البابا تواضروس يترأس صلوات تدشين كنيسة العذراء في أكتوبر    الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمراً لعرض جاهزيتها ل انتخابات مجلس النواب    انطلاق فعاليات اختبارات الائمه لمرافقة بعثة الحج بمديرية أوقاف المنوفية    البورصة المصرية تتجاوز 40 ألف نقطة ورأس المال يقترب من 3 تريليونات جنيه    وزير التموين: طرح عبوة زيت طعام 700 مللي ب46.60 جنيه    الآن.. استعلم عن فاتورة الكهرباء لشهر نوفمبر 2025 قبل مجيء المحصل    توقيع مذكرة تفاهم بين التعليم العالي والتضامن ومستشفى شفاء الأورمان لتعزيز التعاون في صعيد مصر    استعدادات مكثفة بغزة لتسليم رفات الجندي الإسرائيلي هدار جولدن    استمرار التصويت الخاص بانتخابات البرلمان العراقى    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    انطلاق مباراة بيراميدز وسيراميكا في كأس السوبر المصري    الداخلية تكشف حقيقة فيديو ادعاء سرقة هاتف بالجيزة    مصرع عنصرين وضبط 783.5 كيلو مواد مخدرة و86 قطعة سلاح بعدد من المحافظات    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    طرح فيلم أحمد داود «الهوى سلطان» عبر إحدى المنصات.. 13 نوفمبر المقبل    حفل أسطوري .. أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" بألمانيا    مهرجان القاهرة يعلن عن القائمة النهائية للبانوراما المصرية خارج المسابقة    جناح بيت الحكمة فى الشارقة الدولي للكتاب يعرض مخطوطات نادرة لأول مرة    خلال منتدى مصر للإعلام.. يوسف الأستاذ: الحرب الحقيقية بدأت في غزة بعد وقف إطلاق النار لإعادة الإعمار    وزير الصحة: مصر تتجه بقوة نحو توطين الصناعات الطبية    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    رئيس جامعة بنها يستقبل فريق الاعتماد المؤسسي والبرامجي لمراجعة كلية الطب البيطري    عاجل- مئات المتظاهرين العرب يحتجون أمام مكتب نتنياهو بسبب موجة العنف في المجتمع العربي    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و151 ألف فرد منذ بداية الحرب    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    استخرج تصاريح العمل خلال 60 دقيقة عبر "VIP إكسبريس".. انفوجراف    تعليم القليوبية تحيل واقعة تعدي عاملة على معلمة بالخصوص لتحقيق    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    التنسيقية: إقبال كثيف في دول الخليج العربي على التصويت في النواب    تركتهم في الشارع، النيابة تتدخل لإنقاذ ثلاثة أطفال من إهمال الأم في الزقازيق    «صرف الإسكندرية»: فرق طوارئ ومتابعة ميدانية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب    «أكبر خيانة».. ما هي الأبراج التي تكره الكذب بشدة؟    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    وزير المالية : "نحن نبني على مسار «الشراكة واليقين» مع المستثمرين"    صرف تكافل وكرامة لشهر نوفمبر 2025.. اعرف هتقبض امتى    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    بين السياسة والرياضة.. أحمد الشرع يثير الجدل بلقطة غير متوقعة مع قائد أمريكي (فيديو)    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    بعد حديث «ترامب» عن الأمن فى مصر: نجاح أمنى جديد فى تأمين وفود حفل افتتاح المتحف المصرى الكبير    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيطان يُنهي حياة المهندس الشهم على الطريق


بورسعيد - ‬أيمن ‬عبد ‬الهادي
لم يكن المهندس حمادة فرج يعلم أن رحلته إلى محافظة دمياط ستكون الأخيرة في حياته.
لم يستوعب أن شهامته التي دفعته لمساعدة رجل غريب ستنتهي بجريمة مأساوية تهز الشارع من هول بشاعتها، وتكشف الوجه القاسي للخداع والغدر على الطريق.
جريمة تجسدت فيها الشهامة والندالة في نفس الوقت من خلال نموذجين متناقضين من البشر .. احدهما شهم حتى النخاع والآخر نذل حتى الثمالة.
التفاصيل غي السطور التالية..
