الشرقية: إسلام عبدالخالق أسدلت محكمة جنايات الزقازيق الاستئنافية في محافظة الشرقية، برئاسة المستشار محمد عبدالكريم، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين خالد علي، وحاتم السيد مصطفى، وأحمد عبدالسميع شرف الدين، وسكرتارية محمد إبراهيم، الستار على القضية رقم 4849 جنايات ثالث العاشر من رمضان لسنة 2024، المتهم جامع خردة بإنهاء حياة الطفلة «جنى محسن» صاحبة الثمانية أعوامٍ، وسرقة قرطها وبيعه لأجل الحصول على جرعة من مخدر «الآيس»؛ إذ قضت المحكمة، وبإجماع آراء أعضائها، بتأييد حكم أول درجة بمعاقبة المتهم الرئيسي بالإعدام شنقًا، وتخفيف عقوبة باقي المتهمين -5 بينهم سوداني الجنسية- من السجن المُشدد لمدة 6 سنوات إلى السجن لمدة سنة واحدة، بعدما تبين ثبوت اشتراكهم في إخفاء وبيع الحلق الذهبي المسروق من الطفلة المجني عليها، بيد أن التفاصيل وما جاء على لسان قاتل الصغيرة، قد أظهرا بشاعة جرمٍ لم تكن تستحقه الطفلة البريئة على الإطلاق. وسط المجاورة الثالثة والستين في مدينة العاشر من رمضان، وبينما تتوسط الشمس صفحة سماء أحد أيام يوليو شديدة الحرارة، كان المتهم «محمد أ ج ع» البالغ من العمر 36 عامًا، جامع الخردة الذي أتى منذ عامٍ من محافظة أسيوط، يسكن شوارع وأرصفة المنطقة كأنما يهيم فيها بحثًا عن الخردة بين أكوام القمامة، إلا أن ما وجده وقتها كان مجرد عروسة بلاستيكية (لعبة) وقد تلطخت ببهتان الأتربة وصديد الصمغ وآشعة الشمس، فأخذها عسى أن يبيعها أو تزين معروضاته التي اعتاد أن يفترش الطريق بها بين الحين والآخر، حتى مرت الساعات ليحسم أمر فرشته المزعومة، وقد تراصت الخردة التي جمعها على الرصيف المقابل للمسجد الكبير في المنطقة هناك، في الوقت الذي فرغ المصلون فيه قبل دقائق من صلاة الظهر. عروسة هدية! بعيدًا عن المكان وقبل توقيت الزمان بسويعاتٍ، ووسط منزل أهلها البسيط، ترجلت طفلة صغيرة تتهادى خطواتها في سبيلها لأن تأتي ببعض الخضروات التي طلبت منها والدتها إحضارها، مر الوقت حتى اشترت الطفلة «جنى» بعض حبات الطماطم، وعادت تُمسك بكيسها ورجليها تضربان الأرض بشبشبها البسيط، واللون الأحمر يزين ملابسها الطفولية (چيبة وفانلة بنصف كم باللون ذاته)، بيد أن طفولتها وسنواتها الصغيرة استوقفتاها في طريق عودتها أمام فرشة «الخردواتي» بعدما جذبت العروس البالية نظراتها لتسأل صاحب المعروضات على الرصيف عنها، وحينها، ولحظها العثر، لمع ضي الذهب الذي يزين أذنها بقرطٍ صغير، إلا أن ذاك اللمعان كان كافيًا لسيلان لعاب جامع الخردة وبائعها ليتمادى في طمعه بأن يسرقه منها ويبيعه حتى يروي ظمأ إدرينالينه لجرعة المخدر التي يطلبها من وقتٍ لآخر في طابورٍ طويل من مدمني "الآيس". أخذ «الخردواتي» يطيل الحديث مع الصغيرة ويسألها عن بيت أهلها وعن اسمها، وبالطبع باغتها بسؤاله الذي يرجو إجابته: «الحلق اللي في ودنك دا دهب؟»