الآلة تفكر.. إذا أنا موجودة، في زمن الذكاء الاصطناعي، لم يعد الإنسان حرا في خياراته اليومية، بدءا من الأغنية التي يسمعها وحتى الخبر الذي يصدقه، وصولا لمشترياته. مخير بالاسم مسير بالبيانات، في كل يوم نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ونشاهد المنشورات والإعلانات، نعجب ببعضها، ونظن أننا نختار، لكن الحقيقة أن ما نختاره هو اختيار الذكاء الاصطناعي لنا، بناء على أفعالنا السابقة وسلوكنا الرقمي. هل فكرت يوما أن قدرات الذكاء الاصطناعي تصل إلى توجيه الرأي العام؟، ففي أوقات الانتخابات أو الأزمات، يتم ترتيب الأخبار بطريقة معينة، وتضخم بعض القصص بينما تدفن أخرى، وهكذا لم تعد الخوارزميات تتحكم في ما نرى فقط، بل فيما نؤمن به، وما نخاف منه، وما نختاره. وتحول الإنسان في زمن الذكاء الاصطناعي، من صانع قرار إلى نتيجة لمعادلة رقمية، ومن صاحب إرادة إلى منتج بيانات، يستخدم لتغذية أنظمة أكبر وأذكى منه. وهنا يصبح السؤال هل فقد الإنسان معنى "الاختيار"، أم أنه ما زال قادرا على استعادة وعيه وسط هذا الضجيج الرقمي. ربما آن الأوان لمناقشة تخليق الضمير الرقمي، أو ما يشبه ميثاق أخلاقي عالمي يحاسب الآلة ومبرمجيها كما نحاسب الإنسان على أفعاله. ضمير يضع حدودًا لاستخدام البيانات، ويراقب تحيز الخوارزميات، ويحمي المستخدم من أن يحول إلى مجرد رقم في قاعدة بيانات عملاقة، لأننا إذا لم ندمج الأخلاق مع التقنية، سنجد أنفسنا نعيش في عالم يفكر نيابة عنا، ويختار لنا، وربما يعيش بدلا منا.