العناوين فى الاقتراح الأمريكى جيدة.. فلأول مرة تتحدث أمريكا عن «إنهاء الحرب» بعد عامين من المذابح الإسرائيلية والدعم اللامتناهى من واشنطون .. وهناك أيضاً تأكيد على رفض التهجير القسرى وعدم السماح بالاحتلال الإسرائيلى الدائم للقطاع.. عناوين جيدة ولكن فى التفاصيل سوف نجد ألف شيطان وليس شيطاناً واحداً كما هو الحال دائماً عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فى التفاصيل وصاية دولية تقررها أمريكا دون سقف زمني، وانسحاب مفترض بلا جداول زمنية محددة، وتهجير غير قسرى يفرضه الدمار الذى شمل كل شئ حى فى غزة ، وتغييب متعمد للسلطة الفلسطينية، ونظرة هى الأخطر لإمكانية فرض أى حل مقبول فى غياب الدولة الفلسطينية ووحدة أراضيها واحترام حق شعبها فى تقرير مصيره. التفاصيل تكشف أيضاً عن ألغام ومشاكل عديدة تزداد خطورتها حين نرى النوايا الإسرائيلية تفصح عن نفسها وحين يقول مجرم الحرب نتنياهو فى مؤتمر إعلان الاقتراح الأمريكى أنه يحقق كل أهدافه من حرب الإبادة التى يشنها منذ عامين وفى مقدمتها استعادة الرهائن والقضاء على فصائل المقاومة ونزع سلاحها ثم إبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة بصورة دائمة. ثم حين يطمئن مجرم الحرب أنصاره بأنه لم يوافق أبدا على إقامة دولة فلسطينية وأن الاتفاق المقترح لم يذكر شيئاً عن ذلك وأن الجيش الاسرائيلى سيبقى فى الجزء الأكبر من غزة!! فى بيان وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية الثانى التى شاركت فى لقاء نيويورك مع الرئيس الأمريكى والذى صدر بعد إعلان الخطة الأمريكية كانت هناك فقرة هامة تؤكد على الإلتزام المشترك بالعمل مع الولاياتالمتحدة لإنهاء الحرب فى قطاع غزة من خلال «اتفاق شامل» يضمن إيصال المساعدات الإنسانية الكافية الى القطاع دون قيود وعدم تهجير الفلسطينيين وإطلاق سراح الرهائن وإنشاء آلية أمنية تضمن أمن جميع الأطراف، والانسحاب الإسرائيلى الكامل، وإعادة إعمار غزة وتكريس مسار للسلام العادل على أساس حل الدولتين يتم بموجبه توحيد غزة بشكل كامل مع الضفة الغربية فى دولة فلسطين وفقاً للقانون الدولى باعتبار ذلك مفتاحاً لتحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين. الطريق واضح ولا يحتاج إلى المزيد من غطرسة القوة وسفك الدماء. وإنما إلى إرادة حقيقية تفرض سلام العدل على الجميع.. بدون ذلك ستظل عوامل الصراع كما هي.. قد يتم تحرير الرهائن لكن متى تتحرر الأوطان.