أتيح لى عبر سنوات عمرى الصحفية الطويلة أن أرى كيف يتعامل الغرب باحترام وإجلال مع حضارتنا، ورأيت كيف يتسبب تنظيم معرض لتوت عنخ آمون او كليوباترا، فى شلل مرورى فى الطرق المؤدية إلى مكان المعرض، الذى تتصدر أخباره نشرات الأخبار والفضائيات، والصفحات الأولى للمجلات والصحف، وحتى مواقع التواصل الاجتماعى، جميعنا يعرف هذه الحقيقة، ولكن ليس مَن سمع كمَن رأى، ولكن على عظمة كل هذا، كان يستوقفنى فى المعرض ما يقام على هامشه، بمعنى آخر، تكون تذكرة زيارة المعرض، مهما كانت عالية، ليست هى الهدف أو المبتغى من الجهة المنظمة، بل هناك العشرات من مصادر الدخل، تتوزع ما بين الأكل والشرب، وبيع كتالوجات المعرض، والمحاضرات التى يليقها أمثال د. زاهى حواس، ولكن أهم شىء هو التذكارات «سوفونير» التى يسعى كل زائر للمعرض أو المتحف لاقتنائها والاحتفاظ بها لنفسه ولأولاده من بعده، لكى تؤرخ للزيارة، رأيت ذلك فى عدة دول، ولكن أفضل صورة رأيتها كانت فى معرض فى أوساكا باليابان، رأيت كيف وظفوا الشغف بشخصية الفرعون الذهبى «توت عنخ آمون» وحولوا ذلك إلى منتجات تخاطب الشرائح العمرية المختلفة، رأيت مثلًا شيكولاتة الفرعون الذهبى، باحجام وأشكال مختلفة، وشوربة توت عنخ آمون السحرية، نعم شوربة توت، وكل المستلزمات الدراسية التى يستخدمها الطفل، حتى بالونات الهيليوم التى يحملها الأطفال الصغار، كانت على هيئة توت عنخ آمون، هذا مجرد مثال لتعظيم العوائد، أعرف أن هناك شركة وطنية تعمل فى بيع المستنسخات الأثرية على أسس علمية، ولكن ما أتحدث عنه شىء آخر أتمنى أن يؤخذ فى الاعتبار.. وأتمنى ونحن على بعد ساعات من الحفل العالمى الذى تعد له مصر لتدشين أهم متاحف الدنيا، ألا يكون مبتغى أحلامنا عوائد تذاكر الزيارة، أو الإيجارات المرتفعة للمحال التى ستقدم خدماتها داخل وخارج المتحف، أو حتى فى الممشى الرابط بين المتحف والأهرامات. هناك نغمة أحذر منها مبكرًا، تروج لفكرة أن المتحف المصرى الكبير للأجانب، وليس للمصريين، بأن تكون تذاكر الزيارة فوق طاقة الأسر المتوسطة، المتاحف أحد أهم أدوات تشكيل الوعى وغرس الهوية فى نفوس الأجيال الجديدة، وهناك بالتأكيد وسائل كثيرة يمكن عبرَها اتاحة الزيارة ببرامج مختلفة. كل مصرى يجب أن يكون شريكًا ومدعوًا فى عُرس افتتاح المتحف المصرى الكبير .