قائمة لا تنتهى من العادات السيئة التى تغص بها الشوارع الخلفية، والتى تحول حياة سكانها إلى جحيم لا يطاق، فعادة «التسول» السيئة تتحدى الزمن وتواصل مسيرتها عبر الأجيال مستغلة تعاطف الناس لتكوين الثروات بأسهل وأسرع وسيلة ودون أى جهد، وما يشير إلى تغول الظاهرة قيام الأجهزة الأمنية بضبط أكثر من 12 ألف متسول، خلال شهر واحد، والأعجب أن تتصدر «العاصمة» الظاهرة. اقرأ أيضًا| ضبط عصابة التسول بالقليوبية.. 17 شخصًا بينهم 8 سيدات في قبضة الأمن خاصة فى الأماكن السياحية، وهو ما يقتضى تحركاً عاجلاً لبحث سبل مكافحة تلك الظاهرة، وتعديل القانون لتغليظ العقوبات على المتسولين، أما عن ظاهرة «السايس». اقرأ أيضًا| ضبط 10 متهمين لاستغلال الأطفال في التسول بالإكراه فعلى الرغم من كل الجراجات الحديثة التى أقامتها الدولة فى كافة المناطق، فمازال الرجل يفرض سطوته ونفوذه فى أماكن عمله بإتاوات مضاعفة وبلطجة وترويع لملاك السيارات مع فرض أسعار غير منطقية، وهو ما يتطلب ردعاً وحزماً من المحليات لمواجهة هذه الظاهرة، وأخيراً وليس آخراً. انضم أحدث المواليد لقائمة «المزعجين» وهو «الإسكوتر»، الذى أطلق لنفسه العنان فى الأحياء الشعبية منافساً قوياً للتوك توك بساعة واحدة بقيمة 100 جنيه، ما يجعله مورداً جديداً للرزق، ساهم فى انتشاره بسرعة البرق .. «الأخبار» تفتح ملفات المخالفات والظواهر الغريبة والضارة فى الشارع المصرى لمكافحتها وحماية المواطنين من تلك المخالفات والبدء فى وضع الحلول المناسبة لمواجهتها. «السايس» .. امبراطورية لاتغيب عنها الشمس مواطنون: يفرضون أسعاراً غير منطقية.. ومجبرون على الدفع خبراء: تفعيل دور المحليات وعودة الحملات الأمنية بداية الحل يحتلون الطرقات والشوارع، ويتخذون الأرصفة ملكًا خاصًا بهم، وكأنها إرث تناقلته الأجيال.. لا يمتهنون عملًا سوى فرض الإتاوات على جيوب المواطنين دون وجه حق .. يستغلون البلطجة تارة، وأساليب التسول تارة أخرى، لتحصيل ما لا يستحقونه.. يظهرون فجأة وفى لمح البصر ما إن يرونك تحاول ركن سيارتك، ولا يرتضون بديلاً عن «البقشيش» المزعوم.. إنهم «السيّاس»، كابوس الانتظار وسماسرة الرصيف، الذى حولوا حلم العثور على مكان للركنة إلى واقع مرير لا يطاق، ليتسببوا فى فوضى «الركنة» .. «الأخبار» فى السطور التالية تنقل صرخات المواطنين المتضررين من هذه الكارثة المتنقلة، وتستعرض آراء الخبراء للوصول إلى أسباب هذه الظاهرة ووضع الروشتة الصحيحة لعلاجها بهدف اقتلاعها من جذورها، أزمة «السيّاس» أصبحت كابوسًا يعانى منه أصحاب السيارات. ويشير إلى أنه للأسف، فإن هؤلاء الأشخاص يعرفون أنه لا أحد سيردعهم، لذا فإن أصحاب السيارات يجدون أنفسهم مجبرين على دفع هذه الإتاوات تحت تهديد البلطجة التى يتعرضون لها منهم من جانبه، يشير أسامة محمد، موظف، إلى أن استمرار ظاهرة «السيّاس» دون ردع يعد «استنزافًا حقيقيًا للرواتب»، خاصةً أنهم أصبحوا الآن يتسمون بالجشع الشديد فى السعر الذى يفرضونه على أصحاب السيارات دون النظر