ما بين ضفتى البحر الأحمر، يُسدل الستار قريبًا على أحد أهم فصول التكامل العربى فى العصر الحديث بتشغيل المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية، المشروع الذى يحول القاهرة إلى أكبر ممر كهربائى للطاقة النظيفة فى العالم.. ويعتبر النواة الأولى لإنشاء سوق كهرباء موحدة.. حيث يستعد البلدان الشقيقان لإطلاق مشروع الربط الكهربائى العملاق، الذى يتجاوز مفهوم تبادل الطاقة ليؤسس لأول سوق عربية مشتركة للكهرباء . اقرأ أيضًا | تداول 19 ألف طن و995 شاحنة بضائع متنوعة بموانئ البحر الأحمر يستند الربط إلى قوة شبكتى البلدين اللتين تشكلان معًا أكبر شبكات الوطن العربى بقدرة إجمالية تصل إلى 150 ألف ميجاوات.. ويبدأ تدشين المرحلة الأولى من أضخم مشروع للربط الكهربائى على مستوى المنطقة، بقدرة تبادلية أولية تبلغ 3000 ميجاوات. وكشف مصدر مسئول بوزارة الكهرباء أن الأعمال فى المرحلة الأولى من المشروع قد تجاوزت نسبة الإنجاز بها 95%، وهى المرحلة التى تستهدف تشغيل 1500 ميجاوات.. وذلك بعد اختصار المدة الزمنية لتنفيذ المشروع من سبع سنوات إلى ثلاث سنوات فقط. ويتكون المشروع، الذى بلغت تكلفته الإجمالية مليارًا و800 مليون دولار مناصفة بين الجانبين المصرى والسعودي، من 3 محطات محولات ضخمة ذات جهد عالٍ: الأولى فى شرق المدينةالمنورة السعودية، والثانية فى تبوك، والثالثة فى مدينة بدر شرق القاهرة. وتربط هذه المحطات خطوط هوائية وكابلات بحرية بطول يصل إلى 1350 كم ويعمل على التنفيذ تحالف من 3 شركات عالمية. ويوضح المصدر أن التبادل الكهربائى سيصل إلى 3000 ميجاوات، على أن يتم تشغيل المرحلة الأولى بقدرة 1500 ميجاوات فى شهر ديسمبر المقبل، بينما سيتم تشغيل المرحلة الثانية بذات القدرة فى الربع الأول من عام 2026. ومن الجوانب الاقتصادية والتشغيلية المبتكرة للمشروع، أنه يستغل فارق ال 6 ساعات تقريبًا فى أوقات الذروة بين الشبكتين، مما يعظم الاستفادة من قدرات التوليد لدى كل بلد، ويخفض معدلات استهلاك الوقود. من جانبه أكد د. محمد سليم، استشارى الطاقة والاستدامة أن هذا الربط يحمل مكاسب استراتيجية ضخمة لمصر تحديدًا، أبرزها تعزيز مكانتها كقوة مصدرة للطاقة، خصوصًا مع قدراتها الهائلة فى الطاقة المتجددة التى تصل إلى 100 ألف ميجاوات، كما يتيح المشروع للشبكة المصرية توفير 3000 ميجاوات كبديل عن إنشاء محطات توليد جديدة مكلفة، ويشكل نواة لربط كهربائى عربى شامل يفتح آفاقًا واسعة للتنمية الاقتصادية المشتركة، ويحقق المشروع نقلة فى إدارة الشبكات القومية بسعة تبادلية تصل إلى 3000 ميجاوات، مما يزيد الكفاءة والاستقرار، حيث تصبح كل شبكة «مخزونًا استراتيجيًا» للأخرى فى أوقات الذروة أو الطوارئ. يسمح الربط لمصر بتصدير الفائض نهارًا (طاقة شمسية ورياح) وللسعودية بدعم الشبكة المصرية فى الذروة المسائية تتجاوز الفائدة التشغيل الفنى إلى آفاق اقتصادية أوسع بتمهيد الطريق لإنشاء سوق عربية موحدة، ترتبط لاحقًا بأوروبا عبر الكابل المصري-اليوناني، مما يسمح بتجارة الكهرباء عبر القارات. يُحوّل الربط الشبكتين إلى خزان طاقة متبادل يقلل مخاطر الانقطاعات ومع توسع الربط ليضم شبكات الخليج ثم ربط مصر بأوروبا، ينشأ أول ممر طاقة كهربائى عربي- أوروبى لنقل الكهرباء النظيفة، مما يمنح المنطقة مكانة محورية فى تجارة الكهرباء والهيدروجين الأخضر عالميًا.