جاءت قمة مصر والاتحاد الأوروبى، التى عُقدت خلال الأسبوع الماضى فى العاصمة البلجيكية بروكسل، لتعلن عن بداية مرحلة جديدة من التعاون التجارى والاقتصادى والاستثمارى بين الجانبين، حيث تم التأكيد على ضرورة العمل على تعزيز التعاون بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى فى مختلف القطاعات الاقتصادية لزيادة معدلات التعاون بما يؤدى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وشهدت القمة المصرية الأوروبية التأكيد على قوة الشراكة الاقتصادية بين الجانبين، حيث تسعى مصر والاتحاد الأوروبى إلى تعميق التعاون فى مجالات الاستثمار والتجارة وتعزيز الاستقرار الاقتصادى، خاصة بعد أن ركزت المباحثات على دعم الاقتصاد المصرى وجذب استثمارات أوروبية واسعة فى قطاعات استراتيجية مثل الصناعة والطاقة الجديدة والمتجددة، بما يسهم فى توفير فرص عمل وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية. اقرأ أيضًَا | مصر الدولة الشرق أوسطية الوحيدة فى الشراكة الإستراتيجية مع القارة كما اتفق الطرفان على العمل على توسيع نطاق التبادل التجارى ورفع معدلات الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد، من خلال تحسين بيئة الأعمال وتيسير حركة السلع والخدمات، بالإضافة إلى دعم خطط التحول الصناعى فى مصر، وتعزيز قدراتها على إنتاج السلع عالية القيمة، إلى جانب التعاون فى الابتكار والتكنولوجيا وذلك ضمن رؤية مشتركة قائمة على تحقيق تنمية مستدامة وشراكة متوازنة تعود بالنفع المتبادل على كلا الجانبين. وبلغة الأرقام فقد ارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى ليصل إلى 21.4 مليار دولار من يناير حتى أغسطس الماضى، مقابل 21.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، وسجلت قيمة استثمارات دول الاتحاد الأوروبى فى مصر 5.1 مليار دولار خلال العام المالى 2023/2024، مقابل 6.8 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023، واحتلت إيطاليا المرتبة الأولى فى قائمة دول الاتحاد الأوروبى الأعلى استثمارًا فى مصر خلال العام المالى 2023/2024، حيث سجلت استثماراتها 2.1 مليار دولار، تلتها هولندا 924.3 مليون دولار، ثم فرنسا 483.8 مليون دولار، ثم بلجيكا 427.1 مليون دولار، ثم ألمانيا 421.6 مليون دولار. بينما سجلت الاستثمارات المصرية فى دول الاتحاد الأوروبى 4.4 مليار دولار خلال العام المالى 2023/2024، مقابل 4.9 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023، وجاءت إيطاليا فى المرتبة الأولى فى قائمة أعلى دول الاتحاد الأوروبى فى قيمة الاستثمارات المصرية بها خلال العام المالى 2023/2024، حيث بلغت 2.9 مليار دولار، تلتها هولندا 708.5 مليون دولار، ثم فرنسا 238.3 مليون دولار، ثم ألمانيا 195.3 مليون دولار، ثم السويد 73.8 مليون دولار. أما قيمة تحويلات المصريين العاملين بدول الاتحاد الأوروبى فقد بلغت 721.6 مليون دولار خلال العام المالى 2023/2024، مقابل 651.9 مليون دولار خلال العام المالى 2022/2023، كما بلغ حجم تحويلات العاملين من دول الاتحاد الأوروبى إلى مصر 55.2 مليون دولار خلال العام المالى 2023/2024، مقابل 56.2 مليون دولار خلال العام المالى 2022/2023. ووصلت قيمة الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبى إلى 8.7 مليار دولار من يناير حتى أغسطس الماضى، مقابل 8.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، بنسبة ارتفاع قدرها 7.4%. وجاءت إيطاليا على رأس قائمة أعلى دول الاتحاد الأوروبى استيرادًا من مصر فى الفترة من يناير حتى أغسطس 2025، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية إليها 2.6 مليار دولار، تلتها إسبانيا بقيمة 908.9 مليون دولار، ثم ألمانيا 772.7 مليون دولار، ثم هولندا 736.2 مليون دولار، ثم فرنسا 664.6 مليون دولار، ثم اليونان 492.8 مليون دولار، ثم رومانيا 348.6 مليون دولار، ثم بلجيكا 315.1 مليون دولار، ثم بولندا 310.7 مليون دولار، ثم سلوفينيا 267.7 مليون دولار. فى حين بلغت قيمة الواردات المصرية من دول الاتحاد الأوروبى 12.7 مليار دولار خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجارى مقابل 13.