خرج المهندس حماده البالغ من العمر 40 عامًا من منزله بالقاهرة متجهًا إلى كفر البطيخ لحضور حفل زفاف أحد أقاربه، تاركًا خلفه أسرته التي ودعته بابتسامة، دون أن تدري أنها النظرة الأخيرة لزوج وأب لن يعود، وكانت الرحلة عادية في بدايتها، طريق طويل وأغانٍ خفيفة تكسر ملل السفر، لكن القدر كان يخبئ مشهدًا مأساويًا على أحد الطرق السريعة.
الرحلة الأخيرة
توقف حمادة في إحدى محطات الوقود على طريق محور 30 يونيو لتزويد سيارته بالبنزين، وهناك اقترب منه شاب يرتدي ملابس عامل بسيطة، وطلب منه أن يوصله إلى بورسعيد، مبررًا أنه تأخر على عمله ولا يجد وسيلة مواصلات، ابتسم المهندس واستجاب على الفور، فهكذا اعتاد أن يساعد الناس، شهامته سبقت خوفه، وإنسانيته جعلته لا يظن سوءًا بأحد.
انطلقت السيارة في هدوء، الحديث كان بسيطًا في البداية، لكن بعد دقائق، انقلب كل شيء، تحولت الشهامة إلى فخ، والمساعدة إلى مصيدة، استل الراكب سكينًا من بين طيات ملابسه، وطالب المهندس أن يترك السيارة ويسلمه ما يملك من نقود ومتعلقات، رفض حمادة، قاوم بشجاعة رغم المفاجأة، لكن القاتل سدد له ثلاث طعنات نافذة في الصدر، لينهار جسده داخل السيارة، والدماء تسيل على المقعد الذي كان يجلس عليه بثقة واطمئنان منذ دقائق.
غدر حتى النهاية
لم يكتف القاتل بجريمته، بل أوقف السيارة في طريق فرعي على المحور، وسحب جسد الضحية إلى الخارج، وألقى به على جانب الطريق، ثم أدار عجلات السيارة فوق رأسه ليتأكد من وفاته، في مشهد لا يخلو من القسوة والوحشية، بعدها استولى على السيارة والهاتف المحمول وجهاز اللاب توب والمبلغ المالي الذي كان بحوزة المهندس، وفر هاربًا تاركًا خلفه جثة المهندس شريف وأب مكلوم لم يجد حتى من يغلق عينيه.
بداية اللغز
مع غروب الشمس، بدأت الأسرة في القلق، فقد انقطع الاتصال بحمادة منذ ساعات، وتكررت محاولات الاتصال دون جدوى.
في اليوم التالي، تلقى قسم شرطة كفر البطيخ بلاغًا بتغيبه، وبعد ساعات تم العثور على جثمان مجهول على طريق محور 30 يونيو داخل نطاق محافظة بورسعيد، ليبدأ لغز محير: البلاغ في دمياط والجثة في بورسعيد والسيارة مختفية.
تحت إشراف اللواء محمد الجمسي، مدير أمن بورسعيد، تم تشكيل فريق بحث موسع بقيادة اللواء ضياء زامل، مدير المباحث، وبدأت رحلة فك طلاسم الجريمة.
استخدمت فرق البحث أحدث وسائل التكنولوجيا في تتبع خط سير السيارة من القاهرة وحتى لحظة اختفائها، وتم فحص كاميرات المراقبة على طول الطريق، ومحطات الوقود، والمداخل والمخارج.
تتبع القاتل وضبطه
بعد ساعات طويلة من التحليل والمراجعة، رصدت الكاميرات المتهم أثناء استقلاله السيارة مع الضحية، ثم ظهوره بمفرده في منطقة قريبة من مسرح الجريمة، جرى تحديد هويته ومكان اختبائه بدقة، وبعد تقنين الإجراءات، داهمت قوات الأمن وكر المتهم، وتمكنت من ضبطه ومعه السيارة المسروقة ومتعلقات المجني عليه كاملة، بما فيها الهاتف المحمول واللاب توب والمحفظة وبطاقات الهوية.
