في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد التوترات الأمنية في أوروبا الشرقية، أكد الرئيس الإستوني علار كاريس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يسعى للوصول إلى تسوية سلمية، مشددًا على ضرورة تعزيز العقوبات ودعم أوكرانيا عسكريًا. وجاءت تصريحات كاريس في مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تناول خلالها موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الحرب الروسية الأوكرانية، ومستقبل التحالف داخل حلف شمال الأطلسي «الناتو»، والتحديات الأمنية المتزايدة على حدود دول البلطيق. ألقى الرئيس الإستوني، الضوء على خطورة الاستفزازات الروسية لدول الناتو، ويؤكد أن اقتصاد موسكو يتراجع بفعل العقوبات، وأن أوروبا أمام لحظة حاسمة تتطلب تماسكًا وتحالفات قوية، لأن "الصغار لا ينجون دون أصدقاء"، بحسب تعبيره. اقرأ أيضًا: انتهاء لقاء القمة بين الرئيسين الأمريكي والصيني في كوريا الجنوبية لقاء الفاتيكان.. ووعود ترامب عن السلام أفاد الرئيس الإستوني أنه التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال جنازة البابا فرانسيس بالفاتيكان في أبريل الماضي، حيث أكد ترامب حينها أنه "قريب من إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، لكن كاريس أوضح أن الزمن كشف تعقيد المشهد قائلًا: "ترامب أدرك أن إنهاء الحرب ليس أمر ال24 ساعة التي وعد بها". وأشار إلى أن ترامب انتقد، الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في البداية ومال لبوتين، لكنه في الشهور الأخيرة بدأ يتخذ موقفًا أكثر صرامة مع استمرار التصعيد الروسي، بحسب قوله. عقوبات أمريكية جديدة على روسيا وكشف كاريس، أن إحباط ترامب من سلوك الرئيس الروسي دفعه لاتخاذ خطوة عملية، إذ فرضت إدارته عقوبات على اثنتين من أكبر شركات النفط الروسية، وهي أول عقوبات منذ عودته للرئاسة الأمريكية. وأوضح أن هذه الخطوة تستهدف ضرب قطاع الطاقة الروسي الذي يمول جزءًا كبيرًا من الحرب. وأكد: "بوتين لا يريد الجلوس للتفاوض ولا يريد السلام.. المزيد من العقوبات والدعم لأوكرانيا هو الطريق الوحيد". كما لفت إلى أن الاقتصاد الروسي يتراجع بالفعل، ما سيترك أثرًا في النهاية رغم بطء النتائج. تهديدات روسية على حدود الناتو سلّط الرئيس الإستوني الضوء على موقع بلاده الحساس وحدودها الممتدة مع روسيا لمسافة 200 ميل، مؤكدًا تسجيل أكثر من 80 خرقًا روسيًا لأجواء إستونيا خلال العقدين الماضيين، من بينها حادث الشهر الماضي الذي دخلت فيه ثلاث طائرات روسية الأجواء الإستونية لمدة 12 دقيقة. وتابع أن هذه السلوكيات تتكرر بهدف "اختبار الناتو"، مشيرًا إلى حوادث مشابهة في بولندا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وفنلندا والنرويج، حتى أن ليتوانيا أغلقت حدودها مع بيلاروسيا بعد حادث بالونات مريبة عطلت مطارًا رئيسيًا. وأكد: "الناتو تصرف بشكل صحيح.. ورسالتنا لروسيا واضحة: لا تعبثوا معنا". المعادلة داخل الناتو تطرق كاريس، لموقف ترامب من الناتو، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي، اشتكى سابقًا من أعباء واشنطن المالية، لكنه جدّد دعمه للحلف خلال قمة لاهاي في يونيو، مُقابل التزام أوروبي برفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي بحلول 2035. وأوضح أن إستونيا، ستصل إلى 5.4% العام المقبل، مع استثمار مكثف في الصناعات الدفاعية، خاصة الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، مستفيدة من بنيتها الرقمية المتقدمة. الطائرات المسيّرة تتقدم على الدبابات وقال كاريس، إن دروس الصراع في أوكرانيا تؤكد انتقال التكنولوجيا العسكرية إلى عصر جديد، موضحًا: أن الطائرات بدون طيار أصبحت أهم من الدبابات والسفن". لكنه أكد أن قدرات إستونيا تبقى محدودة في الأرقام المطلقة رغم ارتفاع نسبة الإنفاق، ما يجعل التحالفات الدفاعية ضرورة لا رفاهية. مستقبل القوات الأمريكية في أوروبا تطرّق كاريس، لاحتمالات تقليص وجود القوات الأمريكية في أوروبا، قائلًا إن بعض الانسحابات قد تحدث، لكنه شدد على أن واشنطن تبقى ركيزة أمنية مهمة. وأضاف أن الأوروبيين لا يسعون لبناء "بديل موازٍ للناتو"، لكنهم يدعمون تقوية القدرات الدفاعية تدريجيًا لتقليل الاعتماد الكامل على الولاياتالمتحدة بمرور الوقت. وعن قدرة إستونيا على الدفاع عن نفسها منفردة، قال كاريس بصراحة: إنه لا يمكننا الاعتماد على أنفسنا وحدنا"، مستشهدًا بتاريخ بلاده قبيل الحرب العالمية الثانية حين امتلكت جيشًا قويًا لكنه سقط بسبب غياب الحلفاء، مضيفًا: "القوة العسكرية وحدها لا تكفي لحماية الدول الصغيرة.. ما تحتاجه حقًا هو الأصدقاء".