بينما يغرق وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث في دوامة من الفضائح والجدل، يبرز اسم دان دريسكول وزير الجيش البالغ 38 عاماً كأقوى مرشح لخلافته، في ظل ثقة متزايدة من البيت الأبيض وعلاقة وثيقة تربطه بنائب الرئيس جي دي فانس. مبعوث ترامب الخاص إلى كييف ومكانة متصاعدة كشفت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية أن دريسكول أصبح أرفع مسؤول في إدارة ترامب يزور أوكرانيا، حيث التقى الرئيس فولوديمير زيلينسكي وقدم له خطة واشنطن المكونة من 28 نقطة لإنهاء الحرب. وأشارت الصحيفة إلى أن اختياره لهذه المهمة الحساسة يعكس مكانته المتصاعدة في الوقت الذي تتراجع فيه شعبية هيجسيث، خاصة أن مصادر أكدت لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن الثقة في هيجسيث لإيصال هذه الرسائل للقادة الرئيسيين محدودة، بينما هناك ثقة أكبر في دان للقيام بذلك. من جامعة ييل إلى البيت الأبيض تعود علاقة دريسكول بنائب الرئيس فانس إلى عام 2011 في كلية الحقوق بجامعة ييل، عندما كان فانس طالباً في السنة الثانية ودريسكول في الأولى. وفي حوار إذاعي، استعاد دريسكول ذكرى لقائهما الأول حين جمع فانس، الذي كان محارباً سابقاً في مشاة البحرية، مجموعة من الطلاب المحاربين القدامى حول مائدة بيتزا ليرشدهم في رحلتهم الأكاديمية الجديدة، مؤكداً لهم أن انقطاعهم عن الدراسة لن يكون عائقاً. يجمع بين الرجلين أكثر من صداقة، إذ يمتلك كلاهما أصولاً مشتركة من منطقة الأبلاش وتجربة قتالية في العراق، ثم طموحاً أكاديمياً قادهما إلى ييل، قبل أن يقفا اليوم معاً في قلب السلطة بإدارة ترامب. بعد تخرجه من ييل عام 2014، عمل دريسكول في مجال رأس المال الاستثماري قبل أن يخوض تجربة سياسية فاشلة عام 2020 حين ترشح لمقعد في الكونجرس بولاية كارولينا الشمالية، وهي تجربة يعترف بأنه تلقى فيها ضربة قاسية. لكن اللحظة الفارقة جاءت في صيف 2024 حين رنّ هاتفه أثناء عطلته في زيوريخ ليسمع صوت صديقه فانس يخبره بترشحه لمنصب نائب الرئيس. لم يتردد دريسكول لحظة، فقفز على أول طائرة متجهة إلى المؤتمر الوطني الجمهوري في ويسكونسن، واضطر للتسوق على عجل لشراء بدلة وصفها لاحقاً بأنها كانت سيئة المظهر لدرجة أن أحد مقربي ترامب نصحه بالتخلص منها. تلك كانت بداية صعوده السريع من مستشار لفانس إلى قيادة الجيش الأمريكي. جذور عسكرية و"رجل الطائرات المسيّرة" نشأ دريسكول في أسرة عسكرية بمدينة بون في جبال كارولينا الشمالية، حيث خدم والده في مشاة الجيش بحرب فيتناموجده في الحرب العالمية الثانية. وعندما بلغ 18 عاماً قرر ألا يفوت "حرب جيله"، فالتحق بالتدريب العسكري في سبتمبر 2007 وانتشر في العراق خلال فترة زيادة القوات الأمريكية. يتذكر دريسكول قائلاً إنه لا يريد أن يكون الشخص الذي يظل جالساً عندما يُطلب من المحاربين القدامى الوقوف في حدث ما. يصف الرئيس ترامب دريسكول ب"رجل الطائرات المسيّرة" لدوره في تحديث القوات الأمريكية بالتقنية العسكرية والابتعاد عن الأنظمة الثقيلة القديمة، إذ يقود حالياً جهود مكافحة الطائرات المسيّرة في البنتاجون. وبحسب "ذا تليجراف"، ركز دريسكول على إصلاح نظام المشتريات العسكرية والاستفادة من دروس الحرب الأوكرانية التي يصفها بأنها "وادي السيليكون للحروب". ويصفه دائماً أعضاء الكونجرس، وفق الصحيفة البريطانية، بأنه مزيج من واعظ معمداني جنوبي ومتطرف مصمم على هدم الهيكل، في إشارة إلى عزمه على إحداث تغيير جذري. النقيض التام لهيجسيث في الوقت الذي يعاني فيه البنتاجون تحت قيادة هيجسيث الذي أقال عشرات الجنرالات والأدميرالات وكبار المساعدين وتورط في فضيحة "سيجنال جيت" عندما سرّب عن طريق الخطأ خططاً عسكرية لصحفي، تمكن دريسكول من تجنب الجدل والتركيز على عمله. نقلت "ذا تليجراف" عن مسؤول سابق رفيع في البيت الأبيض قوله إن دان دريسكول نقيض بيت هيجسيث تماماً، إذ إنه جاد وذكي ويتمتع بثقة البيت الأبيض، ورجل مجتهد وليس استعراضياً ويحقق نتائج كبيرة للرئيس في كل ما يفعله، مضيفاً أنه بعد عام من الدراما المستمرة في البنتاجون، فإن أسلوب دان في القيادة الهادئة والفعالة هو بالضبط ما يبحث عنه الرئيس ترامب. رغم أن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت نفت تقريراً لشبكة سي إن إن عن استعداد ترامب لإعادة تشكيل حكومته بعد عام من توليه المنصب، إلا أن التكهنات حول استبدال هيجسيث تتصاعد، خاصة مع اقتراب صدور تقرير داخلي عن دوره في فضيحة "سيجنال جيت". من جانبه، نفى شون بارنيل المتحدث باسم البنتاجون هذه التكهنات قائلاً إن هذه الرواية أخبار مزيفة وأن الوزير بنى فريقاً متميزاً في وزارة الدفاع. لكن تشير "ذا تليجراف" إلى أن مسيرة دريسكول من جندي إلى طالب قانون إلى رجل أعمال ثم وزير للجيش و"رجل الطائرات المسيّرة" لترامب، تجعل منصب وزير الدفاع محطته القادمة المحتملة.