لأحوال هؤلاء الأشخاص، والتى قد تكون «على أد الإيد» وفق وصفه. ويوضح أنهم فى البداية يتعاملون بأسلوب التسول أو الاستعطاف، وإذا ما وجدوا عدم استجابة منك، يظهرون وجههم الآخر الذى يتسم بالبلطجة والعنف والتهديد والوعيد الذى يجعلك فى النهاية ترضخ لهم، ناهيك عن أنهم فى بعض الأحيان يطلب هؤلاء الأشخاص مبالغ إضافية بحجة تأمين السيارة، وإذا رفضت الدفع، تتعرض للمضايقات والتهديدات واصفاً الأمر أن أصحاب السيارات أصبحوا بمثابة رهائن لهم. ويلتقط هشام الشيخ، صاحب مطعم، قائلًا إن المشكلة لها وجهان الأول يعد معاناة كبيرة بالتأكيد، ويعانى منها الكثيرون وفى مقدمتهم هو شخصياً ، خاصةً مع زبائنه الذين يواجهون صعوبة فى إيجاد أماكن لركن سياراتهم، وهذا يؤثر سلبًا على حركة البيع والشراء. لذا، فإن الكثيرين يفضلون الذهاب إلى أماكن أخرى تتوفر فيها مواقف للسيارات بسهولة. ويضيف أما الوجه الآخر، فإن هؤلاء 'السيّاس' فى بعض الأحيان مفيدون، خاصةً فى عمليات التنظيم المؤقت لحركة السيارات، وذلك فى ظل غياب تام لأى تنظيم رسمي، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى استغلال هؤلاء الأشخاص للوضع وفرض أسعار مبالغ فيها أما الخبراء، فأكدوا أن هذه الظاهرة تحولت إلى «كابوس» و«كارثة» تهدد أمن وسلامة المواطنين وتستنزف رواتبهم، فضلًا عن كونها مرتعًا للخارجين عن القانون وإهدارًا محتملًا لأموال الدولة، وأشاروا إلى أن عدم التصدى لهذه الكارثة قد يؤدى إلى خلل فى الانضباط المجتمعى وتفشى ظاهرة الاستسهال لدى المواطنين. وأيضًا سعى البعض إلى العمل فى هذه المهنة التى وصفوها بأنها «مهنة من لا مهنة له». كما أن استمرارها يعنى تفشى ظاهرة الفوضى والعنف التى قد تنتشر بين المواطنين والسيّاس نتيجة رفض الأول دفع الإتاوة للثاني، ويرى الخبراء أن الحل يبدأ أولًا بالردع والحزم وفرض الانضباط وقيام المحليات بدورها فى نشر النظام، وأيضًا أن تعود الحملات على الطرقات لمنع هذه الظاهرة، على أن تتزامن هذه الخطوات مع التوسع فى إنشاء أماكن للانتظار ويقول اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن ظاهرة «السيّاس» تنتشر بكثرة فى نطاق القاهرة الكبرى بشقيها: محافظة القاهرة والجيزة، وكذلك فى محافظة الإسكندرية، حيث الكثافة السكانية الكبيرة التى يجد فيها هؤلاء الأشخاص ملاذًا آمنًا لفرض هذا الأسلوب غير المقبول ويشير إلى أن ثقافة الاستسهال والرغبة فى الكسب السريع دون مجهود وراء انتشار هذه الظاهرة الخطيرة، والتى للأسف يستغلها بعض الخارجين عن القانون لفرض بلطجتهم على المواطنين لدفع مقابل الركنة، إلى جانب هذا الأمر، هناك خلل فى إدارة المحليات لهذا الملف، ونتيجة لهذا الخلل، هناك فراغ كبير يستغله هؤلاء الأشخاص فى التوسع فى بسط نفوذهم على الطرقات وتحصيل مبالغ لا حق لهم بها. ويوضح المقرحى أن الحل يكمن فى العودة إلى ما كان معمولًا به سابقًا بإصدار تراخيص للسيّاس الرسميين، على أن يقوموا بتعليق بادج على الذراع بعد الكشف الأمنى عليهم وعلى