فى كل عام، تحل ذكرى السادس من أكتوبر، لتجدد فى قلوب المصريين والعرب مشاعر العزة والانتماء، وتستحضر ملحمة بطولية خالدة صنعتها إرادة شعب وجيش آمن بعدالة قضيته، ودافع عن أرضه وكرامته، وفى هذا السياق، أكد عدد من علماء الأزهر الشريف أن الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر مشروع شرعًا، ومستحب طبعًا، لما فيه من شكر لله تعالى على نعمة النصر، وتأكيد لقيم الوفاء الوطني، وتربية للأجيال على الاعتزاز بالتاريخ والمجد. يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن الاحتفال بالمناسبات الوطنية التى ارتبطت بالفرح والنصر، هو أمر له أصل فى الشريعة، ويدخل فى دائرة الامتثال لقوله تعالى: ﴿وذكِّرهم بأيام الله﴾، ويضيف أن الفرح بالنصر على العدو، واستعادة الأرض، وإعلاء كلمة الوطن، هو من شكر النعمة التى حثّ عليها الإسلام، بل وجعل الفرح بها من المظاهر المشروعة التى تُعبّر عن اعتراف الإنسان بفضل ربه. اقر أ أيضًا | «مدبولي»: ذكرى نصر أكتوبر تأتي في ظروف شديدة التعقيد ويوضح أن نصر أكتوبر لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان لحظة تاريخية عبّرت عن إرادة أمة بأكملها، ولذلك فإن الاحتفال به يتجاوز كونه مناسبة سنوية، إلى كونه تعبيرًا حيًّا عن الاعتزاز بالوطن، والوفاء للشهداء، والتذكير بما قدمه السابقون من تضحيات، وأشار إلى أن الفرح بانتصار الوطن أمر فطرى جُبل عليه الإنسان، لا يمنعه الشرع بل يؤيده ما دام منضبطًا بآداب الدين. كما أكد كريمة أن حب الوطن والانتماء إليه من أشرف المشاعر، وقد قرن الله بين فقدان الوطن والقتل كأشد أنواع العقوبات، فى قوله تعالى: ﴿أو يُنفَوا من الأرض﴾، مما يدل على أن العيش فى رحاب الوطن نعمة عظيمة تستوجب الشكر، وواجب على الشعوب أن تُكرم أيام نصرها، وأن تنقل هذا الوعى لأبنائها وأجيالها.. وأضاف الدكتور محمد عمر أبو ضيف، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر سابقًا أن الاحتفال بالمناسبات الطيبة للأوطان وللإنسان من الأمور المشروعة والمباحة، بل والمستحسنة شرعًا، إذا خلت من المنكرات والتجاوزات، وأضاف أن نصر أكتوبر تحديدًا يندرج تحت مفهوم «أيام الله»، وهى الأيام التى تجلت فيها نِعَمه وفضله على عباده، ولهذا يجب الاحتفاء بها وتذكير الناس بها. وأشار إلى أن الاحتفال بهذا النصر هو تعبير عن شكر الله أولًا، ثم شكر من أجرى النصر على أيديهم من أبطال الجيش المصرى وشهدائه الأبرار، مؤكدًا أن هذا الفرح لا ينفصل عن القيم الدينية، بل يعززها، من خلال غرس روح العطاء والانتماء والولاء للوطن فى نفوس الأجيال الجديدة. وشدد أبو ضيف على أن القرآن الكريم والسنة النبوية لم يأتيا بأى نص يمنع الاحتفال بالأيام القومية، ما دامت لا تخرج عن إطار الشكر والتكريم والوفاء، موضحًا أن الأصل فى الأمور هو الإباحة، وليس التحريم، إلا بدليل صريح. واعتبر أن يوم السادس من أكتوبر هو يوم نصرٍ وتحريرٍ ورد اعتبار، جمع بين النصر العسكرى والنفسى والسياسي، ولهذا استحق أن يكون عيدًا وطنيًا قوميًا يُحتفل به سنويًا، وأن تتحول ذكراه إلى مصدر إلهام، يُرسخ الوعي، ويقوى العزائم، ويُعلّم الأجيال أن الشعوب لا تُهزم إذا توحدت خلف هدفها، وآمنت بعدالة قضيتها. وأشار إلى أن الاحتفال بنصر أكتوبر هو وفاء للشهداء، وشكر لله، وتذكير للأمة بقدرتها على تحقيق النصر، إذا أحسنت التوكل على الله، وأخلصت فى السعى والعمل.