في 21 أكتوبر من كل عام تحتفل مصر بيوم خالد في تاريخها العسكري، يومٍ أصبح عنوانًا للفخر والعزة، حين نجحت القوات البحرية المصرية عام 1967 في تحقيق أول انتصار بعد نكسة يونيو، بإغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» في عملية بطولية غير مسبوقة أعادت الثقة إلى نفوس المصريين، وغيّرت الفكر الاستراتيجي البحري العالمي، ليُخلّد هذا اليوم عيدًا للقوات البحرية المصرية. وتواصل القوات البحرية اليوم مسيرتها في التطوير والتحديث وفق رؤية شاملة لحماية الأمن القومي المصري، وتأمين سواحل الدولة الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط، وحماية قناة السويس باعتبارها أحد أهم الممرات البحرية في العالم. إن مصر دولة «بحرية بامتياز» تعتمد قوتها على أسطول حديث متكامل، وعلى ضباط محترفين واعين بالتطورات التكنولوجية الحديثة، يعملون على مدار الساعة لحماية الوطن ومصالحه الحيوية. ◄ اقرأ أيضًا | القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين ورغم تشابه تسليح البحريات العالمية تبقى العقيدة القتالية المصرية هى سر التميز والتفوق، إذ يُعد العنصر البشري المدرّب ركيزة القوة الحقيقية. كما تحرص القوات البحرية على تنفيذ تدريبات مشتركة مع الدول الصديقة لتعزيز الكفاءة وتبادل الخبرات، كان أبرزها تدريبي «النجم الساطع» و«بحر الصداقة». وبهذه المناسبة أشار قائد القوات البحرية إلى الدلالات التاريخية لهذا اليوم العظيم، وأسرار التطوير الشامل للأسطول المصري، ودور القوات البحرية في حماية الأمن القومي وتحقيق الاستقرار الإقليمى، وانعكاسات التطور التكنولوجي على شكل الحروب الحديثة، وكيف تواجه القوات البحرية هذه التحديات بأساليب علمية واحترافية، فضلًا عن العقيدة القتالية المصرية التى تظل العامل الحاسم فى كل إنجاز . ◄ يوم الكرامة وأوضح اللواء محمود فوزي أن ما تحقّق يوم 21 أكتوبر عام 1967 الذي يعتبر يوم العزة والكرامة واستعادة الثقة للقوات البحرية بأول عمل عسكرى مصرى بعد نكسة 1967 معجزة عسكرية بكل المقاييس في ذلك الوقت. فقد تم تنفيذ هجمة ضد أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية فى هذا الوقت، وهى المدمرة «إيلات»، التى اخترقت المياه الإقليمية المصرية وعلى متنها طلبة الكلية البحرية، كنوع من إظهار فرض السيطرة الإسرائيلية على مسرح العمليات البحرى. تم استهدافها بواسطة عدد (2) لنش صواريخ، وباستخدام الصواريخ البحرية (سطح/سطح)، والتى نجحت فى إغراقها، مما أدى إلى تغيير فى الفكر الاستراتيجى العالمى، ولذا تم اختيار يوم 21 أكتوبر ليكون عيد القوات البحرية المصرية. لافتاً إلى أن القوات البحرية تمتلك سواحل كبيرة وتُعد مصر «دولة بحرية بامتياز» لما تمتلكه من سواحل على البحر المتوسط والبحر الأحمر، كما تمتلك أحد أهم الممرات البحرية العالمية (قناة السويس)، وهو ما يتطلب وضع استراتيجية تطوير شاملة تهدف إلى الوصول إلى ما نحن عليه اليوم وتسمح بتحقيق السياسة الخارجية للدولة فى التوقيت والمكان المناسبين. وقد دعمت القيادة السياسية للدولة وكذا القيادة العامة للقوات المسلحة هذا التوجه، وتُعد مصر بصفة مستمرة دولة سلام وتدعم الأمن والسلم الدوليين، ومنها الأمن البحرى بموضوعاته المختلفة. ولكى تحافظ على الأمن البحرى بمسارَين منتشرين بأبعاد كبيرة