نجاح مفاوضات شرم الشيخ حول خطة ترامب ومؤتمر السلام يؤكد أن السلام الدائم فى الشرق الأوسط يبدأ من مصر رغم أنف نتنياهو. أكثر المتفائلين بخطة الرئيس الأمريكى ترامب لوقف الحرب فى غزة ونجاح صفقة تبادل الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس كان يتخوف من حدوث تعقيدات من الجانب الإسرائيلى وهو ما حدث فعلاً فرغم تأكيد ترامب أكثر من مرة خلال خطابه أمام الكنيست الإسرائيلى وفى كلمته فى مؤتمر شرم الشيخ للسلام أن الحرب فى المنطقة قد انتهت فلم يكد ترامب يصل إلى واشنطن حتى توالت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وتهديداته بأن الحرب لم تنته فى قطاع غزة ولا المنطقة ورغم التزام حركة حماس بتسليم جميع الرهائن الإسرائيليين «20 رهينة» الأحياء فى الموعد المحدد إلا أنه استغل صعوبة العثور على جثامين الأسرى الإسرائيليين الأموات «28 أسيرا» حيث تم تسليم 10 جثامين حتى أمس الأول وما زال هناك 18 جثمانا تحت الأنقاض ويحتاج الأمر لمعدات حديثة للبحث عنهم -حسب قول حماس - وراح على الفور يهدد بأن هذا التأخير فى تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين يعتبر انتهاكا للاتفاق وسيترتب عليه استئناف الحرب ضد حماس.. لكن ترامب طالبه بعدم اتخاذ أية إجراءات عقابية انتظارا للمفاوضات التى تجرى فى مصر بين الوسطاء وإسرائيل وحماس لحل مشكلة الجثامين.. وكان نتنياهو قد سارع بخفض عدد شاحنات المساعدات التى تدخل يوميا من 600 إلى 300 شاحنة وعدم فتح معبر رفح للأفراد.. وتأخر دخول المساعدات بالمعدل المتفق عليه وفتح معبر رفح إلى اليوم.. وليته يصدق!.. ينتظر اليوم أيضا وصول المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف إلى إسرائيل ثم إلى مصر لدفع جهود تنفيذ اتفاق وقف الحرب. من ناحية أخرى لقى 11 فردا من عائلة واحدة فى غزة مصرعهم صباح أمس فى غارة إسرائيلية تمثل انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار مما دعا حماس لمطالبة الوسطاء بضرورة الضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاق.. وكانت إسرائيل قد فتحت النار على بعض الفلسطينيين الذين تجاوزوا الخط الأصفر «دون قصد» فى اليوم الأول لعودة سكان غزة إلى الشمال وقتلتهم جميعا. من عجائب نتنياهو وحكومته أيضا أن الرئيس ترامب أكد خلال الأيام الماضية رفضه القاطع لإحداث أية تعديلات فى الضفة الغربية أو المساس بالمسجد الأقصى وشدد على أنه لن يفرض على أى فلسطينى مغادرة قطاع غزة وإنما إعادة التعمير ستتم والسكان موجودون بالقطاع وهذا يؤكد نجاح الرئيس السيسى والشعب المصرى فى وأد فكرة تهجير الفلسطينيين طوعا أو قسرا خارج غزة حتى تراجع ترامب بعدما كان يروج لتحويل غزة لمنتجع سياحى.. وعلى عكس موقف ترامب تماما اقتحم وزير الأمن الإسرائيلى بن غفير فى اليوم التالى مباشرة لزيارة ترامب لإسرائيل المسجد الأقصى مع مجموعة من مناصريه.. وقرر رئيس الكنيست طرح مشروعى قانونين للتداول يوم الأربعاء القادم «قراءة أولية»، بشأن ضم الضفة الغربية لإسرائيل وفرض السيادة الإسرائيلية عليها رغم تحذير ترامب لنتنياهو بعدم الإقدام على هذه الخطوة حتى لا يفجر جهوده لتوسيع اتفاقيات ابراهام ويلحق ضررا بالاتفاقيات القائمة. على أية حال، وبصرف النظر عن هذه الصغائر فإن نجاح المفاوضات التى استضافتها مصر حول خطة ترامب فى شرم الشيخ وتمت بوساطة مصرية قطرية تركية ورعاية أمريكية وانتهت بتوقيع اتفاق السلام فى شرم الشيخ يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السلام الدائم فى الشرق الأوسط يبدأ من مصر رغم أنف نتنياهو واليمين الإسرائيلى المتطرف. على الجانب الفلسطينى وصلت إلى القاهرة وفود الفصائل الفلسطينية من حماس وبعض الفصائل الأخرى لبدء مناقشات تمهيدية حول اليوم التالى استعدادا للمناقشات الموسعة التى ستنظمها مصر فى الأيام القادمة حول هذا الموضوع تسليم سلاح حماس وتشكيل لجنة التكنوقراط التى ستدير الأمور فى غزة بمشاركة السلطة الفلسطينية وتشكيل القوة الأمنية المسئولة عن حفظ الأمن فى قطاع غزة تحت إشراف مجلس السلام والآلية الأمريكية المكونة من 200 جندى التى سيكون مقرها إسرائيل ومهمتها مراقبة تنفيذ اتفاقية وقف الحرب. على صعيد آخر تستعد مصر لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة إعمار غزة خلال الشهر القادم وفقا لخطة الإعمار التى سبق أن أقرتها القمة العربية الطارئة التى انعقدت بالقاهرة فى يوليو الماضى فى نفس الوقت الذى تستعد فيه بريطانيا وفرنسا وألمانيا لعقد مؤتمر مماثل لإعادة إعمار غزة مما يؤكد وقوف العالم كله مع الشعب الفلسطينى وحرصه على دعمه وتعافيه فى أسرع وقت. ولا ننسى هنا توالى الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية المستقلة «142 دولة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة» ومؤتمر حل الدولتين فى نيويورك برئاسة السعودية وفرنسا والتى لا بد أن تصل بنا إلى الدولة الفلسطينية المستقلة إن شاء الله.