في مساءٍ هادئ من ليالي ميامي، أعلن جوردي ألبا وسيرجيو بوسكيتس اعتزالهما كرة القدم، لتُغلق صفحة جديدة من قصة الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، الرجل الذي جاء إلى الولاياتالمتحدة ليكتب فصلًا جديدًا من سحره، وجد نفسه فجأة يطوى فصول الذكريات واحدة تلو الأخرى، حتى بات آخر من تبقّى في الحلم. في لحظة الوداع، لم يكن ميسي فقط يودّع زملاء الملعب، بل يودّع جزءًا من ذاكرته الممتدة منذ سنوات المجد في برشلونة، اللاعب ألبا كان جناحه الأيسر الذي لا يُخطئ التمريرة، وبوسكيتس كان ظله الذى يفهم الصمت أكثر من الكلمات. واليوم، يغادر الاثنان معًا، تاركين خلفهما مساحة فارغة فى غرفة ملابس إنتر ميامى، ومساحة أكبر في قلب ميسي. الأنظار الآن تتجه إلى لويس سواريز، آخر أفراد «الرباعى التاريخي»، الذي ينتهي عقده بنهاية الموسم، وسط أنباء قوية عن احتمالية اعتزاله هو الآخر. وإن حدث ذلك، سيبقى ميسي وحيدًا تمامًا، للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عامًا فى رحلة امتلأت بالضحكات والبطولات والوداع. هناك حلمٌ آخر لا يزال يلوّح فى الأفق، حلم العودة إلى لحظةٍ لم تكن فيها كرة القدم مجرد لعبة، بل سيمفونية من المتعة والجنون. الحديث هنا عن نيمار جونيور، الشريك الأمتع والأقرب إلى قلب ميسى. نيمار، الذي يعيش أيامًا ضبابية في نادي سانتوس بعد رحلة مضنية مع الإصابات، يفكر بجدية في الخطوة التالية، وبين كل الخيارات المطروحة، يبرز اسم إنتر ميامي كفرصة أخيرة لإعادة إحياء السحر الذي صنعاه معًا فى برشلونة. ◄ اقرأ أيضًا | لابورتا يغازل ميسي من جديد بعد أزمة الانتخابات ◄ الختام بجوار الصديق أنخيل دى ماريا.. الاسم الذي لا يحتاج ميسي إلى سماعه ليبتسم. هو أكثر من زميل منتخب، إنه الشقيق الكروي الذي حمل معه علم الأرجنتين في الأفراح والأحزان، أنهى دي ماريا مشواره الأوروبي وعاد إلى روزاريو سنترال فى بلده، لكنه لم يُخفِ يومًا رغبته في ختام مسيرته بجانب ليونيل. الثنائي لعب معًا أكثر من 8600 دقيقة فى 142 مباراة، وتشاركا لحظات مجد لا تُنسى، أبرزها: نهائى كوباأمريكا وكأس العالم. فهل تكون فلوريدا المسرح الأخير لوداعهما؟ ربما نرى المشهد الأخير كما يحب عشاق التانجو: ميسي يصنع ودي ماريا يُسجّل، قبل أن يرفعا أيديهما معًا نحو السماء في آخر تحية للعبة التي أحبّاها. ◄ القائد الذي لا يشيخ رغم بلوغه 37 عامًا، لا يزال نيكولاس أوتاميندى يقاتل فى قلب دفاع بنفيكا بروح لا تعرف التراجع، وهو أحد رموز الجيل الذهبى للأرجنتين، وصديق ميسى منذ سنوات المونديال الأولى، ورفيقه فى رفع كأس العالم فى قطر.. لعبا معًا 97 مباراة، وهى أكثر من مجرد رقم، بل شهادة على سنوات من التفاهم والإخلاص، ووجود أوتاميندى فى إنتر ميامى سيكون إضافة فنية وإنسانية. ◄ الذكرى التي لا تموت هناك أسماء لا تُنسى مهما تغيّر الزمان والمكان، وسيرجى روبيرتو أحدها، هو «جوكر» برشلونة الذى عاش مع ميسى كل تفاصيل النادى الكتالوني؛ من نشوة الانتصارات إلى مرارة السقوط.. التحق روبيرتو مؤخرًا بفريق كومو الإيطالى، لكن عقده هناك يقترب من نهايته، وانضمامه إلى ميسى فى ميامى قد يكون عودة رمزية إلى «البيت الكتالوني»، لكن هذه المرة على أرضٍ أمريكية.. ربما لا يقدم روبيرتو اليوم ما كان يقدمه بالأمس، لكن وجوده إلى جانب ميسى يحمل طابعًا إنسانيًا خاصًا - عودة الرفيق إلى من تبقّى من الرحلة الطويلة.. قليلون فقط فهموا لغة ميسى فى الصمت، وأحدهم كان مارك أندريه تير شتيجن، وفى برشلونة، كان الحارس الألمانى أكثر من مجرد لاعبٍ خلفه، بل كان صمام أمانٍ نفسى، يمنح «البرغوث» حرية الإبداع دون خوف. اليوم يعيش تير شتيجن توترًا مع إدارة برشلونة، ومع اقتراب رحيله، بدأ اسم إنتر ميامى يطفو على السطح، وقد يبدو الأمر مُستبعدًا، لكن فكرة أن يُنهى شتيجن مسيرته فى فريقٍ يقوده ميسى ليست بعيدة؟ ربما لم يعد السؤال: من سيلعب مع ميسى؟ بل أصبح: من سيشاركه النهاية؟ فبعد رحلةٍ طويلة من المجد والدموع - من كامب نو إلى حديقة الأمراء، ومن باريس إلى شواطئ فلوريدا - يقف ميسى فى المنتصف، بين ماضٍ لا يُنسى ومستقبلٍ يوشك أن يرحل.