الخطة بدأ تنفيذها بالفعل فى غزة، وأنها لم تعد مجرد مقترح على ورق، لكن الأخطر أنها تجد دعمًا من القادة المحليين الذين يتبنونها منذ أن زل لسان الرئيس الأمريكى ترامب بذكر «حل الدولتين» تيقظت قرون الاستشعار الإسرائيلية. وبرغم تراجع ترامب الواضح بما يكفل طمأنة إسرائيل، إلا أن بيوت الخبرة والمتخصصين هناك فى الشأن السياسى هبوا لوضع العراقيل والخطط والنصائح لمنع قابلية الفكرة للتنفيذ قبل أن يتغير وجه الشرق الأوسط بعد مبادرة الرئيس ترامب من أجل تجنب محاولات فرض الرواية غير القابلة للتطبيق فى رأيهم المتمثلة فى «دولتين لشعبين». فى رأى بعض الخبراء يجب على إسرائيل إعادة تعريف مفهومها الأمنى بما يضمن «حقوقها التاريخية»، «واحتياجاتها الوجودية»، ولتحقيق ذلك، عليها أيضًا أن تتولى زمام المبادرة السياسية بشأن القضية الفلسطينية، فى إطار خطة ترامب. وإلا، فستواجه ضغوطًا دولية غير مسبوقة لإقامة دولة فلسطينية، مما سيشكل تهديدًا وجوديًا لدولة إسرائيل. بناء عليه يتعين على إسرائيل نفسها أن تعمل على تشجيع منح الحكم الذاتى للحكومات المحلية على أساس العشائر الفلسطينية! إطار الخطة الإسرائيلية المقترحة هو إتاحة الفرصة لتمكين إسرائيل من العيش بأمن، وللفلسطينيين من العيش بكرامة فى ظل حكومة مستقلة، ولذلك يتعين على إسرائيل تعزيز مبادرتها السياسية الخاصة. بحيث تتيح هذه المبادرة منح الحكم الذاتى للحكومات المحلية، بناءً على التركيبة العشائرية للمجتمع الفلسطينى. وقد طُرحت هذه الفكرة فى عدة نسخ، بما فى ذلك خطة الإمارات للدكتور مردخاى كيدار، التى اقترحت إنشاء سبع دول مدن على أساس مناطق السلطة الفلسطينية. ويرى أصحاب هذه الفكرة أنه إذا لم تتصرف إسرائيل بهذه الطريقة، فستجد نفسها مضطرة لصد محاولات فرض مبادرات عربية أو أوروبية أو أمريكية عليها، والتى يعتمد معظمها على الرواية المألوفة وغير القابلة للتطبيق «دولتان لشعبين». لذلك، يؤكدون على ضرورة تبنى نهج استباقى فى المجال السياسى أيضًا. مؤخرًا ثبت أن هذه الخطة بدأ تنفيذها بالفعل فى غزة، وأنها لم تعد مجرد مقترح على ورق، لكن الأخطر أنها تجد دعمًا من القادة المحليين الذين يتبنونها. ولها مؤيدون فلسطينيون أيضًا. فقد نُشرت مؤخرًا مبادرة من عشائر الخليل بقيادة الشيخ الجعبرى للانسحاب من السلطة الفلسطينية. وفى رسالة بعث بها إلى الوزير الإسرائيلى نير بركات، أعلن الشيخ الجعبرى استعداده للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، والعيش معها بسلام وتعايش! ويبرر أصحاب الخطة أهميتها استنادًا على أن منطق اتفاقيات أوسلو هو أساس فشلها. فالحلُّ الذى اقترحته لم يُناسِب أيًّا من الجانبين. إذ لا يمكن لإسرائيل أن تعيش بأمانٍ كشريطٍ ساحليٍّ ضيقٍ إلى جانب دولةٍ فلسطينيةٍ معاديةٍ تقع على جبال الضفة الغربية. كما أوضح الفلسطينيون، من جانبهم، من خلال أفعالهم أنهم لا يريدون حقًا إقامة دولةٍ إلى جانب دولة إسرائيل، بل دولةً تُبنى على أنقاضها. من النهر إلى البحر. أصحاب هذه الرؤية يشددون على أن هذا وقت مناسب لإسرائيل.. فوجود إدارة أمريكية متعاطفة جدًا معها يتيح فرصة للتفكير المتجدد والإبداعى فى الحلول الممكنة للقضية الفلسطينية، ودراسة المشكلة بطرق مختلفة عن نموذج حل الدولتين، الذى يُهدد وجود إسرائيل. ولاسيما أن خطة السلام الحالية للرئيس ترامب تضع هدفًا طموحًا لتغيير وجه العالم عمومًا والشرق الأوسط خصوصًا. وفى السياق الفلسطينى، تتضمن الخطة إعلان نوايا عام قابل للتأويل. ويستشهدون بموقف جاريد كوشنر فى الأيام الأخيرة، الذى أشار إلى أن تعريف «الدولة» بحد ذاته يتغير لدى مختلف الأطراف، متجاهلًا ما استقرت عليه التعريفات السياسية الدولية لمصطلح « الدولة» وكأنه سيضع قاموسًا جديدًا للتعريفات السياسية يتلاءم مع نظرة ترامب ونتانياهو.