«ما ينوب المخلص إلا قتله»، يتدخل البعض لإصلاح أو تهدئة خلاف بسيط في بعض المواقف الحياتية التي نتعرض لها بشكل يومي هنا تختلط النوايا، احيانًا يجد البعض منا نفسه في وسط أزمة أو ورطه ليس طرفًا فيها، فتقع جرائم كثيرة بلا معنى أو مبرر مثلما حدث في هذه الجريمة؛ شاب استقل عربة التوك توك الخاصة به، فجأة تنشب مشادة كلامية بينه وسائق مركبة أخرى لخلاف تافه حول أولوية المرور، تشتعل عصبية بين الاثنين لم يتمالك أحدهما أعصابه وسرعان ما تطور الخلاف إلى شجار واطلق المتهم «عيارا ناريا» في رأس المجني عليه ياسر ليسقط على الأرض غارقا في دمائه وهكذا ينتهى الشجار بجريمة قتل مروعة ذهب ضحيتها شاب، تفاصيل أكثر نسردها في السطور التالية. ياسر الحسيني 21 سنة يعمل «سائق توك توك» يقيم في 2 شارع خورشد بمنطقة ترسا الهرم، منذ أن فقد والده قبل ثماني سنوات تحمل عبء أسرة كاملة مكونة من أم منهكة وستة أخوة صغار كان السند والمعيل والأب الثاني لهم، ظل الشاب الصغير يعمل ليل نهار ليوفر قوت يوم أسرته لم يشتكِ ولم يتذمر بل كان يحمل هم الجميع بابتسامة ورضا بالقضاء والقدر ولكن القدر لم يمهله طويلا؛ إذ امتدت اليه يد الغدر لتنهي حياة شاب لم يعرف سوى الكفاح تاركًا وراءه أمًا مكلومة وأسرة فقدت عائلها، فقد ياسر حياته برصاص خرطوش أطلقها الجاني من بندقية كان يخفيها خلف مقعد مركبته وسط تساؤل: لماذا يُخفى هذا السلاح؟!، وكأنه ينوى الشر لا السعي وراء الرزق. فرحة لم تكتمل كعادته كل يوم يستقبل الصباح بابتسامة يتبادلها مع أفراد أسرته، ارتدى ملابسه بعد أن تناول إفطاره، واستعد لمغادرة بيته دون أن يدري أن تلك الضحكات ستكون الأخيرة، قال لأشقائه أن الشيء الوحيد الذي يحزنه أنه لم يتمكن من رؤية أمه لانها خرجت قبل عدة دقائق إلى عملها، خرج ياسرمستقلا عربته بحثا عن قوت يومه لم يدرِ في هذا اليوم أن طريق رزقه سيقوده الى نهايته وأن تلك هي الرحلة الأخيرة في حياته، كانت الابتسامة تملأ وجهه وقلبه؛ فبينما كان يسير في أحد الشوارع واثناء سيره فوجئ بسائقي توك توك أحدهما يقطع على الآخر الطريق، نشبت مشادة كلامية بين السائقين بسبب الخلاف على أولوية المرور وسرعان ما تحول الخلاف الى صدام ارتفعت فيه الأصوات والصراخ، توقف ياسر بعربته بدافع طيبته واقترب من صاحب التوك توك محاولا تهدئة النفوس قبل أن تتطور الأمور،ولكن الخلاف يتصاعد بدون داعِ بين السائقين الآخرين، علا صوت الغضب وكان اسرع من صوت العقل تحول الشجار الى إشتباك بالأيدي وفي لحظة انقلب المشهد؛ أخرج أحد السائقين سلاح خرطوش من عربته واطلق النار عشوائيًا في الهواء وفي ثواني سقط ياسر قتيلا غارقا في دمائه على الأرض وفر الجميع تاركين وراءهم وجعا لا يوصف وصدمة لا تمحى من ذاكرة أهله حين خرج ليسعى وراء لقمة العيش وعاد جثة هامدة، تدخل أحد شهود عيان الواقعة وصديقه ونقلاه الى مستشفى الهرم ليلفظ أنفاسه الأخيرة مصابًا بطلق ناري في الرأس بعد محاولات يائسة للأطباء لإنقاذه. بلاغ تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا من مستشفى الهرم بوصول شاب في بداية العقد الثاني من عمره مصابًا بطلق ناري في الرأس ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد محاولات من الأطباء لإنقاذه، انتقل رجال المباحث الى المستشفى محل البلاغ وبالفحص تبين صحة الواقعة، استمع رجال المباحث إلى أقوال شاهد عيان الواقعة وصديق المجني عليه اللذان نقلاه الى المستشفى، قالا إن المشاجرة بدأت بخلاف بسيط على أولوية المرور بين سائقين لكن سرعان ما تحول الشجار الى اشتباك وحاول بعض المارة التدخل للفصل بينهما إلا أن الغضب سيطر على الموقف واخرج المتهم بندقية واطلق النيران بشكل عشوائي فأصاب المجني عليه بطلق ناري في رأسه وفر المجرم هاربًا، على الفور نصبت أجهزة البحث الاكمنة المحكمة حيث ألقى رجال المباحث القبض على المتهم وتحرر محضر بالواقعة، وامرت النيابة العامة بحبس المتهم بعد اعترافه بالجريمة أربعة أيام على ذمة التحقيق بعد توجيه تهمة القتل العمد له، والتصريح بدفن الجثة واستكمال التحريات حول الواقعة. الأسرة داخل منزل الأسرة سيطر الحزن على والدة وأشقاء المجني عليه، وبكلمات ثقيلة على النفس قالت الست صباح 49 سنة:أعمل في إحدى الشركات الخاصة، كنت راجعه من الشغل وقتها شوفت محمود ابني الصغير ماسك التلفون وبيتكلم على باب العمارة، فسألته مالك في ايه مردش عليّ وقال لي انا مستعجل عندي مشوار طبعا انا حسيت في حاجه أول ما طلعت الشقه رنيت على محمود تاني علشان اسأله هو فيه ايه ياابني، لكن مردش، فزاد قلقي ،طلبت جوز بنتي فرد عليّ وقال لي»ايوه محمود معايا.. وياسر متعور وهنروح نجيبه من مستشفى الهرم، سألته ايه السبب، فقال لي كان بيفض خناقه بين اتنين سواقين توك توك، وقبل ما يقفل معايا الخط طمني وقال لي ان ياسر بخير وهنروح أنا ومحمود نجيبه قولتله تعالوا خدوني معاكم لكنه طمنى وطلب مني أجهز الغدا، بعدها بدقايق رن عليّ جوز بنتي مرة تانيه كان صوته متغير، قاللي تعالي يا حماتي شوفى ياسر تعبان شويه، قلبي اتقبض افتكرت انه جرح بسيط والموضوع سهل روحت هناك وكانت الصدمة اللي عرفتها من رجال الشرطة، ان ياسر مضروب بالنار في راسه ومات اخواته كلهم هيموتوا عليه من شدة الحسرة على شبابه، أنا مش مصدقه كان بيخلص خناقه سقط هو ضحية، حسبنا الله ونعم الوكيل ربنا يرحمة ويتولاه برحمته، كان سند لينا بعد وفاة والده كان شايل المسؤولية كلها، يشتغل على التوكتوك ويساعد اخواته الصغيرين مش قادره اتخيل حياتي من بعده، عارفه أن حقه هيرجع بحكم القاضي، ربنا يقدرنا على فراقه. اقرأ أيضا: «كانوا هيموتوني».. ماذا حدث ل «سائق توك توك» بالمنوفية| فيديو