الشرقية: إسلام عبدالخالق على مدار تاريخ وجود البشرية الممتد منذ آلاف السنين يزداد وتيرة التحذير من مغبة سلوك مسالك الدجل والشعوذة وإتيان السحر أو حتى الإذعان لطرقاته، بيد أن فضول الإنسان دومًا ما يكون طريق خسرانه الأكبر حين لا يتورع عن تكرار تجارب أكدت خسران أهلها على الدوام، إلا أن ما حدث على أرض القرية المعروفة ب «المشاعلة» على أطراف مركز أبو كبير في محافظة الشرقية، فاق حدود الوصف والجهل معًا؛ حين ذهبت إحدى السيدات في تهديدها ل «سلفتها» بأنها ستحضر شيخًا له باع في أعمال السحر حتى لا تتمكن من الإنجاب. «نورهان» زوجة ربما كان لها نصيب من بعض رجاحة العقل والهدوء، إلا أن انسياقها في خلاف الدجل مع شقيقة زوجها «سناء» ربما أزال تلك الرجاحة؛ حين عزمت الأولى على إبقاء هاتفها المحمول في وضعية تصوير الفيديو، وأخذت تستثير غضبة الثانية الموجودة في الأساس، ليتحول الأمر فيما بعد إلى ثورة على كل ما هو عاقل أو يمت إلى الأصول بصلة. الخلاف، وكما وثقه هاتف «نورهان»، شهد تأكيد «سلفتها» على أنها ستبذل أقصى ما في وسعها لأجل أن تمنعها من الإنجاب، كما لو كان المولود المنتظر سيرث نصيبها من الدنيا ومتاعها، لكن ردود زوجة الأخ حملت معها الكثير من الإصرار على العناد ليس إلا؛ بعدما أكدت أنها ستنجب وتأتي بما وصفته «الدكر» من بين أحشائها، وكأن الأمر بات بما تمكله أيٍ منهما من رغبة وقرار، وكان هذا بمثابة غلاف ذاك الشجار من بدايته حتى النهاية. عبارات وضغينة تخللتها بعض الكلمات التي تهتز لها السماوات جراء ما تفوهت به السيدتان وهما يتوعدان بعضهما البعض؛ إذ فتحت «سناء» هويس غضبها وصبته صبًا على سلفتها، متخذةً في طريقتها بعض الإشارات التي يستحي الرجال أن يفعلوا مثلها، قبل أن تفصح عن مكنون صدرها بحديثٍ جانبه الصواب، وربما الشرع كذلك: «أنا هاجيب شيخ يا نور سره باتع ويكرهك في روحك وأخليكي تمشي تشدي في شعرك»! كلمات «سناء» الثائرة قابلها شعور أشبه بالجليد في ردود «سلفتها»، والتي عقبت: «هتعملي ليا أعمال علشان مش أجيب الولد يا سناء.. لكن مهما تعملي هجيب الدكر». وصلة «الردح» بين «السلايف» طالت لتتخطى كل الخطوط الحمراء للانضباط والالتزام، إذ بذلت كلٍ منهما ما في وسعها للإجهاز على الأخرى بالكلمات والاتهامات، لا لشيء إلا لأن كل واحدة تريد أن تزيد حصتها ونصيبها في الميراث؛ الأولى تريد ألا ينجب شقيقها فتستأثر بنصيبه لها، والثانية تؤكد على قدرتها الإنجاب للحصول على نصيب زوجها ليؤول فيما بعد لولده! استمرت المشادات بين الجانبين قرابة الساعة، فيما كان هاتف «نورهان» قد أنهى مهمته التي أمسكت به لأجلها، وما أن ابتعدت كل واحدة عن الثانية حتى جلست «نور» داخل مسكن والدتها تسترجع تفاصيل ما جرى وتطالع ما التقطته كاميرا الهاتف وتعيد المقاطع التي صورتها مرة بعد مرة، حتى اختارت بضع دقائق لا يتجاوز عددها الإجمالي مثيله من أصابع اليد الواحدة، وأخذت تنثر ما تريد إذاعته عبر حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. مقطع فيديو سويعات قليلة فصلت بين إذاعة المشاجرة وألفاظها، وانتشار تلك المقاطع كالنار في الهشيم عبر العديد من صفحات وحسابات التواصل الاجتماعي، وسط استنكار بالغ من الجميع لما تضمنته تلك المقاطع، قبل أن يجسد غالبية المعبرين عن آرائهم غضبهم العارم حيال شخص «سناء» وعباراتها التي تبيح الدجل والشعوذة لأجل تحقيق غايتها في منع زوجة شقيقها من الإنجاب، وسط تأكيد على أن ذلك النموذج -سناء- ربما يتواجد بين الناس بكثرة لكنه لا يفصح عن مكنون صدره كما تفصح هي. ما أحدثته المقاطع المنتشرة وردود الأفعال الواسعة حيالها أعقبها بضع ساعات تمكنت خلالها أجهزة وزارة الداخلية من تحديد هوية السيدة التي ظهرت في تلك المقاطع «سناء»، وكذلك «سلفتها» القائمة على نشر وإذاعة تلك المقاطع، قبل أن يتحرك رجال الشرطة إلى حيث تقطن كل واحدةٍ منهما ويتم إلقاء القبض عليهما واصطحابهما معًا إلى ديوان مركز شرطة أبو كبير. وزارة الداخلية أكدت في بيانٍ رسمي تفاصيل ما جرى، في إشارة إلى ملابسات انتشار مقطع فيديو تداول بمواقع التواصل الاجتماعى تضمن حدوث مشادة كلامية وألفاظ خادشة للحياء بين سيدتين من إحدى القرى التابعة لنطاق مركز شرطة أبو كبير في محافظة الشرقية. وزارة الداخلية أكدت على أنه بالفحص تبين عدم ورود ثمة بلاغات في هذا الشأن، إلا أن التحريات قد أكدت على حدوث مشاجرة بين طرف أول «سناء أ م إ» 34 عامًا، ربة منزل وتقيم في قرية المساعلة التابعة لدائرة مركز شرطة أبو كبير، وطرف ثانٍ زوجة شقيقها -القائمة على تصوير المقطع- وتُدعى «نورهان ب ع ح» 27 عامًا، ربة منزل، مقيمة بذات الناحية، وذلك جراء خلافات بينهما حول الميراث تعديتا خلالها على بعضهما البعض بالسب والقذف حسبما جاء بعضه في مقطع الفيديو المتداول. أجهزة الأمن ألقت القبض على السيدتين، وبمواجهتهما أقرت واعترفت كلٍ منهما بارتكاب الواقعة وتبادلا الاتهامات فيما بينهما، فيما تحرر عن ذلك المحضر رقم 5943 إداري مركز شرطة أبو كبير لسنة 2025. زادت حدة وتيرة الاتهامات بين «السلايف» داخل مركز الشرطة وأمام جهات التحقيق، قبل أن يتدخل بعض العقلاء من أهل القرية وأقارب السيدتين؛ حيث أكد «إسماعيل الباز»، وهو زوج المتهمة الأولى «سناء» ويعمل فرانًا في إحدى الدول العربية، والذي تصادف وجوده في فترة إجازة وقت وقوع المشادة بينهما، على أن الأمر لا يعدو كونه خلافًا عائليًا بين زوجته وزوجة شقيقها (سلفتها)، قبل أن يشير إلى أن الصلح هو نهاية ذاك الخلاف. الحال لم يختلف كثيرا عن الجانب الآخر؛ إذ أفاد «محمد عبداللطيف» خال «نورهان» بأن الأمر مجرد خلاف بين السيدتين، وأنهما ستتصالحان لا محالة، في الوقت الذي كان أحد كبار القرية، ويُدعى «الحاج حمادة السمري» حاضرًا بمحيط مركز الشرطة، ليؤكد على أن الأمر قد تم احتواؤه، وأن كل ما حدث خلافات بين سيدتين تجمع بينهما صلة رحم، وأن هناك جلسة ستجمع بينهما لإزالة آثار الخلاف عقب تسوية الصلح أمام النيابة العامة، قبل أن يضيف: «أهل بلدنا ناس طيبين والزعل عمره ما عرف طريق بيننا، ودايمًا لو حصل زعل بنتراضى بسرعة». أمام النيابة العامة، وعقب تدخل كل جانب لتهدئة سيدته، تنازلت كل واحدةٍ منهما وأكدتا على عزمهما الصلح، لتقرر النيابة العامة إخلاء سبيلهما معًا من ديوان مركز الشرطة، قبل أن يخرجا معًا في صحبة من الأهل وكبار القرية كما لو كان الأمر لميحدث من بدايته من شد وجذب واتهامات متبادلة. اقرأ أيضا: كيف تحول الدجل إلى بيزنس مربح على السوشيال ميديا؟.. دراسة حديثة تُجيب