صوت المسجد الأقصى لا يزال يُشخص أبصار من احتلوا القدس بغير حقٍ، وخطيبٌ على منبر القبلة الأولى للمسلمين يواجه المنع من دخول الحرم القدسي والملاحقة والمحاكمة، التي فيها موازين القضاء راجحة بكفة الأوراق الملفقة، أما العدالة العمياء فهي لا تُبصر عندها إلا لتغض الطرف عن الحق، وقلما تُنصفه. شيخٌ قعيدٌ بلغ من العمر أرذله لم يسلم من ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي دون أن تعبأ سلطاته بمكانته الدينية ومنزلته لدى المسلمين في فلسطين بشكل عام والمقدسيين بشكلٍ خاص. وهو على كرسي متحرك يطأ من خلاله أرض المحكمة، وهو في عمر ال87 عامًا، يقول الشيخ عكرمة صبري إن محاكمته تندرج على أساليب غير قانونية مرفوضة تهدف إلى إسكات الصوت الذي يعارض اقتحامات اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى. وقد عقدت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس، أول أمس الثلاثاء، أولى جلسات محاكمة الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، في ملاحقة جديدة اعتاد أن تطاله من سلطات الاحتلال الإسرائيلي. ووفقًا لبيان صدر عن طاقم الدفاع عن خطيب الأقصى، حصلت "بوابة أخبار اليوم" على نسخةٍ منه، فإن لائحة الاتهام التي تقدمت بها النيابة العامة الإسرائيلية ضد الشيخ عكرمة صبري تضمنت توجيه تهمة "التحريض على الإرهاب"، على خلفية كلمتي تعزية ألقاهما الشيخ عكرمة في بيتيْ عزاء عدي التميمي ورائد خازم في مخيميْ شعفاط وجنين في عام 2022، إضافةً إلى تهمة ثالثة تتعلق بنعي قائد حركة حماس إسماعيل هنية في خطبة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك. اقرأ أيضًا: حوار| خطيب الأقصى: بن غفير والمتطرفون هدفهم فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد تهم مفبركة وفي غضون ذلك، يسرد خالد زبارقة، محامي خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري، تفاصيل تأجيل قضية محاكمة خطيب الأقصى والدفوعات التي يستند عليها طاقم الدفاع عنه في المحاكمة، قائلًا: «سبب التأجيل أنه حتى الآن لم نستكمل الإجراءات القضائية الأولية قبل الدخول إلى جوهر القضية». وأردف قائلًا: «وخلال جلسة المحاكمة كان لنا طلب من المحكمة لأمر النيابة بتحويل ملفات ومستندات لم تحول لنا حتى يتم الرد على التهم المفبركة التي وُجهت للشيخ عكرمة صبري». وتابع قائلًا: «بالعموم نقول أن الشيخ لم يقم بأي مخالفة قانونية، وما قام به وما تلفظ به هو جزء من حقه في التعبير عن الرأي وتعبير عن فهمه الدين الإسلامي للمجتمع الفلسطيني». لائحة اتهامات «مدفوعة» ويشير زبارقة، خلال تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، إلى أن لائحة الاتهامات ضد خطيب الأقصى مدفوعة من الجماعات اليهودية المتطرفة، التي تستعمل نفوذها من أجل ملاحقة الشيخ عكرمة صبري، مؤكدًا أن الملاحقة هنا ملاحقة سياسية من منطلق عنصري وأيضًا ملاحقة دينية وفكرية. ويواصل حديثه قائلًا: "نحن لدينا الكثير من الدفوعات التي يمكن أن نسوقها في سياق الجلسات، ونحن نعتقد أنه يُمنع المساس بالرموز الدينية الإسلامية في مدينة القدس بسبب خطابهم الديني والترحم على الشهداء ومواسلة أهاليهم وتعزيتهم.. هذا جزء من ديننا الحنيف وهذا جزء من عادتنا الفلسطينية الأصيلة". وحول موعد جلسة المحاكمة الجديدة للشيخ عكرمة صبري في محكمة الصلح، أشار محاميه إلى أنها ستكون في 26 يناير/ كانون الأول من العام المقبل. تدخل في الشؤون الدينية ومن جهته، يعتبر حمدي زغير، عضو الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، أن ما حدث مع الشيخ عكرمة صبري هو أمر فظّ غير مقبول وبمثابة تدخل في الشؤون الإسلامية الدينية. ويوضح زغير، في تصريحاتٍ ل"بوابة أخبار اليوم"، قائلًا: "نحن كمسلمين جزء من عقيدتنا أنه لا يجوز على الميت إلا الرحمة، ومن هذا المنطلق نترحم على أمواتنا بغض النظر عن الانتماء السياسي والنضالي". ويضيف قائلًا: "محاكمة الشيخ (عكرمة صبري) تمت بناءً على لائحة اتهام على خلفية التعزية في الشهيد عدي التميمي في مخيم شعفاط القدس وعزاء رائد خازم في مخيم جنين عام 2022، وكذلك نعيه للشهيد إسماعيل هنية من على منبر المسجد الأقصى". ويمضي زغير قائلًا: "في اعتقادي سوف يتم إسقاط جميع التهم لأنها بنيت على أساس عنصري تحريضي ضد المدافع الأول عن الأقصى وليس على أساس قانوني"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن خطيب الأقصى ممنوع من السفر منذ سنتين وكذلك ممنوع من دخول المسجد الأقصى منذ أغسطس/ آب 2023. ويُبين حمدي زغير أن ملاحقة الاحتلال للشيخ عكرمة صبري متواصلة، لافتًا إلى أنه صدر قرار في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي من محكمة العدل العليا الإسرائيلية بتنفيذ قرار هدم شقته، وهي بناية تحوي 19 شقة، موضحًا أن سبب الهدم هو إلغاء رخصة البناء بحجة واهية، وهي عدم توفر مواقف سيارتين لكل شقة.