يشهد التعليم المصرى فى السنوات الأخيرة طفرة من التطوير فى مختلف المجالات، وفى ظل رؤية الدولة التى تهدف إلى بناء إنسان عصرى يمتلك مهارات التفكير والإنتاج، وليس مجرد متلق للمعرفة، ولأن بناء اقتصاد قوى قائم على المعرفة لا يتحقق إلا من خلال تعليم فنى وتطبيقى حديث قادر على تزويد سوق العمل بخريجين مؤهلين يمتلكون المهارة والتقنية معًا تأسست الجامعات التكنولوجية كأحد المشروعات القومية الكبرى فى منظومة التعليم العالي، لتشكل جسرًا يربط بين التعليم الفنى والجامعى، ويتيح للطلاب مسارًا أكاديميًا ومهنيًا متدرجًا وصولًا إلى درجة البكالوريوس فى التكنولوجيا هذا النموذج الجديد من الجامعات لا يهدف فقط إلى تخريج طلاب يحملون شهادات، بل إلى إعداد كوادر تكنولوجية قادرة على الإبداع والإنتاج فى مجالات تطبيقية متقدمة، مثل الصناعة الذكية، والطاقة، والميكاترونكس، وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من التخصصات التى يحتاجها سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى. وفى ضوء هذا التوجه الطموح نحو بناء نظام تعليم تكنولوجى متكامل، كان لصفحة «أخبار الجامعات» هذا الحوار مع الدكتور أحمد الجيوشى، أمين المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجى، الذى تحدث عن أهمية التعليم التكنولوجى فى إعداد جيل جديد من الخريجين القادرين على مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، والمنافسة بقوة فى سوق العمل المحلى والدولى. اقرأ أيضًا | إعلان نتائج التقديم الإلكتروني لطلاب مدارس التكنولوجيا وWE | ظهرت الآن فى البداية.. كيف ترى توجه الدولة نحو إنشاء الجامعات التكنولوجية؟ - الدولة المصرية تسعى بجدية لتطوير مسارات التعليم الفنى والتطبيقى وربطها بسوق العمل، مشيرًا إلى أن نظام الجامعات التكنولوجية يُعد أحد أهم النماذج التعليمية الحديثة التى توفر للطلاب فرصًا متعددة للتدرج الأكاديمى والمهنى، إن هذا النظام يقوم على أسس علمية تضمن تأهيل خريجين يمتلكون معارف علمية ومهارات عملية حقيقية، تمكنهم من المنافسة فى سوق العمل المحلى والدولى فى هذه الأنواع الجديدة من الوظائف التى يتيحها عصر الاقتصاد الرقمى واحتياجات التنمية المستدامة. كم عدد الكليات التكنولوجيا حتى الآن؟ - 12 جامعة تكنولوجيا حكومية بالإضافة إلى جامعتين خاصتين، كما أن هناك توجها من الدولة أنه بحلول عام 2030 تكون هناك جامعة تكنولوجية بكل محافظة على الأقل، كما نسعى أن تضم كل جامعة 5 كليات تكنولوجية تستوعب كل منها بين 5 إلى 10 آلاف طالب. ما الذى يميز التعليم التكنولوجى عن غيره؟ - التعليم التكنولوجى هو الحاضر والمستقبل لأنه تعليم تطبيقى يدخل مباشرة فى الموضوع كما يقولون، فتميز الخريجين هو مفتاح دخولهم القوى إلى سوق العمل، وما يميز التعليم التكنولوجى أنه يعتمد على استخدام أدوات العصر لتمكين الطلاب من نقل وتوطين وابتكار التكنولوجيا وأقول دائما لطلابنا إنه ليس المهم فقط أن تتخرج، بل أن تكون مميزًا، صاحب علم ومهارة، وفخورًا بانتمائك للتعليم التكنولوجى. يتساءل البعض عن الفارق بين خريجى الجامعات التكنولوجية وخريجى كليات الهندسة، كيف تفسر ذلك؟ - الجامعات التكنولوجية تمنح بكالوريوس التكنولوجيا فى التخصص، وليس بكالوريوس هندسة، وهو يعادل أى بكالوريوس تمنحه الجامعات المصرية مدته أربع سنوات دراسية، فخريجو الجامعات التكنولوجية سوف يُقيدون فى نقابة التكنولوجيين فور وضع نظامها الأساسى ووفق قانونها الذى صدر عام 2023، وسوف تعمل نقابة التكنولوجيين على تعزيز مكانتهم وقيمة شهادتهم. حدثنا عن نظام الدراسة داخل الجامعات التكنولوجية وفق قانونها رقم 72 لسنة 2019. - نظام الدراسة يقوم على مرحلتين بنظام (2 2)، فالطالب يحصل أولًا على دبلوم فوق المتوسط بعد إتمام المرحلة الأولى (الفرقتين الأولى والثانية)، ولا يمكنه الانتقال إلى المرحلة الثانية إلا بعد النجاح الكامل دون أى مقررات رسوب، ليقيد من جديد فى الفرقة الثالثة ويستكمل الدراسة حتى البكالوريوس. وما الذى يميز العملية التعليمية داخل هذه الجامعات من حيث الدمج بين الجانبين العملى والنظري؟ - الجامعات التكنولوجية تمثل نقلة نوعية فى فلسفة التعليم العالى، لأنها تدمج بين الجانبين العملى والنظرى، بخلاف الجامعات الأكاديمية التى تركز على المعرفة النظرية أكثر، والجامعات التكنولوجية تقوم على التطبيق والتقنية كأساس للعملية التعليمية، كما تقوم على الشراكة مع المؤسسات الإنتاجية المختلفة فى كل مكونات العملية التعليمية، ونسعى بكل جدية لإيجاد تلك الشراكات وتعميقها، بما يخلق خريجًا قادرًا على الإنتاج والابتكار فى بيئة العمل، كما نخطط الآن ونتواصل مع مؤسسات الإنتاج وكل الأنشطة الاقتصادية لكى يقضى كل طالب فى الجامعة التكنولوجية عاما كاملا من التدريب فى الصناعة، لكننا نحتاج لمزيد من الوقت لبلوغ ذلك. هل هناك خطوات لتحديد المسار الوظيفى لخريجى الجامعات التكنولوجية؟ - هناك تنسيق يتم حاليا بين الجهات المعنية لإصدار بطاقات الوصف والمسار الوظيفى لخريجى الجامعات التكنولوجية وكلياتها المختلفة، والهدف منها هو ضمان حصولهم على درجاتهم الوظيفية المناسبة، باعتبارهم خريجين جامعيين يحملون درجة البكالوريوس مثل غيرهم من خريجى الجامعات المصرية. وماذا عن البرامج البينية الجديدة بالكليات التكنولوجية؟ - التوجه نحو البرامج الدراسية البينية ضرورة، لتكون أداة من أدوات رفع كفاءة الاقتصاد، فإذا ما أسقطنا ذلك على البرامج الدراسية فى الجامعات التكنولوجية، فنجد أن كلمة «تكنولوجيا» ذاتها تعنى «تطبيق العلوم» أو بالأحرى تحويل النظريات والأفكار التى تضعها العلوم المختلفة إلى منتجات يستفيد منها الإنسان، وكلمة «العلوم التطبيقية» ذاتها تعنى مجموعة البرامج الدراسية التى تستطيع أن تجمع بين مجموعة من أفرع العلوم لتنتج منتجا يخدم البشر من خلال تبنى مجموعة من التكنولوجيات، التى تستطيع التوفيق بين أفرع العلوم المختلفة وتوظيفها لخدمة البشرية. من هنا يتضح بجلاء أن البرامج التكنولوجية بطبيعتها هى برامج بينية علوم المواد والهندسة والطب والفيزياء والكيمياء وغيرها، ومهمتها حسن توظيف وتوطين ونقل وابتكار التكنولوجيا فى كل العلوم من أجل خدمة البشرية، ولا يخلو أى منتج تكنولوجى من عدد من التخصصات تداخلت فيما بينها لتنتج هذا المنتج أو ذاك. من تلك البرامج على سبيل المثال برامج تكنولوجيا الميكاترونيكس وفيه يدرس الطالب علوم الميكانيكا مع علوم الكهرباء والإلكترونيات والبرمجيات معا، وفى برامج تكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية يدرس الطالب العلوم الصحية مع العلوم الهندسية.