حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، من اتجاه الولاياتالمتحدة نحو الإغلاق الحكومي الخامس عشر منذ عام 1981، مشيرا إلى أن إدارته قد تجري تغييرات لا رجعة فيها في حال حدوث هذا الإغلاق. وأوضح ترامب، في تصريحات أدلى بها للصحفيين في البيت الأبيض، أن الديمقراطيين يغامرون في مفاوضاتهم بشأن التمويل، مؤكدا أن إدارته قد تلجأ إلى تقليص المزايا المقدمة. تداعيات محتملة وأشار ترامب إلى أن الإغلاق الحكومي قد يؤدي إلى تعطيل الخدمات الفيدرالية في مختلف القطاعات، بدءا من المتنزهات الوطنية وصولا إلى رواتب الموظفين الفيدراليين، وتأتي هذه التطورات في ظل صراع سياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي استمر لعدة أيام، دون أن يظهر أي منهما استعدادا للتنازل عن البنود الرئيسية في المفاوضات. ورفض الديمقراطيون دعم مقترح الجمهوريين بتمديد التمويل لمدة سبعة أسابيع دون إدراج بنود إضافية للرعاية الصحية، وأكدوا أنهم يطالبون بتمديد دعم قانون الرعاية الصحية الميسرة، الذي يساعد الأمريكيين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط على شراء التأمين الصحي، إضافة إلى إلغاء تخفيضات برنامج "ميديكيد" التي جاءت ضمن التشريعات الضريبية السابقة للجمهوريين. من جانبهم، وصف الجمهوريون هذه المطالب بأنها "غير قابلة للتنفيذ"، مشددين على ضرورة تمديد التمويل الحالي بشكل مباشر ومن دون أي تعديلات أو إضافات تتعلق بالرعاية الصحية. وقد يؤدي الإغلاق إلى توقف بعض الخدمات الحكومية الأمريكية مؤقتًا وتعليق رواتب موظفي الحكومة أو حتى إنهائها تمامًا في حين كان من المعتاد وضع الموظفين في "إجازة" أثناء الإغلاقات الحكومية السابقة، مما يعني إعادتهم إلى وظائفهم وتلقي أجورهم المستحقة بمجرد عودة الحكومة إلى العمل مرة أخرى، فإن إدارة ترامب هذه المرة تهدد بطرد الناس بشكل دائم. متى سيحدث الإغلاق؟ إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ففي الساعة 00:01 بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة يوم الأربعاء (05:01 بتوقيت جرينتش)، ستشهد الولاياتالمتحدة أول إغلاق حكومي منذ ما يقرب من سبع سنوات. آخر مرة أُغلقت فيها الحكومة كانت نهاية عام 2018، خلال ولاية ترامب الأولى. ويبذل كلا الجانبين جهودًا أخيرة لتجنب تكرار ذلك. مفهوم الإغلاق الإغلاق الحكومي في الولاياتالمتحدة يعني توقفا جزئيا أو كليا لأنشطة الحكومة الفيدرالية نتيجة عدم إقرار الكونغرس للموازنة العامة أو لاعتمادات مالية مؤقتة تضمن استمرار عمل المؤسسات. وعند حدوث الإغلاق، يتم إيقاف الموظفين غير الأساسيين مؤقتا وإحالتهم إلى إجازة إجبارية دون راتب حتى انتهاء الأزمة، فيما تستمر الخدمات الحيوية مثل الأمن القومي، الشرطة الفيدرالية، المستشفيات العسكرية، مراقبة الطيران والبريد لأنها تعتبر أساسية. أما المرافق العامة مثل المتنزهات الوطنية وبعض المكاتب الإدارية، المتاحف الوطنية والمحاكم الفيدرالية غير الضرورية، فقد تتوقف أو يتباطأ عملها، في حين يمتد الأثر إلى الاقتصاد والأسواق المالية، حيث تتأخر الرواتب والمساعدات وتتأثر ثقة المستثمرين. ومنذ عام 1980، حين أصبح الإغلاق إلزاميا بقرار من وزارة العدل، شهدت الولاياتالمتحدة 14 حالة إغلاق حكومي، تراوحت بين يوم واحد و35 يوما. سوابق تاريخية قبل عام 1980، كانت الخلافات حول الموازنة لا تؤدي إلى إغلاق رسمي، بل كان استمرار عمل الحكومة مؤقتا هو السائد، لكن بعد رأي قانوني أصدره المستشار العام لوزارة العدل، أصبح الإغلاق إلزاميا عند نفاد التمويل. في عام 1981، شهدت الولاياتالمتحدة إغلاقا استمر يومين في عهد الرئيس رونالد ريغان بسبب خلاف حول خفض الإنفاق الاجتماعي وزيادة الإنفاق الدفاعي. في عام 1990، وقع إغلاق آخر استمر ثلاثة أيام خلال فترة حكم جورج بوش الأب بسبب خلاف حول زيادة الضرائب. خلال عامي 1995 و1996، حدث إغلاق طويل استمر 21 يوما في عهد بيل كلينتون نتيجة صراع مع الجمهوريين حول الإنفاق وإصلاح الرعاية الصحية. في عام 2013، أدى رفض الجمهوريين تمويل قانون الرعاية الصحية المعروف ب"أوباماكير" إلى إغلاق استمر 16 يوما، متسببا بخسائر اقتصادية بلغت أكثر من 24 مليار دولار. أما أطول إغلاق فكان بين عامي 2018 و2019، حيث استمر 35 يوما في عهد ترامب بسبب الخلاف حول تمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، ما أدى إلى تعطيل نحو 800 ألف موظف وخسائر اقتصادية واسعة النطاق.