سلوكياتهم. كما أنه يجب توزيع نشرة بالأماكن الرسمية التى يستطيع المواطن ركن سيارته بها، وأن تكون هناك لافتة توضح التسعيرة والأماكن المخصصة للانتظار، بالإضافة إلى ذلك، يجب على صفحات التواصل الاجتماعى الخاصة بالمحليات نشر هذه النشرة على صفحاتها حتى يعرف المواطن هذه الأماكن، وبذلك نتمكن من الحد من هذه الظاهرة. حل جذرى يؤكد اللواء دكتور أيمن الضبع، الخبير الأمنى ورئيس لجنة النقل والمرور بنقابة المهندسين، أن استمرار مشكلة «السيّاس» وعدم التصدى لها منذ البداية أدى إلى تفاقمها، وأصبحت كارثة بكل المقاييس و علينا أن نُسرع فى الحد منها وإيجاد حل جذرى لها، خاصة وأن استمرارها يعنى مزيدًا من المشاكل التى لا يُحمد عقباها ويشير إلى أن المتهم الرئيسى فى تفشى هذه الظاهرة هو عدم وجود أماكن انتظار وجراجات مُخطط لها فى الامتداد العمرانى منذ البداية، حتى يستطيع المواطن على الأقل أن يعرف ما له وما عليه والأماكن المخصصة للانتظار. ويوضح أن «السيّاس» ظاهرة قائمة على الاستغلال والابتزاز عن طريق قيام المرتزقة ومنعدمى الضمير الذين يستغلون حاجة المواطنين لإيقاف سياراتهم سريعًا لقضاء حاجتهم، ليظهر لهم فجأة هؤلاء الأشخاص بطريقة أو بأخرى وكأنهم يملكون الحل السحرى لركن سياراتهم. سيطرة على الشارع وتوضح د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن هناك مهنتين مُجرَّمتين للأسف، وتواجدهما فى الشارع المصرى ملحوظ وموجود بشدة، وهما التسول و«السياس»، واللذين- للأسف أيضًا- يتحصلان على أموال تفوق ما يتحصل عليه كبار الموظفين فى الدولة.. وتحذر منصور من استمرار هذه الظاهرة دون إيجاد حل جذرى لها، خاصة أن استمرارها سيؤدى إلى نشر ثقافة الاستسهال بين الجميع وإقبال الكثيرين للعمل فى مثل هذه الأعمال المخالفة رغبة منهم فى الحصول على المكسب السريع دون عناء. وترى أن الحل لهذه المشكلة يحتاج إلى الانضباط فى المنظومة ككل، وأن تكون هناك أماكن واضحة ورسمية مُعلنة للمواطنين لترك سياراتهم بها، وأن يعى المواطن أنه يجب أن يكون حائط الصد الأول لهذه الظاهرة. الانضباط المجتمعى مطلوب ويشير د. سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إلى أن ترك الشارع بدون انضباط وردع هو السبب الرئيسى فى تفشى هذه الظاهرة واستمرارها.. ويضيف أن الكارثة تكمن فى أن هؤلاء الأشخاص يتعاملون على أن «السائس» مهنة، ويتعاملون مع المواطنين وفقًا لهذا الأمر، ناهيك عن أنهم وضعوا لأنفسهم إطارًا من البلطجة ينظم عمل هذه «المهنة» وفق تصورهم، بالإضافة إلى أنهم يرون أن الإتاوة التى يفرضونها حق مكتسب، وعلى المواطن أن ينصاع لها وأن يكون مغلوبًا على أمره، وللأسف ينجحون فى ذلك نتاج خوف المواطنين من التعرض لأى تعد. ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسى أن الحل يكمن فى فرض عقوبات رادعة على هؤلاء الأشخاص، وأيضًا يجب عودة الحملات المستمرة على الشوارع، وأن يتواجد نظام واضح للإبلاغ عن هذه الظاهرة أو أى شخص يحاول البلطجة مدعيًا أنه «سائس».