كانت أيام الفيضان لها حضور من نوع خاص فى حياتنا. وكان أهالى القرية يتناوبون فى حراسة النهر كل ليلة. أعترف أننى قارئ صحف لا بأس به. وقد سعدتُ جداً أن جريدة الشروق التى تُصدرها دار الشروق قد خصصت صفحة كاملة من عدد يوم الأربعاء الماضى عن سد النهضة. بدأ بحديثٍ مع رئيس مجلس المياه العالمى لوى فاشون، عنوانه: مستعدون للوساطة فى أزمة سد النهضة، وعلى إثيوبيا احترام القوانين. أكثر من هذا أجرت حواراً مع وزير الرى الأوزبكي. عنوانه: لمصر حق أصيل فى حصتها من مياه النيل. وعنوان آخر: إدارة المياه المشتركة تحتاج لتنسيق سياسى وفنى دائمين. ونتعاون مع الجانب المصرى فى تقنيات الرى الحديث. علاوة على الحديثين هناك حديث ثالث فى الصفحة لوزير الرى المصرى الدكتور هانى سويلم عنوانه: خرائط رقمية حديثة لقاع وجوانب النيل، وحصر التعديات تكنولوجياً. أحاديث ثلاثة تدور حول موضوع شديد الأهمية، ولكى أوضح نفسى لأكتُب أننى وُلِدتُ فى قرية الضهرية مركز إيتاى البارود محافظة البحيرة. تُطِلُ على فرع رشيد، وكانت أيام الفيضان لها حضور من نوع خاص فى حياتنا. وكان أهالى القرية يتناوبون فى حراسة النهر كل ليلة. لهذا وحتى بعد انتقالى للقاهرة والإقامة فيها يُصبح لنهر النيل مكانة خاصة فى حياتي. بل إن الأعمال الأدبية التى تتحدث عن النيل لها مكان مميز فى مكتبتي، وأحتفظ بها باعتبارها كُتُباً مهمة أحاول الارتباط بوجدانى وتربطنى بنهر النيل العظيم. فى الحديث الأساسى لرئيس مجلس المياه العالمى أكد أن العالم كله يواجه نقصاً متزايداً فى المياه. وتراجعاً فى جودتها. وارتفاعاً فى معدلات تلوثها. مما يجعل الأمن المائى مُهدداً فى مناطق واسعة. ومستقبل المياه يتأرجح بين ثلاثة تحديات كُبرى: الفيضانات، الجفاف، التلوث. وعندما تكلم عن مصر قال إنه قبل سنوات أكد هذا الكلام للرئيس عبد الفتاح السيسى عندما التقاه. وأكد أن له صلة منتظمة مع وزير الرى المصرى الدكتور هانى سويلم. وأنهم على استعدادٍ دائم لتقديم الدعم، وقد نقلنا الرسالة نفسها للحكومة الإثيوبية. وأكد الخبير العالمى أن مصر تُنفِّذ من أهم خطط إدارة المياه فى العالم والفياضانات والجفاف والتلوث 3 تحديات تواجه الدنيا كلها. وأن لديهم تصورا من ثلاث مراحل: الأولى: مرحلة عاجلة لتوفير المياه الأساسية، والثانية: مرحلة تعافٍ متوسط المدى، والثالثة: مرحلة طويلة الأمد تشمل غزة والضفة الغربية وكل المناطق المتأثرة بما فى ذلك جنوبلبنان وسوريا والأردن وربما مناطق حدودية فى مصر، ولن تكون هناك حلول دائمة لغزة فقط ولكن للمنطقة بأكملها. وأن الأمر يتطلب وقتاً طويلا ويتطلب أموالاً كثيرة. لكنه الخيار الوحيد لضمان حصول السكان على المياه. وأكد عندما تحدث عن العالم كله أننا إذا أردنا مناقشة التغير المناخى فى حد ذاته، فهناك منظمات أخرى مختصة بذلك. وهذا ما أحاول توضيحه لقادة العالم. أنهم يتحدثون كثيراً عن المناخ، لكنهم لا يتحدثون بالقدر الكافى عن النمو السكانى والفوضى العُمرانية. وأكد أن مشكلات المياه والصرف الصحى فى العالم اليوم لا ترجع أساساً إلى تغير المناخ، بل إلى الانفجار السكاني. وسوء التخطيط العُمراني. ونحن نعرف بدقة كيف ستتطور الديموغرافيا فى السنوات المُقبلة بخلاف المناخ. وزير الرى الأوزبكى شوكت رحموفيتش خام رائيف قال فى حواره مع الزميل محمد علاء الدين: إن المياه هبة من الله ولا يجوز لأى طرف الانفراد بها. مُشدداً على حق مصر الجوهرى والأصيل فى الحصول على حصتها العادلة من مياه نهر النيل. وأشاد بتجربة مصر فى إدارة مواردها المائية، مشيراً إلى أن هناك تعاونا بين بلده وبين مصر فى مجال تدريب الكوادر الفنية وإدارة المياه الجوفية وتقنيات الرى الحديثة. أما وزير الرى المصرى هانى سويلم فقال إن المشروع القومى لضبط النيل يستهدف استعادة القدرة الاستيعابية لمجرى نهر النيل لضمان توفير الاحتياجات المائية المطلوبة للمنتفعين ومواجهة أى طوارئ والتعامل مع حالات الفيضان. إن المياه أساس الحياة، ونهر النيل يغذى مصر كلها بالمياه. وعلينا أن نُحافظ عليها وأن نعتبرها مصدرا مهما وأساسيا للحياة لجيلنا وللأجيال القادمة من بعدنا. ولا أبالغ باعتبارى قرويا أن أقول أن المياه ثروة كبرى.