رغم «البجاحة» التى يتحدث بها مجرم الحرب نتنياهو، إلا أنه يدرك تمامًا عمق الأزمة التى يعيشها بعدما يقرب من عام انتقل فيه من فشل إلى آخر، ولم ينجح إلا فى شىء واحد هو قتل الأطفال والتدمير المتعمد لأسباب الحياة فى غزة.. وهو ما أهله- وبجدارة- لكى تطارده العدالة الدولية كمجرم حرب لا بد أن يحاسب على جرائمه. خلال 48 ساعة يعقد مجرم الحرب مؤتمرين صحفيين لكى يردد أكاذيبه الوقحة حول محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، مؤكدًا أن إسرائيل لن تنسحب من المحور الذى كان- على حد زعمه- ممرًا لتهريب السلاح لحماس»!!».. ولا يدرك «الكذاب الأكبر» أن كل أكاذيبه لم تعد تقنع أحدًا، وأن الكل يدرك أن الحدود بين القطاع ومصر كانت تحت السيطرة الكاملة بعد أن أغلقت مصر كل الأنفاق من ناحيتها. وأن الكل يعلم أن سلاح المقاومة كان يصنع فى الداخل، أو يتم تهريبه عبر المعابر الإسرائيلية إلى غزة والضفة الغربية! لكن «الكذاب الأكبر»، الذى «اخترع» الأزمة حول معبر رفح ومحور فيلادلفيا لتفجير الاتفاق حول إيقاف الحرب فى غزة، يستمر فى أكاذيبه الوقحة ويؤكد على موقفه الرافض للانسحاب ضاربًا عرض الحائط بالاتفاقيات الموثقة دوليًا ومهددًا للأوضاع التى ترتبت على اتفاقية السلام مع مصر.. فقط ليدارى فشله المستمر، ولينقذ نفسه من خطر السقوط الذى سيذهب به إلى غياهب السجون، وليحافظ على تحالف عصابات الإرهاب الصهيونى الذى يبقيه فى الحكم، ولو كان الثمن أن تنفجر الأوضاع فى المنطقة، وأن يمضى بإسرائيل إلى المصير الذى يُحذره منه قادة جيشه وتخرج لمنعه المظاهرات المليونية فى بلد صغير. نتنياهو- برفض الانسحاب من ممر صلاح الدين ورفض إنهاء الحرب- يقول بوضوح إن الطريق لأى تهدئة مغلق، والعدوان الإسرائيلى مستمر، وجرائم الاحتلال والتى امتدت من غزة إلى الضفة والقدس ستتواصل ما دام هناك من يمد إسرائيل بالسلاح والمال ويحميها ب«الفيتو»، المعتاد. الرئيس الأمريكى يقول إن مبادرته القادمة ستكون الأخيرة، ونتنياهو يؤكد أنه يرفض إنهاء الحرب ولن ينسحب من محور صلاح الدين ومعبر رفح، وبدلًا من ذلك يُعين حاكمًا عسكريًا لقطاع غزة ليقول إن الاحتلال عائد والقوات الإسرائيلية باقية»!!» الأسئلة الحقيقية اليوم إجاباتها عند الأطراف الأخرى وليست عند نتنياهو الواضح فى رفضه لأى اتفاق. الرئيس بايدن مازال يأمل فى اتفاق اللحظة الأخيرة، والسؤال هنا: هل سيمارس الضغط الحقيقى على إسرائيل مستغلًا تحرك الشارع واضراب «الهستدروت»، واستطلاعات الرأى التى تقول إن معظم الإسرائيليين مع الاتفاق.. هل يستخدم بايدن أوراق الضغط العديدة ليحقق شيئًا، أم أن الوقت فات وحسابات الانتخابات لها الكلمة الأولى والأخيرة؟.. ثم إذا كانت أمريكا ستواجه «إهانة جديدة»، من نتنياهو برفض الاتفاق أو التحايل عليه، فهل سيواصل بايدن مواجهته وينتقل من مرحلة «نتنياهو لم يبذل الجهد الكافى لتحقيق الاتفاق» إلى مرحلة «نتنياهو بذل كل جهد لإفشال أى اتفاق» ليكون الأمر واضحًا أمام الجميع وليتحمل كل طرف مسئوليته؟! وأظن أنه قد آن الأوان لموقف عربى أكثر حزمًا فى مواجهة العدوان الإسرائيلي. الخطر الآن يشتد. ونتنياهو يراهن على فوز محتمل لترامب الذى وعد علنًا بتوسيع مساحة إسرائيل بعد أن رآها صغيرة على الخريطة وعدوان إسرائيل يمتد للضفة الغربية استعدادًا لذلك»!!» والتصعيد تزداد خطورته بعد افتعال إسرائيل للأزمة حول محور صلاح الدين بانتهاك معاهدة السلام مع مصر وإصرارها على المضى فى محاولة تفجير المنطقة كلها. والعالم لن يتحرك بجدية مطلوبة جدًا، إلا بتحرك عربى «وإسلامى» يُنهى المتاجرة بالتطبيع المجانى من جانب إسرائيل وأمريكا، ويؤكد على أنه لا سلام ولا استقرار ولا ضمان لمصالح كل الأطراف المحلية والدولية إلا بإقرار الحق الفلسطينى كاملًا، وأن الانسحاب القوى من غزة والضفة هو البداية التى لا بديل عنها لتوافق أساسه قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العربية، وأن على القوى الكبرى أن تطبق قرارات الشرعية الدولية، وأن من يتواطأ مع إسرائيل ضد ذلك عليه أن يدفع الثمن من مصالحه فى المنطقة والعالم.