أزور حاليا مدينة جدة السعودية لحضور معرض «الحج والعمرة» الذي أزوره منذ سنوات، وعامة خلال تواجدي بالمملكة لا أشعر مطلقا بأنني غادرت مصر، ليس لكثرة المصريين الذين يعيشون بل ينصهرون بالمجتمع السعودي، إنما للروح المصرية التي تسيطر على السعوديين، وبدون مبالغة فإن السعوديين أكثر شعوب العالم قربا وحبا وودا واندماجا مع مصر والمصريين. هذا العام سافرت الى جدة متوجسا أن تنعكس الحالة التي تحاول حسابات السوشيال ميديا تصديرها لخلافات أو تجاوزات متبادلة، ورغم ثقتي بقوة العلاقات المشتركة لكنه مجرد توجس، وتوقعت أن يكون لتلك الحالة مردود بسيط يخيم على المشاركة المصرية بالمعرض، لكن خاب توقعي تماما فلم أجد أي أثر لتلك الحالة السوشيالية بأرض الواقع، ولو من قبيل المزاح أو حتى لإعلان رفضها ونبذها!! وكالعادة تعامل المصريون بل والسعوديون كما لو كان المعرض مصريا بمدينة مصرية، فهاهو صديق سعودي يطلب توسطك لدى مسئول مصري بشركة سعودية لإنجاز مهمة، وهاهو مدير سعودي يرفض ان يتخذ قرارا إلا بعد العودة وموافقة زميله المصري والعكس، وهاهي «الخروجات والعزومات والسهرات» تجمع الأصدقاء من البلدين فقط، ولا تدري من العازم فيها ومن المعزوم، بل إن مباراة السوبر المصري خيمت على الأجواء مع تحفيل وتشاحن الأهلاوية والزملكاوية السعوديين قبل المصريين. يا سادة لقد كتبت كثيرا عن خصوصية العلاقات المصرية السعودية وأكدت أن ما يجمع الشعبين الشقيقين كبير وكثير وأقوى من العبث به، أو أن ينال منه أحمق هنا او مغيب هناك، يا سادة، هل هناك من شك في أن تلك العلاقات صمام أمان وقوة للأمتين العربية والإسلامية؟ وهل هناك شك في أن الأمتين تتعرضان لمخطط ممنهج لإضعافهما والنيل منهما؟ وأفضل السبل لذلك اللعب على قوة العلاقات المصرية السعودية بكافة مستوياتها، وأثق بأن الحسابات التي تغذي الفتنة السوشيالية وهمية وموجهة وممولة. نداء للجميع، تحلوا بالفطنة ولا تندفعوا نحو فخ يحاك لنا بإحكام ومكر وتخطيط دولي، ولتثقوا بأنه لا يوجد عاقل بمصر يقبل بإهانة المملكة او شعبها والعكس صحيح تماما، وللعقلاء وقادة الرأي في الجانبين، تحلوا بالمسئولية وانبذوا الحمقى والمغيبين بل والمأجورين.