رغم أن «القمة المصرية الأوروبية» كانت يوم الأربعاء الماضى، ورغم أن العالم كله تابع التفاصيل، فإننى لم أستطع أن أتجاوزها وأتناول قضية أخرى، فما أكثر الوقائع الجميلة التى شهدها أكتوبر 2025، سيذكر التاريخ أنه الشهر الذى كانت فيه مصر فى بورة أحداث العالم، بأشياء كلها إيجابية، بدأت بانتصار الرؤية المصرية المدعومة عربيًا برفض تهجير سكان قطاع غزة، على اعتبار أنه كان الباب الملكى المنشود لتصفية القضية الفلسطينية، ورغم السيل الجارف، انتصرت دعوة السلام التى أرادت مصر أن تخرج من «شرم الشيخ» أيقونة السلام، وجاء إليها ترامب ومعه جمع غفير من رؤساء وقادة العالم ليطلق منها مبادرته للسلام، وشهد أكتوبر فوز مرشح مصر د. خالد العنانى بمنصب مدير عام اليونيسكو، ليكون أول عربى، وهو أمر ما كان ليحدث لولا تقدير المجتمع الدولى للمكانة الذى أصبحت تتبوأها الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، لنصل إلى ذروة أخرى، لا تقل فى عظمة معانيها ونتائجها المباشرة والمرتقبة، وهى القمة المصرية الأوروبية الأولى، التى عقدت فى بروكسل، وفى تصورى أنها قمة استثنائية بكل شكل، بداية من عنوانها، وانتهاء بالنتائج الاستثنائية التى أسفرت عنها، فنحن أمام قمة فيها طرفان، ارتأى كل منهما أن مصالحهما المشتركة تتطلب أن يكون بينهما تعاون، طرف تمثله دولة منفردة هى مصر، والطرف الثانى يمثله كيان سياسى واقتصادى وعسكرى كبير اسمه الاتحاد الأوروبى. القمة فى أبسط معانيها، لمن لا يعرف، تأتى فى توقيت بالغ الأهمية والتعقيد، إقليميا ودوليا، حيث ارتأى الاتحاد الأوروبى أن يعطى أولوية لتعزيز علاقته وشراكته الاستراتيجية مع مصر، ولأن قمة شرم الشيخ وما حدث فيها ليس ببعيد عن هذه القمة، فقد أكد الرئيس السيسى فى كلمته أن «مصر تسعى دوماً إلى ترسيخ السلام والاستقرار وتحقيق الرفاهية فى المنطقة، وهو ما تجلى فى استضافتها لقمة «شرم الشيخ للسلام» لإنهاء الحرب فى قطاع غزة». أسفرت القمة، ضمن أشياء كثيرة، عن توقيع اتفاقية انضمام مصر لبرنامج «أفق أوروبا» لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبى، فى مجال التعليم العالى والبحث العلمى والابتكار.. لم نغادر بعدُ شهر أكتوبر، شهر الانتصارات، الذى تستكمل فيه مصر رسالتها بجمع شمل الفصائل الفلسطينية على كلمة سواء، حتى لا يظلوا إلى الأبد على مائدة اللئام. وسط كل هذه التعقيدات الإقليمية شديدة التعقيد، ها هى مصر بعد ساعات تُهدى للعالم أعظم متاحف الدنيا، لأعظم حضارة عرفتها البشرية، «فلتحيا مصر» .