، لتهز الصغيرة رأسها بالإيجاب، فما كان من حديثه إلا أن تبدلت دفته تمامًا، ليخبر الطفلة بأن لديه من الأبناء من هم في مثل سنها، وأتبع كلماته بان أخرج حافظة أوراقه ليرها صور صغاره، ويخبرها عنهم وعن حبهم للهو واللعب، لتطلب منه أن تذهب معه لرؤيتهم. سارت خطة الذئب كما خطط لها، ليعطي الصغيرة «العروسة اللعبة» ويصحبها إلى بيت مهجور هناك على بُعد ثلاث مجاورات سكنية، كان معتادًا أن يبيت فيه خلال الفترة الأخيرة، بعدما أوهمها بأن مقصدهم هو مسكنه وبيت أطفاله الذين رأت صورهم، أمسكت يده متعلقةً به كما لو كان والد أصدقائها أصحاب الصور التي تعلقت بها، وما أن وصلا البيت حتى صعد بها إلى الطابق الأعلى، وهناك أخذ يعرض عليها بعض اللعب البالية التي كان قد عثر عليها من خلال نبش القمامة، وبينما تتعلق الصغيرة بما تراه باغتها آمرًا: "إقلعي الحلق اللي في ودنك دا وأنا هجيب لك واحد أحسن منه"! استجابت الطفلة بعفوية وخلعت عن إحدى أذنيها فردة الذهب الأولى، بيد أن طمع اللص حال دون مقدرته على الصبر للحظاتٍ حتى تخلع الفردة الأخرى، فحاول جذبها عنوة بعدما عبرت الصغيرة عن خوفها من أن تلاحظ والدتها أذنيها دون وجود للحلق وقد أخذت في الصراخ والبكاء، لكن الفردة الثانية قد انكسرت في يده أثناء محاولة انتزاعها. كتم اللص فم الطفلة محاولًا إسكات صرخاتها، ووضح ما فعله صراحةً في اعترافاته أمام جهات التحقيق: "لما صرخت وعيطت أول مرة أنا حطيت إيدي على بوقها وكتمت صوتها علشان محدش يسمع صريخها وقعدت أهديها وجيبت إزازة مياه غسلت لها وشها منها وقولت لها كل الحاجة اللي عاجباكي معاكي أهي وأنا هاخد الحلق هابيعه وأجيب لك واحد تاني زيه علشان أبوكي وأمك ما يزعقوش ليكي وأجيب فلوس وأجيب لك حاجات حلوة وقعدتها علي رجلي وقعدت أهدي فيها بس هي صرخت تاني وأنا خوفت روحت جايب حتة قماشة كانت مرمية جنبي وروحت رابط بوقها وإيديها بيها مع بعض وجبت حتة قماشة صغيرة ربطت رجلها بيها ولما لقيتها ما بتتحركش أنا خوفت ولميت حاجتي من المكان ونزلت جري من البيت"! ترك اللص القاتل ضحيته ولاذ بالفرار ليبيع ما سرقه، ونجح في ذلك نظير جرعة من مخدر الآيس، هناك في عزبة «الهجانة» القريبة من منطقة المقطم في محافظة القاهرة، وظل بعيدًا عن الأنظار أيامًا حتى تمكنت العدالة من ضبطه هو وشركائه الخمسة. القصاص أمر الإحالة للمحاكمة الجنائية في محكمة جنايات الزقازيق أسند إلى المتهم تهمة قتل الطفلة المجني عليها عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، ذلك بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها بالإجهاز عليها وكبلها وكتم أنفاسها وشد وثاقها، وما تركها حتى بلغ مقصده بإزهاق روحها، بعدما خطف المجني عليها بالتحايل بعد استدراجها لمكان الواقعة بعيدًا عن أعين ذويها، ليتمكن بتلك الوسيلة الاحتيالية من إتمام جريمته وجريمة أخرى هي سرقة القرط الذهبي المملوك للمجني عليها على النحو المبين في التحقيقات،كما اشترك معه 5 آخرين فى إخفاء وبيع الحلق على النحو الوارد تفصيلًا في التحقيقات، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه وعلى باقي المتهمين، وبالعرض على النيابة العامة أجرت التحقيقات القانونية اللازمة، قبل أن تأمر بإحالتهم جميعًا إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات الزقازيق، والتي قضت بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقًا -عقب استطلاع للرأي الشرعي في معاقبته بالإعدام شنقًا- وعاقبت باقي المتهمين بالسجن المُشدد لمدة خمس سنوات، وهي العقوبة التي أيدتها محكمة الاستئناف بحق المتهم الأول، وخففت حكمها على باقي المتهمين إلى السجن لمدة سنة واحدة. اقرأ أيضا: السجن 3 سنوات للمتهم بابتزاز سيدة بصور خاصة بالشرقية