لم تكن حرب أكتوبر 1973 مجرد معركة عسكرية لاسترداد الأرض والكرامة، بل كانت أيضًا ملحمة وطنية شارك فيها المصريون جميعًا، مسلمين وأقباطًا كتفًا بكتف، ويدا بيد وروحا بروح في جبهة واحدة تحت علم مصر الشامخ الذى لم ولن ينكسر ابدا ، ليؤكدوا للعالم أن وحدة الوطن هو الأهم ، وأن الدم المصري لا يعرف تفرقة من الآف السنين خاصة حين يتعلق الأمر بالدفاع عن الأرض والعرض. قدّم اخوتنا الأقباط شركاء الوطن في حرب أكتوبر نماذج مضيئة من البطولة والفداء واذكر منهم : اللواء فؤاد عزيز غالي: أحد أبرز القادة الميدانيين، والذى خاض معارك عظيمة ثم تولى قيادة الجيش الثاني الميداني ببسالة، وكان له دور محوري في معارك العبور وإدارة القتال على الجبهة. وقد خاض معركة تحرير مدينة القنطرة غرب بعد أن قاد قواته لتدمير 37 دبابة إسرائيلية وقبلها صد القوات الإسرائيلية وتم تحرير القنطرة غرب يوم السابع من أكتوبر 1973 وأيضا لا ننسى اللواء باقي زكي يوسف: صاحب الفكرة العبقرية باستخدام خراطيم المياه لهدم خط بارليف الحصين، وهو الابتكار الذي غيّر مسار المعركة وفتح الطريق أمام قوات العبور وكان وقتها رئيس فرقة المركبات بالجيش الثالث الميداني وكان عمره وقتها 35 عاما وعرض هذه الفكرة العبقرية بالتفصيل على القيادة وتم تنفيذها بنجاح وقد شارك في حرب أكتوبر. كما أن هناك عدد من شهداء لإخوتنا الاقباط شركاء الوطن الذين سطروا بدمائهم الذكية النصر مع إخوانهم المسلمين ومن هؤلاء الأبطال الأقباط الذين دفعوا حياتهم ثمنًا للنصر: اللواء أركان حرب شفيق متري سدراك: أول ضابط كبير يستشهد في حرب أكتوبر أثناء قيادته لواء المشاة الذي اخترق خط بارليف...وقد استشهد فى اليوم الرابع لحرب أكتوبر وكان قائد مشاة فى منطقة أبو عجيلة بسيناء أثناء الحرب وجاء استشهاده بعد أن قضى 11 عاما متواصلة في جبهة القتال الشهيد الرقيب جرجس عياد روفائيل الذى رفض الإعفاء العسكري رغم كونه عائلًا لأسرته، وظل يقاتل حتى استشهاده. الشهيد بشاي نجيب : من سلاح الإشارة، استشهد أثناء تنفيذ مهمته يوم 15 أكتوبر 1973 وقد استشهد مع قائده من سلاح المشاه خلال عمليات تطوير الهجوم شرقا فى القطاع الأوسط للجيش الثاني الميداني الشهيد الطيار ألبير متري: استشهد في الضربة الجوية الأولى التي كانت بداية النصر . العميد رسمي مراد : رئيس عمليات إحدى فرق المشاة، استشهد في 19 أكتوبر 1973. الشهيد صبحي ميخائيل: جندي مقاتل، استشهد في 9 أكتوبر وهو يقاتل ببسالة، وقد روت المصادر أن وجهه أشرق نورًا عند استشهاده. هذه فقط مجرد عينة من الأسماء على سبيل المثال لا الحصر وأثناء المعركة وفي الداخل، وقفت الكنيسة القبطية بكل ثقلها إلى جانب الدولة والجيش.ووقتها أعلن البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مقولته الشهيرة: "مصر ليست وطناً نعيش فيه، بل هي وطن يعيش فينا"، في إشارة واضحة إلى انتماء الأقباط العميق لوطنهم، وإصرارهم على المشاركة في كل معركة تخصه. كما شارك الأقباط المدنيون في دعم المجهود الحربي عبر التبرعات وحملات الدعم المعنوي مع إخوانهم المسلمين... وكانت الكنائس في مختلف أنحاء مصر مراكز للدعاء والصلوات من أجل النصر، تمامًا كما كانت المساجد، في مشهد وطني جامع. لقد جسدت مشاركة الأقباط في حرب أكتوبر أسمى معاني الوحدة الوطنية، وأثبتت أن مصر تقاتل بروح واحدة. وكان النصر انعكاسًا لهذه الروح الجماعية التي لم تعرف تمييزًا بين مسلم ومسيحي، بل رأت الجميع أبناء وطن واحد، يقاتلون من أجل كرامة الوطن ويحتفلون بنصر واحد. وفى الذكرى الثانية والخمسين لإنتصار أكتوبر المجيد أؤكد أنه تظل مشاركة اخوتنا الأقباط في حرب أكتوبر علامة مضيئة في تاريخ مصر، ودليلًا قاطعًا على أن قوة الوطن تكمن في وحدته وتماسكه. فكما قاتل الأقباط والمسلمون جنبًا إلى جنب في معركة العبور، فإنهم اليوم يواصلون معًا معركة البناء والتنمية، حاملين راية مصر الموحدة التي لا تنكسر. تحيا مصر عظيمة شامخة بين الأمم...