سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبادرة «أسرتى قوتى» برعاية السيدة انتصار السيسى غيّرت حياة آلاف الأسر د. إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة : تغيير الوعى المجتمعى أصعب من بناء مدينة
بهذه العبارة تختصر الدكتورة إيمان كريم، المشرف العام على المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، جوهر التحدى الذى تواجهه الدولة المصرية فى سعيها إلى تمكين ودمج ذوى الإعاقة فى مختلف المجالات. فبينما يمكن تشييد البنية التحتية خلال سنوات، ترى د. إيمان أن بناء الإنسان الواعى المتقبل للتنوع والاختلاف يحتاج إلى جهد وتراكم معرفى وثقافى طويل الأمد، يبدأ من المدرسة والأسرة، ويمتد إلى الإعلام ومؤسسات المجتمع كافة. وفى حوارها مع «الأخبار»، تحدثت د. إيمان كريم بوضوح عن واقع المجلس وتحدياته، وكشفت عن ملامح الاستراتيجية الوطنية الجديدة لدمج الأشخاص ذوى الإعاقة، التى تقوم على رفع كفاءة الكوادر البشرية وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية والسياسية، وصولًا إلى مجتمع أكثر شمولًا وعدالة. كما أكدت أن الكشف المبكر والتدخل الفورى يمثلان خطوة جوهرية لتقليل آثار الإعاقة وتخفيف معاناة الأسر، مشددة على أن المشاركة فى صنع القرار أصبحت ضرورة وطنية لا ترفًا. وأشارت إلى أن الإعلام لا يزال بحاجة إلى فهم أعمق لقضية الإعاقة، حتى يؤدى دوره فى تصحيح الصورة النمطية وتعزيز الوعى المجتمعى، مؤكدة أن بناء وعى جديد هو «معركة التغيير الحقيقية» التى تراهن عليها الدولة والمجتمع فى آن واحد. اقرأ أيضًا | «القومي للإعاقة»: حملة «جيل الأمل» تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي لدى الأطفال بداية.. كيف تقيّمين مسار عمل المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة حتى الآن؟ المجلس يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيته وأهدافه لخدمة الأشخاص ذوى الإعاقة، بما يتوافق مع المعايير الدولية والآليات الوطنية المعتمدة فى هذا المجال نحن نعمل بشكل مؤسسى، ومن خلال تعاون وثيق مع كل الجهات المعنية لضمان أن تكون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة جزءًا أساسيًا من سياسات الدولة وبرامجها. لمن يتبع المجلس؟ وهل هو جهاز مستقل؟ المجلس مستقل من حيث المبدأ والاختصاص، لكنه لم يُشكَّل رسميًا حتى الآن منذ صدور القانون المنظم له عام 2019.. وقالت: «أنا مفوضة من رئيس مجلس الوزراء بالتنسيق والإشراف على أعمال المجلس، إلا أن قرار التشكيل الجديد لم يصدر بعد رغم المطالبات المتكررة بذلك». وأوضحت أن القانون رقم 11 لسنة 2019 ينص على أن تشكيل مجلس الإدارة يتم بقرار من رئيس مجلس الوزراء، لذلك فهى تمارس عملها بصفتها عضوًا بالمجلس القائم، الذى يرأسه رئيس مجلس الوزراء بصفته رئيسًا لمجلس الإدارة. مناقشات ومقترحات: ما أبرز المحاور والمقترحات التى تمت مناقشتها مع الإدارات الفنية ومراكز خدمة المواطنين؟ تناولنا موضوعات تتعلق بتأهيل الكوادر البشرية فى مجالات متخصصة للتعامل مع الأشخاص ذوى الإعاقة، سواء من ناحية الإتاحة المكانية أو التكنولوجية أو حتى إتقان لغة الإشارة، فالكثير من المهندسين تخرّجوا دون تدريب كافٍ على تصميم المنشآت المهيأة، لذلك نعمل على إعداد كوادر متخصصة قادرة على تنفيذ معايير الإتاحة بشكل دقيق، كما أنه لدينا مقترحات لتعاون مثمر مع صندوق «قادرون»، ونتمنى أن تشهد المرحلة المقبلة خطوات تنفيذية واضحة فى هذا الاتجاه. ما أبرز الملفات التى حققتم فيها إنجازات ملموسة؟ من أهم الإنجازات مبادرة «أسرتى قوتي» والتى تحظى برعاية كريمة من السيدة انتصار السيسى ووصلت إلى عدد كبير من الأسر وغيّرت حياتهم فعليًا فقد ساعدت هذه المبادرة الأسر على معرفة الخدمات المتاحة والاستفادة منها لدعم أبنائهم من ذوى الإعاقة، واليوم، وبعد ثلاث سنوات من العمل، وصلت إلى مرحلتها الثالثة مدعومة بتوجيهات رئاسية مباشرة. الجوانب التشريعية: وماذا عن الجانب التشريعى الخاص بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة؟ نعمل على متابعة كل التشريعات الجديدة لضمان عدم مساسها بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة. على سبيل المثال، نتابع ملف الإيجارات القديمة لما له من تأثير مباشر عليهم، ونرفض نقلهم إلى مناطق عمرانية بعيدة تفتقر إلى الخدمات، لأن ذلك يعيق اندماجهم ويزيد من معاناتهم. ما الذى دار بينكم وبين صندوق «قادرون» فى هذا الشأن؟ - أكدنا على أهمية إعداد كوادر بشرية مدربة فى كل المجالات، واقترحنا إنشاء أكاديمية لتدريب الكوادر بالتعاون مع الصندوق، لأن نجاح أى مبادرة يعتمد أساسًا على العنصر البشرى المؤهل. غياب التشكيل ليس عائقًا هل غياب تشكيل مجلس الإدارة يعيق عملكم؟ - رغم غياب تشكيل مجلس الإدارة منذ نحو ست سنوات، فإن ذلك لم يوقف العمل داخل المجلس، وإن كان قد زاد من حجم المسؤولية والعبء.. وقالت: أعمل منذ ما يقرب من ثلاث سنوات دون مجلس إدارة فعلى، ومع فريق عمل محدود للغاية، ومع ذلك نواصل وضع السياسات والاستراتيجيات وتنفيذ المبادرات اللازمة لخدمة الأشخاص ذوى الإعاقة فى مختلف المحافظات، انطلاقا من روح المسؤولية والإيمان بالقضية فهما ما يدفعان الفريق للاستمرار، ولذا فلم ننتظر قرارات التشكيل لنبدأ، لأن احتياجات ذوى الإعاقة لا تحتمل التأجيل. هل تعملون باستقلال أم بالتنسيق مع جهات حكومية؟ - نحن جزء من مؤسسات الدولة، ونعمل بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية. لا نتحرك منفصلين، بل ضمن منظومة الدولة وبما يتسق مع خططها وأولوياتها. تثقيف الإعلام!! هل الإعلام المصرى أنصف الأشخاص ذوى الإعاقة؟ - ليس بالقدر الكافى، فمعظم التناول الإعلامى لا يزال سطحيًا أو تقليديًا، وبعض المصطلحات أو الأخبار تُنشر بطريقة غير دقيقة وقد تضر أكثر مما تنفع، لذلك نحتاج إلى تدريب الإعلاميين على كيفية تناول قضايا الإعاقة باحتراف ومهنية واحترام. وما خطواتكم لتصحيح الصورة الإعلامية؟ - نعمل على إعداد برنامج تدريبى للإعلاميين والصحفيين حول كيفية تناول قضايا الإعاقة، مع التركيز على المصطلحات الصحيحة والجوانب القانونية والأخلاقية فى التغطية الإعلامية، كما نعمل على تطوير خطة إعلامية جديدة لتسريع التواصل مع الصحف والقنوات. الدمج التعليمى كيف ترين واقع الدمج التعليمى فى المدارس والجامعات المصرية حاليًا؟ - تجربة الدمج التعليمى فى مصر ما زالت فى مراحلها الأولى، رغم الخطوات التشريعية المهمة التى بدأت بصدور قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة عام 2018، والذى وضع الأساس القانونى للدمج. فالقانون منح الإطار، لكن التنفيذ يعتمد على العنصر البشرى، وعلى إعداد الكوادر القادرة على التعامل مع الطلاب ذوى الإعاقة. ولاحظنا أن هناك تفاوتًا واضحًا بين المدارس والجامعات فى تطبيق الدمج الحقيقى، وأن بعض المعلمين أو الإداريين لم يكتسبوا بعد الوعى الكافى بكيفية التعامل مع الطلاب ذوى الإعاقة، مما يؤدى أحيانًا - من غير قصد - إلى استبعادهم أو توجيههم نحو تخصصات محددة على اعتبار أنها الأنسب لهم، وهو ما وصفته بأنه مفهوم خاطئ يعمل المجلس على تصحيحه.. وأكدت أن التدريب والتأهيل والتوعية هى مفاتيح الدمج الحقيقى، لأننا نريد أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الدمج جزءًا من الثقافة المدرسية والجامعية، لا مجرد بند فى اللائحة. أصعب التحديات فى رأيك، ما أصعب التحديات فى هذا الملف؟ - أصعب ما نواجهه هو تغيير الوعى المجتمعى. يمكننا تطوير البنية التحتية أو توفير الموارد بسهولة نسبيًا، لكن تغيير نظرة المجتمع وفهمه لقضية الإعاقة يحتاج إلى وقت وجهد وتراكم عمل توعوى طويل الأمد، والوعى لا يتغير بالأوامر، بل بالتثقيف والتجربة والممارسة، وهذا ما نحاول تحقيقه من خلال برامجنا المختلفة. ما أولويات الاستراتيجية الوطنية للدمج؟ - أولًا، تسهيل استخراج بطاقة الخدمات المتكاملة باعتبارها المدخل الأساسى لكل الخدمات، ثانيًا، رفع كفاءة الكوادر فى التعليم والصحة والخدمات العامة، فكل من يتعامل مع ذوى الإعاقة يجب أن يمتلك الوعى والمهارة الكافية. وماذا عن ملف الكشف والتدخل المبكر؟ - هذا ملف بالغ الأهمية، فالكشف والتدخل المبكر يقللان من آثار الإعاقة بشكل كبير. ونركز على التوعية بزواج الأقارب وأهمية الفحص الوراثى، خاصة فى المناطق التى تنتشر فيها الإعاقات الوراثية، والالتزام بالعلاج منذ البداية يمنع تفاقم الإعاقة ويخفف نصف المشكلة. هل هناك تقدم فى ملف الأجهزة التعويضية؟ - نعمل على توطين صناعة الأجهزة التعويضية داخل مصر ودعم البحث العلمى فى هذا المجال، وضمان حصول أصحاب بطاقات الخدمات المتكاملة على ما يستحقونه من أجهزة طبية وتعويضية، كما تشمل منظومة التأمين الصحى الشامل علاج الأشخاص ذوى الإعاقة مجانًا، بما فى ذلك العمليات الكبرى مثل زراعة القوقعة. وماذا عن المشاركة السياسية؟ - ندعم بقوة مشاركة الأشخاص ذوى الإعاقة فى الانتخابات، ليس فقط كناخبين بل كمرشحين أيضًا، كما أن وجودهم داخل البرلمان أمر ضرورى للتعبير عن قضاياهم، واليوم أصبحت المساواة واقعًا ملموسًا فى الرياضة والعمل العام بعد أن كانت مجرد مطلب. كيف واجهتِ الصعوبات والمعوقات فى أداء عملك وهل تلك الصعوبات تدفعك للتراجع؟ - أبدًا، لم أفكر فى الاستقالة أو التراجع. هذا العمل رسالة إنسانية قبل أن يكون وظيفة، وقد نصطدم ببعض العقبات أو البيروقراطية، لكننا نواصل بثبات دون يأس. بعد مرور سبع سنوات على صدور القانون، ما التعديلات التى ترونها ضرورية؟ - نعمل على تشديد العقوبات ضد جرائم التنمر أو استغلال الأشخاص ذوى الإعاقة، وندرس إدخال مواد جديدة تحميهم اجتماعيًا واقتصاديًا وتضمن تنفيذ القانون على أرض الواقع. ذكرتِ أهمية رفع كفاءة الكوادر، كيف يتحقق ذلك؟ برامج التدريب والتأهيل هى الأساس، خاصة للشباب من ذوى الإعاقة. نعمل على دمجهم فى البرامج الوطنية للتأهيل وصنع القرار، لأنهم الأقدر على التعبير عن احتياجاتهم بصدق ووضوح. حدثينا عن مشاركة المجلس فى مشروع الإتاحة بالمتحف المصرى الكبير؟ - شاركنا منذ المراحل الأولى للمشروع، وشكّلنا لجنة تضم ممثلين عن كل أنواع الإعاقة لمراجعة التصميمات ميدانيًا، وقدمنا توصيات فنية جرى الأخذ بها مثل تعديلات دورات المياه وإضافة الشرح الصوتى لذوى الإعاقة البصرية، إلى جانب ملاحظات تقنية على الأقلام التفاعلية بالمتحف. هل هناك تعاون مع وزارة الاتصالات فى مجال التكنولوجيا المساعدة؟ - يتم تطبيق مشروع طموح بعنوان «ديزي»، وهو منظومة تكنولوجية متطورة تم تطويرها فى اليابان، تهدف إلى إتاحة الوصول إلى المعلومات والكتب المطبوعة للأشخاص ذوى الإعاقة فى مصر بطريقة ميسّرة تعتمد على الوسائط المتعددة. ويعمل فى المشروع فريق متخصص لتحويل الصور والنصوص إلى ملفات صوتية لخدمة ذوى الإعاقة البصرية، كما نعمل على تحويل المناهج التعليمية إلى نسخ صوتية باستخدام تقنيات يابانية حديثة.. والمجلس ينسّق مع الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا الأشخاص ذوى الإعاقة بالعاصمة الإدارية من أجل تدريب الشباب وتأهيلهم على استخدام هذه التقنيات الحديثة، بهدف تمكين ذوى الإعاقة من الوصول إلى المعرفة بسهولة، وتعزيز فرصهم فى التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية.