المؤكد أن التاريخ سيتوقف كثيرًا عند يوم الثالث عشر من أكتوبر وما حدث فى شرم الشيخ مدينة السلام، وهذا المؤتمر الدولى الكبير الذى تقرر فيه إيقاف أبشع الحروب التى شهدها تاريخ البشرية فى العصر الحديث وربما القديم. مصر التى استضافت قادة وزعماء عدد من الدول مع شركاء السلام، أكدت للعالم كله أهمية دورها الإقليمى وقدرتها على الاضطلاع بمسئولياتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، وبرهن الرئيس عبد الفتاح السيسى على قيمة مصر وقيادتها وقدراتها، ولعل الرئيس الأمريكى ترامب لم يضف جديدًا حين قالها للعالم بصوت مسموع: «مصر دولة كبيرة ومؤثرة ورئيسها زعيم قوى وعظيم».. وكان من اللافت وسط الحضور الكبير وجود رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم السويسرى جيانى إنفانتينو الذى تحدث بإسهاب وتقدير لقيمة مصر وسعادته بالحضور فى شرم الشيخ التى ظل يردد فى كلماته أنها مدينة السلام الجميلة. انفانتينو وعد باضطلاع الفيفا بدوره فى إعادة اعمار غزة رياضيا، وما سيقدمه الاتحاد الدولى للكرة فى فلسطين من إعادة تأهيل الملاعب والاستادات ومساعدة الشباب الفلسطينى على العودة للعب وممارسة الحياة الطبيعية من جديد، ولكن بقى السؤال: لماذا رئيس دولة كرة القدم حاضر بين رؤساء وقادة الدول فى مؤتمر سياسى بالأصل؟ والحقيقة أن من يتابع تفاعل أسرة كرة القدم العالمية مع ما حدث فى غزة من حرب للإبادة والتدمير والتجويع، وما قدمته جماهير اللعبة من رسائل رفض وإدانة للاعتداءات الوحشية على الشعب الأعزل وتضامن مع أسر الشهداء والضحايا، يجد رسائل ضاغطة ضجت بها ملاعب أوروبا، كثير منها كان فى وجه لاعبى منتخب الكيان الصهيونى الذى طالب الكثيرون بطرده من المشاركات الكروية بالاتحاد الأوروبي. الكرة فى مواجهة الحرب كانت حاضرة، ومؤثرة شعبيا وتعبويا ليس فقط لتأثير الساحرة المستديرة على مشاعر وأفئدة الجميع، ولكن لعدالة القضية الفلسطينية وبشاعة الحرب القاسية وما فيها من بطش وتدمير وإبادة وتجويع دفعت نجوم الكرة وجمهورها للصراخ فى وجه الطغاة: كفى حربا وإبادة وتجويعا وتشريدا. المدرب العالمى الكبير بيب جوارديولا كان أكثر من جاهر بالرأى المتضامن مع أهل غزة وأطفالها ورفضه لممارسات المحتل الغاصب. جوارديولا لم يهتم يوم تكريمه بجامعة مانشستر ومنحه الدكتوراة الفخرية بالتقدير والإطراء ولكنه ركز كلامه كله على رسالة الرفض الشديد والتنديد بصوت عال بهذه الحرب الظالمة وشعوره بالحزن والألم والإحباط ووجع الضمير وهو يتابع هذه الحرب وما فيها وقال: لا أستطيع النوم ولا الشعور بطعم للحياة وما فيها وأنا أتابع كل لحظة هذا القتل للأبرياء والأطفال والتدمير. أوقفوا هذه الحرب الظالمة. أوقفوا قتل الأبرياء.. صرخات جوارديولا وغيره من نجوم الكرة كانت مسموعة عالميا ومؤثرة إعلاميا وضاغطة للدرجة التى دفعت جماهير النرويج فى مباراتهم مع فريق الكيان فى تصفيات كأس العالم لرفع علم فلسطين ولافتات تدعو لإيقاف الحرب بل والمطالبة بطرد فريق الكيان الصهيونى من اللعب فى أى مشاركات أوروبية.. ولما فاز الفريق النرويجى فوزا كاسحا اعتبرت جماهيره كل هدف سجله هالاند ورفاقه هدفا فى مرمى الطغاة. وشهدت إيطاليا مظاهرات حاشدة عشية وأثناء مباراة منتخبهم مع منتخب الكيان الغاصب الذى احتاج، كما ذكرت تقارير صحفية، لتدخل جهاز استخباراته لتأمين بعثة فريقه وحماية لاعبيه من غضب الجماهير. الكرة سجلت أهم الأهداف فى مرمى الطغاة، ومصر سجلت بدورها الفاعل وقيادتها التاريخية الهدف الذهبى فى حل القضية.. والقادم أهم ويحتاج لمزيد من الدعم والمساندة.. والإعمار.