اعترف المتهم تفصيليًا أمام رجال المباحث بارتكابه الجريمة، وروى كيف استغل شهامة المهندس وحسن نيته، ثم غدر به في الطريق، كما أرشد عن المكان الذي تخلص فيه من الجثة، وقام بتمثيل الواقعة ميدانيًا أمام النيابة العامة التي باشرت التحقيق، وأكدت مصادر أمنية أن سرعة التحرك واحترافية فريق البحث كانت وراء كشف اللغز في وقت قياسي رغم تعقيد القضية وتعدد المحافظات التي تشابكت فيها خيوطها.
جنازة مهيبة
في صباح اليوم التالي، خرج المئات من الأهالي لتشييع جثمان المهندس الشهيد، في جنازة مهيبة اختلطت فيها الدموع بالدعاء، والهتافات بالمواساة، انهارت والدته باكية وهي تردد: كان طيب ومبيأذيش حد.. ليه يا ابني؟!، بينما وقف أصدقاؤه وزملاؤه في صمت تام، غير مصدقين أن من كان يملأ الجلسات بالضحك والكرم، رحل بهذه القسوة.
غطت الزغاريد الحزينة صوت بكاء النساء، وأُديت صلاة الجنازة وسط حضور كبير من الأهالي الذين رفعوا أيديهم إلى السماء بالدعاء له بالرحمة، وأن ينال القاتل جزاءه العادل، وتحول المشهد إلى رسالة إنسانية تردد صداها في كل بيت: "ما بقاش الأمان في الطريق، والخير بقى محتاج حذر".
أثارت الواقعة موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول الآلاف صور المهندس حمادة، مطالبين بالقصاص العادل للقاتل الذي غدر بإنسان لم يعرفه سوى لدقائق، كتب أحد أصدقائه: حمادة كان الطيبة في شكل إنسان، كان بيساعد الناس من غير ما يستنى مقابل.. ربنا يرحمه ويصبر أهله، بينما علق آخر: الشهامة بقت خطر.. واللي بيعمل خير لازم يخاف!
ورغم الحزن، خرجت أصوات تدعو للرحمة والعبرة، مؤكدين أن الجريمة لا يجب أن تطفئ في الناس روح الخير، بل أن تزيدهم وعيًا بأن الحذر لا يتعارض مع الإنسانية.
اقرأ أيضا: إجراءات عاجلة لإغاثة الطفل المعذَّب على يد والديه بدمياط
القصاص يقترب
النيابة العامة تواصل تحقيقاتها مع المتهم، تمهيدًا لإحالته إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد المقترن بالسرقة، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام شنقًا، وفي الوقت نفسه، ما زال الشارع المصري يردد قصة المهندس حمادة كرمز جديد للشهامة التي قُتلت غدرًا، وللمرحوم الذي ترك خلفه سيرة طيبة ستظل تروى طويلًا.
قال عدد من أهالي بورسعيد إنهم تابعوا تفاصيل الجريمة بصدمة وحزن، مؤكدين أن ما حدث للمهندس حمادة فرج هزّ ضمير كل إنسان، لأنه خرج من بيته يساعد غيره فعاد جثة غارقة في الدم.
قال محمد فؤاد، موظف، إن الواقعة مؤلمة لأنها طعنة في شهامة المصريين، مضيفًا: "الراجل ساعد واحد على الطريق، ماكنش يتخيل إن ده اللي هيغدر بيه.. لازم القاتل ياخد جزاءه علشان الناس تتطمن."
وقالت منى السعيد، ربة منزل، إنها بكت عندما رأت صور الجنازة، مشيرة إلى أن المئات شيّعوا الجثمان وسط حالة حزن عارم، والدعوات للقصاص العادل.
وأضاف أحمد السيد، شاب من الحي الإماراتي، أن هذه الجريمة لازم تخلينا نراجع نفسنا، ونوعي أولادنا عن مخاطر الثقة في الغرباء، قائلًا: "الشهامة ما تموتش، بس لازم تكون بحذر."
وأكد المواطنون أن مشهد الجنازة كان كافيًا ليُظهر كم الحب الذي تركه المجني عليه في قلوب من عرفوه، وأن دموع الناس في وداعه كانت أبلغ رد على قسوة الغدر الذي أنهى حياته.
رحم الله المهندس الشهيد، وألهم أسرته الصبر، ولينل القاتل جزاءه العادل، فما أقسى أن يُقتل الإنسان بجميل صنعه، وما أبشع أن تُغدر الشهامة على الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.