منذ أقدم العصور، عرفت الحضارة المصرية كيف تسحر العالم، وأصبح الهوس بها سمة عابرة للحدود والأزمان ومع تقدم البشرية تم ابتكار المتاحف لتكون بمثابة خزائن لأسرار الماضى، وعرفت مصر نماذج مبكرة لها، تطورت مع الوقت لتنتشر فى مختلف أنحاء البلاد، وتتنوع بين متاحف قومية وإقليمية ونوعية، وشاركت مع المواقع الأثرية والسياحية فى تقديم صورة مشرقة تمزج بين الماضى والحاضر.. نعيش اليوم لحظة فارقة، نستعد خلالها لافتتاح المتحف المصرى الكبير، الذى يمثل أيقونة عالمية غير مسبوقة، وفى هذه المناسبة التاريخية تجد «الأخبار» أن الفرصة سانحة أكثر من أى وقت مضى، لتقديم صورة بانورامية، تستعرض كنوز حضارتنا التى قدمت إلى العالم تعريفا مختلفا ل«الإبهار».. وعلى مدار الأسابيع القادمة نلقى الضوء على نماذج منها، لأن الحصر الدقيق يظل مهمة مستحيلة. اقرأ أيضًا | رئيس المتحف المصري الكبير: لدينا مقتنيات تعرض لأول مرة للملك توت عنخ آمون لا يقتصر الاهتمام بالمتحف على المتخصصين أو عشاق الآثار والحضارة المصرية القديمة، بل يمتد ليشمل كل مهتم بالتاريخ الإنساني، حيث سيحتضن هذا المتحف الضخم مجموعة غير مسبوقة من كنوز مصر الفرعونية، معروضة بأساليب عرض حديثة وتقنيات متطورة، تجعل من زيارته تجربة استثنائية بكل المقاييس. يقام المتحف على مساحة تصل الى 500٫000 متر مربع، تم جمع الخيال والفكر والإبداع من أجل وضع تصميم معمارى فريد ومتميز لهذا الصرح الثقافى الكبير، ويبدأ مسار الزائر للمتحف المصرى الكبير بالدخول من طريق القاهرةالاسكندرية الصحراوى إلى ساحة الدخول الرئيسية وهى ميدان المسلة المصرية بمساحة 27٫000 متر مربع. يرى الزائر أمامه الواجهة المهيبة للمتحف «حائط الاهرامات» بعرض 600 متر وارتفاع يصل الى 45 مترا ينتقل منها الزائر إلى داخل المبنى الذى يتألف من كتلتين رئيسيتين هما مبنى المتحف إلى يساره (جهة الجنوب) بمساحة اجمالية 92٫623 مترا مربعا ومبنى المؤتمرات إلى يمينه (جهة الشمال) بمساحة اجمالية 40٫609 مترات مربعة ويربط بينهما بهو المدخل حيث يقبع تمثال الملك رمسيس العظيم. وتعد قاعة مراكب الشمس للملك خوفو من أبرز القاعات التى ستجذب أنظار الزوار فور افتتاح المتحف، إذ تم نقل مركب الشمس الثانية من موقعها الأصلى بجوار الهرم الأكبر إلى المتحف المصرى الكبير، فى عملية معقدة ودقيقة استغرقت سنوات وسيقوم، ولأول مرة، بتركيب وترميم المركب أمام الجمهور داخل القاعة، وهو مشهد من المنتظر أن يكون محوريًا خلال الافتتاح. كما تضم القاعات، قاعة توت عنخ آمون، التى ستعرض مجموعة نادرة من كنوز الملك الشاب، والتى تُعرض لأول مرة مجمعة بالكامل فى مكان واحد، حيث تم نقل القناع أمس مع بعض المقتنيات من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف الكبير. ويُعد اسم توت عنخ آمون رمزًا عالميًا للغموض والإثارة والمعرفة، ما يجعل قاعته نقطة جذب رئيسية لملايين الزوار المتوقعين من الأسواق السياحية العالمية.. أما القاعة رقم 3، فهى تقدم تجربة غامرة من خلال إعداد نماذج تحاكى المقابر الفرعونية، حيث سيتم عرض الجداريات الأصلية فى بيئة أقرب ما تكون إلى حالتها التاريخية الأصلية، فى محاولة لإحياء تجربة الحياة والموت عند المصريين القدماء، بصورة تحاكى طقوس الدفن والعقائد الجنائزية. وفى هذه الأثناء، يواصل جميع العاملين فى المتحف المصرى الكبير بذل جهود مضنية لاستكمال اللمسات النهائية قبل الافتتاح الرسمى فى الأول من نوفمبر. وتشمل هذه التحضيرات استلام القطع الأثرية المتبقية من مختلف المتاحف والمخازن الأثرية على مستوى الجمهورية، ونقلها إلى مركز الترميم داخل المتحف، تمهيدًا لعرضها فى أماكنها المخصصة، مع الالتزام الكامل بالإجراءات القانونية والتأمينية لنقل الآثار. بالتوازى مع ذلك، تُجرى أعمال النظافة والتعقيم لجميع القطع الأثرية المعروضة، فضلاً عن الصيانة الفنية المستمرة لكافة الأجهزة والأنظمة التكنولوجية الحديثة داخل المتحف، التى تهدف إلى تقديم تجربة بصرية ومعرفية متكاملة للزائرين، باستخدام أحدث تقنيات العرض الرقمى والتفاعلي. لكن الأنظار لا تتجه فقط إلى القاعات الداخلية، بل أيضًا إلى الساحة الأمامية للمتحف، التى تشهد حراكًا كبيرًا واستعدادات متسارعة على مدار الساعة، حيث يتم تنفيذ البروفات اليومية للاحتفالية الكبرى، وسط اهتمام لوجستى وفنى كبير.. وتشير مصادر مطلعة إلى أنه قد تم الانتهاء من تجهيز المسرح الخاص بالعرض، إضافة إلى الإضاءة الاحترافية وأنظمة الصوت المتطورة، بالتعاون مع الشركة المتحدة المسؤولة عن التنظيم، وبدعم ورعاية من القطاع الخاص، الذى يشارك بقوة فى هذا الحدث العالمي، وتجرى حاليًا البروفات الفنية والاختبارات التقنية استعدادًا للحفل، مع استمرار أعمال التنسيق والتشطيب النهائية فى محيط الساحة الأمامية للمتحف. ويؤكد القائمون على المتحف أن جميع فرق العمل تعمل بأقصى طاقتها، لتقديم افتتاح يليق بحضارة مصر العريقة، ويجعل من المتحف المصرى الكبير أيقونة عالمية للثقافة والتاريخ، ومقصدًا لا غنى عنه على خريطة السياحة العالمية.