استكمال إنقاذ غزة وأهلها تحتاج لمشاورات أخرى لا يعرف كم من الوقت تحتاجه فى ظل هذه المشاكل بعد موافقة مجلس الأمن على مشروع القرار الأمريكى الخاص بغزة تتبقى مجموعة من المشاكل تواجه اتفاق شرم الشيخ لوقف الحرب فى القطاع الذى يستند على خطة ترامب للسلام. أولى هذه المشاكل الآن تتمثل فى صعوبة تشكيل القوات الدولية التى سوف تتواجد فىى غزة وأطلق الأمريكيون عليها قوة الاستقرار.. فهناك دول ترفض إسرائيل مشاركتها فى هذه القوة، أعلن الإسرائيليون عن واحدة منها هى تركيا.. وهناك دول ليست متحمسة أساسًا للمشاركة فى هذه القوة لأنها سيكون عليها نزع سلاح حماس وهو ما قد يعرض جنودها للخطر فى حالة مقاومة مقاتلى حماس لنزع سلاحهم بالقوة، وكل الدول العربية المطروح عليها المشاركة فى هذه القوة لا تريد أن تنفذ لإسرائيل ما أخفقت فيه رغم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج والتدمير الواسع على مدى عامين. وثانى المشاكل تتمثل فى تشكيل مجلس السلام الذى سوف يرأسه ترامب، كما سبق أن أعلن ذلك وتضمنته خطته للسلام التى تتكون من عشرين بندًا.. وقد أعلن ترامب أن تونى بلير سيكون عضوًا بارزًا فى هذا المجلس وهو ما لاقى استهجانًا فلسطينيًا وعربيًا... وإذا كان هذا المجلس سيتولى حكم غزة لنحو عامين قابلين للتمديد فالمفترض ألا يكون أعضاؤه مرفوضين فلسطينيًا وعربيًا. وثالث المشاكل تتمثل فى تشكيل لجنة التكنوقراط التى ستدير الأمور الحياتية والإدارية لأهل غزة.. وهذه اللجنة يتعين أن تحظى بقبول أغلبية أهل غزة لتنجح فى المهام المنوط بها تنفيذها.. ومن الحصافة أيضًا أن تنال موافقة الفصائل المختلفة داخل القطاع، والقاهرة قد بذلت جهودًا مؤخرًا فى صياغة توافق فلسطينى عليها وكان متبقيًا الاتفاق على من بتولى رئاستها، لكن ترامب سيعمل على أن يستأثر باختيار هذه اللجنة التى سيرسم لها السياسات المجلس الذى سيرأسه هو شخصيًا وتخضع لإشرافه. أما رابع المشاكل فهى تتمثل فى عملية نزع سلاح حماس، وهو الأمر الذى تمسكت واشنطن بأن ينص عليه قرار مجلس الأمن رغم قبولها بإجراء ثلاثة تعديلات على مشروع القرار الذى أعدته.. وهى مشكلة لأن حماس غير مستعدة لتسليم سلاحها حتى الآن فى ظل وجود القوات الإسرائيلية فى القطاع، وترى أن ذلك يمكن فقط النظر فيه إذا انسحبت قوات الاحتلال من كامل أراضى القطاع كما ينص عليه مشروع ترامب للسلام.. وحتى إذا حدث ذلك فهى ترفض تسليم السلاح الشخصى.. وفى ظل إصرار ترامب على نزع سلاح حماس طرحت القاهرة اقتراحًا يقضى بتجميد استخدام السلاح فى غزة لتفادى دخول القوات الدولية فى صدام مسلح مع حماس ومنظمات المقاومة الأخرى. بينما المشكلة الخامسة فهى تتمثل فى انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من كل أراضى القطاع.. وسبب وجود هذه المشكلة أن قرار مجلس الأمن لم يحدد موعدًا لذلك، وحكومة اليمين المتطرف فى إسرائيل تريد البقاء فى غزة وأن تكون لها اليد الطولى فيها، وتربط بدء الانسحاب بنزع سلاح حماس وتدمير الأنفاق فيها.. وإذا كانت المرحلة الانتقالية فى غزة قابلة للتمديد أكثر من سنتين فإن استمرار احتلال إسرائيل مساحة من القطاع هو بدوره أمر قابل للتمديد، ولن تعدم إسرائيل الذرائع. وتبقى المشكلة السادسة وهى مشكلة إعادة الإعمار.. فكل من إسرائيل وأمريكا پينهما تفاهم مشترك حول البدء فى إعادة إعمار المناطق فى القطاع التى تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلى وإهمال المناطق الأخرى التى يتكدس فيها أهل غزة.. ويساعد على ذلك أن قرار مجلس الأمن منح مجلس السلام الذى يرأسه ترامب الإشراف على عملية إعادة الإعمار والتحكم فى الأموال التى سيتم جمعها للإنفاق على هذه العملية وهكذا.. إذا كان تشكيل القوة الدولية التى ستتواجد فى غزة لتثبيت وقف إطلاق النار اقتضى إجراء مشاورات استمرت أسابيع فإن استكمال إنقاذ غزة وأهلها تحتاج لمشاورات أخرى لا يعرف كم من الوقت تحتاجه فى ظل هذه المشاكل التى تحتاج بدورها حلولًا تحقق فى نهاية المطاف للفلسطينيين حق تقرير المصير الذى يكافحون من أجله.