ما لا يُدرك كله لا يُترك جُله، بمعنى الاستطاعة، ما لا تقدر عليه جميعًا، تحصل على ما تقدر عليه وتسمح به ظروفك. اكتملت المرحلة الأولى من مشروع «حياة كريمة» وهذا ما يُحمد لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، تنفيذًا للمبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى تُعد المشروع القومى الأول. «حياة كريمة» المشروع القومى كما يقول الكتاب، الأولى بالرعاية، المشروع الذى يصل بالماء والصرف الصحى والخدمات إلى أعماق الريف المصرى. قبلها كان الريف نسيًا منسيًا، المرحلة الأولى تكلّفت حوالى 350 مليار جنيه، وشملت تنفيذ 23 ألف مشروع فى 1500 قرية، واستفاد منها 18 مليون مواطن، وهذا ليس بالكثير على كرام الشعب الأصيل، ويستحقون المزيد.. وهل من مزيد؟ طالعت تصريحات الدكتور «مصطفى مدبولى»، رئيس الوزراء، فى مؤتمره الصحفى، نهاية الأسبوع الماضى، وزفَّ إلينا خبر البدء فى تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، وتخصيص 25 مليار جنيه كدفعة أولى، وهذا من حسن الأعمال الحكومية.. هذا المشروع فى تقديرى المتواضع هو أهم المشروعات القومية كافة، وأكثرها إلحاحًا، وما أُنفق عليه مردوده لا يُقاس استثماريًا بالمعادلات الاقتصادية المعروفة (كام بكام يساوى كام)، يُقاس بالرضا الشعبى، والرضا الشعبى أسمى أمانينا. جودة حياة، ورفاه الكرام من شعبنا العظيم فى الكفور والعزب والقرى هدف أسمى لو تعلمون عظيم. المرحلة الثانية فى خطة 26/25 تستهدف تنمية 20 محافظة بعدد 52 مركزًا وإجمالى 1667 قرية يقطنها ما يزيد على 21 مليون نسمة. الأرقام جد مبشّرة، والدراسات مكتملة، ال 25 مليار جنيه دفعة أولى لتنفيذ مُستهدفات المرحلة الثانية فى مجالات مياه الشرب والصرف الصحى، بهدف رفع معدل التغطية بالصرف الصحى إلى 90٪ على الأقل فى قرى المرحلة الثانية، من خلال تنفيذ 698 مشروع صرف صحى متكامل، وإنشاء وتطوير 97 محطة معالجة بطاقة مليون متر مكعب/ يوم، وتنفيذ 1٫8 مليون وصلة صرف صحى منزلية، والتغطية الكاملة بخدمات مياه الشرب، من خلال إنشاء وتطوير 18 محطة، وتنفيذ مشروعات مد وتدعيم شبكات مياه الشرب بأطوال 2350 كم، وتنفيذ 315 ألف وصلة مياه شرب منزلية (من أجندة الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى). لافت فى حديث رئيس الوزراء أولوية المشروع على الأجندة الحكومية، وعزم الحكومة على التوسع فى استثمارات هذه المبادرة الضخمة، لتحسين جودة حياة أهالينا فى القرى المستهدفة من الريف المصرى. لو لم تقدم حكومة مدبولى سوى هذا المشروع الأهم مصريًا لكفاها، مشروع غفلت عنه حكومات متتالية، ولم يلفت حال الريف المصرى المتردى، والمحروم من الخدمات الأساسية رئاسات تلت عهد خالد الذكر «جمال عبد الناصر»، كانت عينه على الريف، وأمده بما استطاع إليه سبيلًا، ثم بعدها دخل الريف غيابات الجب، صار نسيًا منسيًا، لا تطأه قدم الحكومات، ولا تراها على الخريطة إلا فى المناسبات الموسمية، وبخدمات شحيحة ذرًا للرماد فى العيون. الرئيس السيسى يوم أطلق مبادرة «حياة كريمة» كان يرنو ببصره نحو أهالينا فى الريف، ويدخر لهم ما حلموا به طويلًا، صرف صحى، مياه نظيفة، كهرباء منتظمة، مجمعات خدمات، مدارس ومشافٍ وحضانات ودور رعاية، حزمة خدمات متكاملة تنقل الريف نقلة حضارية. كلفة المشروع ضخمة على اقتصاد يعانى من صعوبات جمة، 350 مليار جنيه مرحلة أولى، ومثلها أو أكثر منها فى المرحلتين الثانية والثالثة، تقدر استثمارات المشروع ب (تريليون جنيه)، وهذا أقل ما يُقدم لكرام الريف المصرى الذى عانوا حرمانًا ليس لهم ذنب فيه، وبحت أصواتهم للفت نظر الحكومات المتتالية لتوفير مياه نظيفة، ومدرسة، ومشغل، ومستوصف للحالات الطارئة. التفاتة الحكومة إلى المشروع مجددًا، من حسن الأعمال الوزارية، وعليها أن تعض على المشروع بالنواجذ، وتوفر له من لحم الحى ما يرفده بمدد مالى لا ينضب. هذا مشروع العمر، ومشروع العمر أولى بالرعاية، والرعاية الرئاسية متوفرة، والمتابعة على رأس المشروع، والرقابة ضرورية ومستوجبة، ليس لدينا رفاهية خسارة فرصة سنحت لتعويض أهالينا ما فاتهم من ثمار التنمية المستدامة.