بعد مرور قرن كامل على اكتشاف مقبرته التي حبست أنفاس العالم، يستعد الفرعون الذهبي توت عنخ آمون لاعتلاء عرشه مجددًا ولكن هذه المرة في مقرّه الملكي الجديد داخل المتحف المصري الكبير، في لحظة ينتظرها عشّاق الحضارة حول العالم بشغفٍ وتلهّف. خمسة أيام فقط تفصلنا عن الحدث الذي سيعيد سحر التاريخ للحياة، حيث يُكشف الستار عن كنوز الشاب الفرعوني الصغير في عرضٍ أسطوري غير مسبوق، يشهد حضور ملوك ورؤساء العالم في احتفال مهيب يجمع بين أصالة الماضي وعظمة الحاضر. ◄ أسرار الحضارة على مدى أكثر من مائة عام، ظل اسم توت عنخ آمون يلهب خيال البشرية منذ أن اكتشف عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر مقبرته عام 1922 في وادي الملوك بالأقصر، لتصبح بوابة مفتوحة على أسرار الحضارة المصرية القديمة التي أذهلت العلماء والفنانين والسياسيين على حد سواء. واليوم، وبعد مائة عام بالتمام، يواصل الملك الذهبي استقبال كبار زواره، لكن هذه المرة من داخل قاعة فريدة تبلغ مساحتها 7500 متر مربع داخل المتحف المصري الكبير أكبر قاعة عرض مخصصة لملك في تاريخ المتاحف. هناك، ستُعرض كنوز توت عنخ آمون كاملة لأول مرة منذ اكتشاف المقبرة، في تجربة بصرية غامرة تتيح للزائرين التجوّل في أجواء من السحر والدهشة وكأنهم يدخلون المقبرة ذاتها قبل 3300 عام. ◄ زوار عبر التاريخ لم يكن توت عنخ آمون مجرد ملك شاب، بل أصبح سفير الحضارة المصرية الذي جمع حوله عظماء العالم، ففي مقره القديم بالمتحف المصري بالتحرير، زاره رؤساء وملوك من مختلف القارات: من الملكة إليزابيث الثانية التي أبهرتها روعة مقتنياته في لندن عام 1972، إلى شارل ديجول الذي زار معرضه في باريس عام 1967، والأميرة ديانا التي أمضت خمس ساعات أمام كنوزه في عام 1992، إضافة إلى رؤساء مثل عبد السلام عارف، شو إن لاي، وهنري كيسنجر الذين وقفوا مبهورين أمام عبقرية المصري القديم. واليوم، يعيد التاريخ نفسه، حيث سيتوافد إلى المتحف المصري الكبير خلال أيام ملوك وزعماء العالم المعاصر، في احتفال ضخم يوازي لحظة اكتشاف المقبرة ذاتها قبل قرنٍ من الزمان. ◄ القاعة الملكية الجديدة تتميز قاعة عرض الملك توت عنخ آمون بتقنيات عرض متحفي هي الأحدث في العالم، تشمل أنظمة تحكم في الحرارة والرطوبة والإضاءة، وواجهات زجاجية ذكية تُبرز بريق الذهب دون أن تؤثر عليه، إضافة إلى شاشات تفاعلية وبطاقات تعريف رقمية تروي قصة كل قطعة من خلال تقنيات QR و3D. اقرأ أيضا| رسالة خالدة.. المتحف المصري الكبير يكشف عن أقدم تمثالين في التاريخ وتضم القاعة 107 وحدات عرض تُبرز المجموعة الكاملة للفرعون الذهبي، بعد أن انتهى مركز الترميم بالمتحف من إعادة تأهيلها وصيانتها بدقة متناهية. ◄ القناع الذهبي.. أيقونة الخلود يتربع قناع توت عنخ آمون الذهبي على عرش القاعة كأغلى قطعة أثرية في العالم، إذ يزن 11 كيلوجرامًا من الذهب الخالص، ويبلغ ارتفاعه 54 سم. يُظهر القناع ملامح الملك الشاب مرتديًا غطاء الرأس "النِمس"، تتوّجه الإلهتان واجيت ونخبت، وتزين صدره قلادة من 12 صفًا من الأحجار الكريمة، بينما تحيط به نقوش كتاب الموتى التي تتحدث عن تطابق الجسد مع روح الإله رمز الخلود الأبدي. ◄ عودة الملك إلى مجده لم يكن انتقال مقتنيات توت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير مجرد خطوة لوجستية، بل هو رحلة رمزية لعودة الملك إلى قصره الحقيقي المطل على أهرامات الجيزة، حيث سيقف شامخًا بين أسلافه من ملوك مصر العظام، وهكذا، يكتب التاريخ فصلًا جديدًا يبدأ من أرض الفراعنة، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في لحظة ينتظرها العالم بأسره. خلال أيامٍ قليلة، وعند رفع الستار عن قاعة الملك الذهبي، سيتوقف الزمن احترامًا لعظمة حضارةٍ لم تزل تنبض بالحياة بعد خمسة آلاف عام. سيعود توت عنخ آمون ليجلس على عرشه من جديد، لا كملكٍ للمصريين فقط، بل ك رمز خالد للإنسانية كلها، يذكّرنا بأن مصر مهد الحضارة لا تزال قادرة على إبهار العالم كلما فتحت صفحة جديدة من كتابها الذهبي.