فى الطائرة الرئاسية التى تحمله إلى المنطقة، حرص الرئيس الأمريكى ترامب على أن يؤكد للصحفيين المرافقين له عدة مرات أن الحرب انتهت. وكان على نتنياهو الذى ظل حتى اللحظات الأخيرة يؤكد أن المعركة مستمرة أن يبتلع تصريحاته السابقة وأن يرضخ للواقع وأن يقر بما قاله الرئيس الأمريكى، وأن يخفى من المشهد وزير دفاعه الذى كان قبل ساعات من وصول الرئيس الأمريكى يؤكد للجميع أنه أعطى الأوامر باستئناف التدمير فى غزة بعد استلام الرهائن!! فى المقابل.. بدا واضحا أن نتنياهو وحلفاءه يراهنون على محاولة تصوير الإفراج عن الرهائن على أنه إنجاز لنتنياهو، وأنه لم يتم إلا بحرب الإبادة التى استمرت لعامين دون أن تحقق شيئا ماعدا القتل والدمار فى غزة. وكان واضحا أيضا أن هناك محاولة لتصوير الاتفاق الذى ظل نتنياهو يقاومه حتى اللحظة الأخيرة والذى ما كان سيوافق عليه إلا بالضغوط الأمريكية على أنه انتصار لنتنياهو ونتيجة لجرائمه التى تطارده العدالة الدولية بسببها!! ورغم كل المحاولات يدرك نتنياهو أن الاحتفاء بوضع نهاية لحرب الإبادة هو دليل إدانة للمسئول عنها، وأن الرهائن عادوا من الأسر بالتفاوض وليس بجنون الحرب، وأنه سيكون عليه - عاجلا أم آجلا- أن يواجه الحقيقة وأن يحاسب على فشل وراء فشل، وأن يشرح كيف استطاع أن يقود إسرائيل لتصبح دولة منبوذة ومعزولة عن كل العالم، وكيف أصبح طريدا للعدالة داخل إسرائيل وفى كل أنحاء العالم(!!) فى المقابل.. من حق العالم الذى رفض حرب الإبادة ومخططات التهجير وحصار التجويع أن يحتفى بالإعلان عن إنهاء الحرب، وأن يلتقى على أرض مصر ليؤكد أنه لا بديل عن سلام عادل، وأن إنهاء حرب الإبادة هو البداية التى لابد أن يدعمها العالم فى طريق واضح نحو دولة فلسطين المستقلة، ونحو سلام عادل ينهى الاحتلال الغاشم والعنصرية البغيضة ويضمن أن يحاسب مجرمو الحرب على ما ارتكبوه. لم تكن حرب الإبادة هى الطريق أبدا، ولم يكن الطريق إلى شرم الشيخ صعبا إلا على من أرادوا القتل والدمار لكى يتفادوا السقوط الحتمى والحساب العادل. اليوم يحتفى العالم بوضع نهاية لأبشع الجرائم ضد الإنسانية، وبكتابة السطر الأول فى مسيرة لا بديل عنها نحو سلام العدل الذى تقف وراءه إرادة العالم بأكمله. كنا دائما وأبدا نبحث عن السلام العادل، وكان هناك من يجرى وراء أوهام النصر المستحيل!!