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، وتصدرت ألمانيا قائمة أعلى دول الاتحاد الأوروبى تصديرًا لمصر فى الفترة من يناير حتى أغسطس 2025، حيث بلغت قيمة الواردات منها 2.9 مليار دولار، تلتها إيطاليا 1.9 مليار دولار، ثم فرنسا 1.2 مليار دولار، ثم إسبانيا 1.1 مليار دولار، ثم السويد 806.2 مليون دولار، ثم هولندا 680.7 مليون دولار، ثم بلجيكا 646.5 مليون دولار، ثم فنلندا 371.4 مليون دولار، ثم أيرلندا 324.3 مليون دولار. من جانبه أوضح خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية والأسمدة، أنه كان هناك تمثيل مصرى قوى ومؤثر خلال قمة بروكسل من ممثلى مجتمع الأعمال لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاستراتيجى الاقتصادى والتجارى، حيث ضم الوفد المصرى عددًا من القيادات الصناعية والتصديرية فى مشاركة تعكس الدور الفاعل للمجتمع الصناعى وتعزيز حضوره فى الأسواق الأوروبية. وأكد أن القمة تمثل رسالة واضحة على المكانة التى تحظى بها مصر كشريك أساسى واستراتيجى فى منظومة التنمية الدولية، وعلى التزام القيادة السياسية بتعزيز التعاون الإقليمى والدولى، ودعمه المستمر لقطاعى الصناعة والتصدير باعتبارهما ركيزة للنمو الاقتصادى، مشيرًا إلى أن التعاون مع الجانب الأوروبى يظل من أولويات الدولة المصرية لما يحمله من فرص واعدة للحكومة والتنمية المستدامة. بينما أكد أيمن العشرى، عضو لجنة تنمية الصادرات، أن القمة تأتى فى مرحلة دقيقة من التحولات الاقتصادية العالمية، حيث يشهد العالم إعادة رسم لخريطة الاستثمار والتجارة الدولية فى ظل المتغيرات الجيوسياسية، وسعى الدول إلى تنويع مصادر الإنتاج وتعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية، وأكد أن هذا الواقع يضع مصر والاتحاد الأوروبى أمام فرصة استراتيجية لبناء نموذج تنموى متكامل يقوم على توطين الصناعة، وتوسيع التجارة البينية، وجذب الاستثمارات المشتركة فى مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا والتحول الأخضر. وأشار إلى أن ما طرحته «أورسولا فون دير لاين» رئيسة المفوضية الأوروبية خلال القمة يعكس قناعة أوروبية راسخة بالدور المحورى لمصر فى معادلة الأمن الاقتصادى والطاقة، حيث أكدت أن مصر من أهم الشركاء للاتحاد الأوروبى، مشددة على أن الوقت قد حان للعبور إلى مرحلة جديدة من التعاون، وأوضح أن هذه الرسائل الأوروبية القوية تعكس إدراكًا متزايدًا لمكانة مصر كمحور إقليمى استراتيجى للتجارة والطاقة، وأن الشراكة بين الجانبين لم تعد تقف عند حدود التعاون التقليدى، بل تتطور إلى إطار شامل لتوطين الصناعة وتعميق سلاسل القيمة وتبادل التكنولوجيا والخبرات الإنتاجية. بينما أشاد أحمد جابر، عضو مجلس إدارة غرفة الجيزة التجارية، بنتائج القمة المصرية الأوروبية، مؤكدًا أن ما شهدته القمة من توقيع اتفاقيات اقتصادية ودبلوماسية مهمة يعكس مكانة مصر المحورية على الساحتين الإقليمية والدولية، ويؤكد ثقة الشركاء الأوروبيين فى مسار الإصلاح الاقتصادى والدور المصرى فى ترسيخ الاستقرار والسلام فى المنطقة. وأكد أن اتفاق منحة ال75 مليون يورو لدعم تنفيذ الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية على المستوى المحلى يُعد تجسيدًا لنهج الدولة فى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، عبر تحسين جودة الخدمات الأساسية للمواطنين وتوسيع فرص العمل ودعم الفئات الأكثر احتياجًا، وهو ما يؤكد أن الإصلاح الاقتصادى فى مصر يسير بالتوازى مع الإصلاح الاجتماعى. ولفت إلى أن القمة المصرية الأوروبية جاءت لتبرهن على تكامل الأبعاد الاقتصادية والسياسية فى الدبلوماسية المصرية الحديثة، حيث تجمع بين تعزيز الشراكات الاستثمارية وتوسيع التعاون التجارى من جانب، ودعم الأمن والاستقرار الإقليمى من جانب آخر، موضحًا أن ما تحقق فى بروكسل يُمثل خطوة استراتيجية نحو بناء شراكة شاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى تقوم على المصالح المتبادلة والتنمية المستدامة، وقال إن القيادة المصرية تمضى بخطى ثابتة نحو ترسيخ دور مصر كقوة إقليمية مؤثرة وشريك موثوق على الساحة الدولية، وأن القطاع الخاص المصرى، ومنه الغرف التجارية، شريك فاعل فى دعم هذه الجهود من خلال توسيع مجالات التعاون مع الشركاء الأوروبيين والمساهمة فى تنفيذ مشروعات التنمية والاستثمار المشتركة.