منذ الساعات التي سبقت حفل افتتاح مهرجان الأفلام القصيرة جداً، ومع توالي أيام وفعاليات المهرجان والعروض، والورش، وحركة الجمهور بين المسارح المختلفة، واجتماعات متواصلة ومتابعة العمل بكل تفاصيله، وخلال كل ذلك كان الدكتور أشرف زكي رئيس المهرجان ونقيب المهن التمثيلية هو صاحب الحضور الأكثر تميزًا وتأثيرًا، رغم غيابه عن الأضواء واختياره الكواليس ليتابع منها ويدير ويحل المشكلات، ويوجه فريق العمل، ويضئ لهم مسار صناعة حدث فني متميز. في حفل الافتتاح كانت العيون تتلفت هنا وهناك باحثة عن النجم صانع الحدث، وتتوقع ظهورًا مفاجئاً، أو خاصًا، ومختلفًا عن الشكل التقليدي، لكن الرجل لم يظهر حتى أن البعض ظن أنه لم يتمكن من الحضور، وتساءل آخرون همسا ً"أمال فين الدكتور؟"، ومن حظى منهم بالإجابة كانت في انتظاره مفاجأة، الدكتور أشرف زكي رئيس المهرجان و"النقيب التاريخي" فضّل حضور الافتتاح ومتابعة تفاصيله من الكواليس، حيث لا تغيب ملاحظاته القيمة، وقدرته الهائلة على التقاط التفاصيل، وفي الوقت نفسه يدع المجال لتلاميذه والجيل التالي يحظى ب"درس عملي" وبمزيد من الأضواء ومساحات النجاح والظهور. د.أشرف زكي الذي كان قد أعلن قبل أيام رغبته في ترك موقعه كنقيب، وهو ما رفضه مجلس النقابة بالإجماع، وقرر التراجع خطوة، وإفساح المجال للشباب ليدير ويحلم وينفذ، تحت إشرافه وعلى عينه، في درس جديد من دروس فن الإدارة والعمل العام الذي منحه د.أشرف زكي عمره بالكامل. وخلال الأيام التالية استمر النقيب ورئيس المهرجان في التعامل بنفس الأسلوب، الذي يستحق عليه "براءة اختراع" تضاف لسجل إنجازاته، وربما يمكن تسميته "الإدارة من الظل". خلال كل ساعة من ساعات النهار والليل وبامتداد أيام المهرجان كان دكتور أشرف زكي موجودًا في كافة المسارح، كافة الورش، وكل الاجتماعات الخاصة بفريق العمل، هو موجود ليرى كيف يحل "أبناؤه" مشكلة فنية أو تقنية تواجه مخرجاً شابًا أو كيف يتجاوزون "لخبطة" تستدعي تعديلاً في جدول العروض، أو حتي كيف يديرون دعاية المهرجان ويتابعون التصويت اليومي للجمهور، هو موجود ليتدخل في التوقيت المناسب، وليرى كيف يؤدي أبناؤه وتلاميذته "امتحانهم العملي" كأي بروفيسور محترف، قضى سنوات طوال من عمره في قاعات الدرس و"سكاشن العملي". فضلاً عن النجاح الكبير التي حققته الأيام المنقضية وفعاليات المهرجان المتعددة، سيشهد حصاد المهرجان نجاح جديد لرئيسه في إدارته من خلال فريق محترف متمكن، تاركاً لهم مساحة من حرية الحركة واتخاذ القرار، متواجدًا في الوقت نفسه إلى جوارهم، وفي ضهرهم"، متخليًا عن مساحات الضوء، ودرس فريد في فن الإدارة الثقافية.