يجب أن تمتلك قوة بحرية قادرة على التواجد 24 ساعة/7 أيام/365 يومًا فى العام، بالإضافة إلى تواجد قوى بشرية مدربة ومحترفة وواعية قادرة على استيعاب التكنولوجيا. ◄ الحروب الحديثة وأكد أن تداخل العلوم والتكنولوجيا الحديثة أدى إلى اختلاف الحروب الحالية عن الحروب التقليدية؛ وهناك مجموعة عوامل تتوقف على نوعية القوات والسلاح المستخدم، فمثلاً التكلفة المالية وقدرات الدولة الاقتصادية للصناعات الدفاعية (Defense Industry) تعتبر الأغلى والأكثر كلفة على اقتصادات الدول. فالفكر الحالى هو ما يمكن تنفيذه بمسيرة آلية لا تتعدى تكلفتها آلاف الدولارات أفضل من استخدام صواريخ أو تسليح يتكلف ملايين الدولارات. أيضاً طبيعة وبعد مسرح العمليات ومدى توافر حدود اتصال سواء كانت برية أو بحرية، فما يمكن أن يُستخدم فى المعارك بين دول ذات حدود بحرية مشتركة يمكن أن يختلف فى حالة عدم وجود حدود بحرية أو بحار مشتركة. وما حدث بين (إسرائيل/إيران) لم يكن هناك مسرح بحرى مشترك بين الطرفين، وبالتالى ظهر استخدام أنواع مختلفة من الذخائر والتسليح وأساليب مختلفة. مشدداً على أن بعض الدول التى تملك قوات بحرية حديثة فى نوعية الوحدات البحرية وأنظمة التسليح المتوفرة لديها العقيدة المصرية للفرد المقاتل عاملًا حاسمًا، بالإضافة إلى العنصر البشرى الذى يعد حجر الأساس وثروتنا الحقيقية، ونحرص كل الحرص على تنمية مهاراته للوصول إلى مقاتل محترف قادر على استيعاب واستخدام التكنولوجيا الحديثة فى كافة المجالات. كما تقوم القوات البحرية بتنفيذ تدريبها من خلال عدة محاور متدرجة للمستويات المختلفة (الفرد، السفينة، مجموعة السفن)، منها تدريبات بالمحاكيات ومنها تدريبات بالذخيرة الحية. لدى القوات البحرية قناعة رئيسية بأن التدريب يتغلب على الفارق؛ فالتدريب الجاد الواقعى، والتدريب على كل ما هو جديد، والتدريب فى ظل محاكاة الظروف يساعد على تقليل الخسائر فى المستقبل. بالإضافة إلى التدريبات المشتركة التى تمثل أحد المحاور الرئيسية لزيادة فاعلية التدريب وتبادل الخبرات وزيادة التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة. تمتلك القوات البحرية المصرية سمعة طيبة متميزة بين بحريات الدول المختلفة ويتم تحقيق استفادة متبادلة لجميع الأطراف. وهناك العديد من التدريبات المشتركة داخل وخارج جمهورية مصر العربية تم تنفيذها وأخرى مخططة، وخير مثال على ذلك التدريب المشترك «النجم الساطع» داخل جمهورية مصر العربية، والتدريب البحري المشترك «بحر الصداقة» خارج الحدود. ◄ الكفاءة القتالية وأوصى قائد القوات البحرية أبطال القوات البحرية وأبناء الشعب المصرى بالاستمرار فى المحافظة على كافة عناصر الكفاءة القتالية واليقظة التامة والإدراك والوعي بالمستجدات العالمية والإقليمية التى تؤثر على الأمن القومى المصرى (سياسيًا، اقتصاديًا، أمنيًا)، وأيضًا الظروف الراهنة التى تمر بها بلدنا الحبيبة مصر، من أجل الحفاظ على مكتسبات الشعب المصري. حافظوا على الاستعداد القتالي العالي والدائم لقواتكم البحرية لتكونوا جاهزين لتنفيذ المهام والتوجيهات الصادرة من القيادة العامة للقوات المسلحة بأسلوب احترافى وراقى يدعمه العزيمة والإصرار، ولتكونوا جديرين بحفظ الأمانة الموكلة إليكم، معاهدين الله والوطن ببذل التضحيات لإعلاء ورفعة مصرنا الغالية.