمى المخلص فى تلك الملحمة الملهمة لأجيال تهب عليها الأعاصير، وتحوم حولها جوارح الخوارج، وأتساءل: كيف غفل بناة الوعى عن استدعاء ذلك النموذج المضىء فى هذا الظرف الملح؟ أم أنهم مشغولون بأمور أخرى؟ وأعلم أن «الشرقاوى» كان شخصية معرض الكتاب فى دورة 2018، ولكن أليس نموذجه ساطعا باعتباره صاحب الأرض، والصوت الصداح بالصورة النقية للدين الخاتم فى مواجهة الإخوان المتأسلمين المنحطين، وسائر الخوارج المجرمين، إلى جانب انه يمثل إحدى المحطات البارزة فى مسيرة المسرح الشعرى العربى، وللأسف يضيق المقام عن الاسترسال فى تذكر علامات إبداعه الخالدة، شعرا ومسرحا، وسردا، وفنا قصصيا، ولكن حسبنا أن ننبه إلى أن «الشرقاوى» وسائر مفكرينا ومبدعينا الأفذاذ جديرون بأن نتذكرهم دائما، ونستحضر بصماتهم فى كل حين، لمواجهة طوفان الأوهام وسيل أكاذيب الظلام.