بعد أكثر من قرن على ذلك اليوم، تظل قصة حسين عبد الرسول تذكرة بأن العظمة قد تولد من البساطة، وأن وراء كل اكتشاف عظيم قلبًا مصريًا نابضًا بالإصرار. لقد بدأت الحكاية بفتى وحمار وعثرة، لكنها انتهت بصفحة خالدة في ذاكرة الإنسانية، وبأن عاد ابن مصر الصغير ليضيء بين ملوكها العظام. «آخر ساعة» التقت نوبي ابن حسين عبد الرسول ليروى الكثير من الكواليس. ◄ احك لنا قصة والدك مع هذا الاكتشاف العظيم؟ - في عام 1922، وبين أعماق وادي الملوك بالأقصر، كان هناك فتى في الثانية عشرة من عمره على موعد مع القدر. اسمه حسين عبد الرسول، الطفل المصري المجهول الذي قاد العالم إلى مقبرة الملك توت عنخ آمون، أعظم اكتشاف أثري في القرن العشرين. كان حسين يعمل مع الفريق المصري المساعد للبعثة البريطانية التى قادها عالم الآثار هوارد كارتر. وفي صباح أحد الأيام، بينما كان يمتطى حماره بالقرب من موقع الحفريات، تعثر الحيوان وسقط، فانكسرت جرة الماء التى كان يحملها، وانسكب الماء على الرمال.. وبينما كان الفتى يحاول جمع شتات الجرة، لمح درجات حجرية منحوتة تحت الرمال المبتلة. مدفوعًا بفضوله، أزاح الرمال بيديه ليكشف عن المدخل المؤدى إلى المقبرة. وعلى الفور نادى على كارتر، الذى بدأ الحفر بنفسه حتى ظهرت بقية السلم. كانت تلك اللحظة الأولى فى قصة الاكتشاف الأسطوري الذى أدهش العالم بأسره. ◄ لماذا ركز الجميع مع كارتر واللورد كارنارفون ولم ينتبه أحد لوالدك؟ - العالم كله عرف اسم كارتر، لكن أحدًا لم يتحدث عن الفتى الذى وجد المقبرة فعلى مدى عقود، غاب اسم حسين عبد الرسول عن كتب التاريخ، وطغت شهرة كارتر واللورد كارنارفون على اسمه، رغم أن عين الطفل المصرى وفضوله البريء هما من فتحا باب الراحة الأبدية لفرعون ظل نائمًا تحت الرمال أكثر من ثلاثة آلاف عام. ◄ كيف كان شعورك خلال الافتتاح؟ - لقد تم عرض فيلم وثائقى مؤثر بصوت الفنان كريم عبد العزيز، روى قصة والدى حسين عبدالرسول وأعاد الاعتبار للطفل الذي غيّر مسار علم الآثار، وفى لمسة فنية مبتكرة، قدّم المخرج الفنى بالذكاء الاصطناعى رامى عماد فيلمًا قصيرًا جمع بين التاريخ والتكنولوجيا الحديثة، ليُعيد رواية الحدث من خلال عيون الطفل الذي وجد الملك. لم أتمالك دموعى وأنا أشاهد الفيلم فى حفل الافتتاح، تلك اللحظة كانت بمثابة استعادة للحقوق واعتراف بالجميل لمن صنعوا التاريخ بأيديهم، كما خصص المتحف ركنًا خاصًا لصور والدى حسين عبد الرسول وقصته، تقديرًا لدوره الحقيقى فى الاكتشاف الأعظم بتاريخ مصر الحديثة، ولتكريم دوره الاستثنائى فى هذا الاكتشاف، وُضعت صورته وهو يرتدى عقد الجعل المقدس، أحد الكنوز البالغ عددها 5٫398 قطعة التى عُثر عليها داخل المقبرة.