في الشارقة حيث يلتقي عبق الماضي مع إيقاع الحاضر.. يعود "ملتقى الشارقة الدولي للراوي" في نسخته الخامسة والعشرين ليضيء دروب الحكاية الشعبية، ويروي للعالم قصص الرواة والرحالة والباحثين الذين جعلوا من الكلمة جسراً بين الأجيال. الملتقى الذي بدأ قبل ربع قرن لتكريم الرواة الإماراتيين، تحول اليوم إلى تظاهرة ثقافية عالمية تستقطب مشاركين من 37 دولة، وتحتفي بالتراث الإنساني بكل ألوانه. عن خصوصية هذه الدورة، وأبعادها الثقافية والإنسانية، كان لنا هذا الحوار مع عائشة راشد الحصان، مدير مركز التراث العربي والمنسق العام للملتقى. بداية ماذا يعني لكم بلوغ الملتقى عامه الخامس والعشرين؟ العام الخامس والعشرون هو بمثابة شهادة على استمرارية الفكرة ونضج التجربة، وبدأ الملتقى كاحتفاء محلي بالرواة الإماراتيين ثم توسع إلى فضاء خليجي وعربي وها هو اليوم يضم مشاركات دولية واسعة، وهذا يعني أن الحكاية الشعبية لم تعد شأن محلي فقط بل أصبحت لغة إنسانية مشتركة تحفظ الذاكرة وتمنحنا الإلهام. كيف تصفين مشاركة هذا العام من حيث العدد والتنوع؟ لدينا أكثر من 120 مشاركا من 37 دولة، وهذا الرقم بحد ذاته يعكس التنوع الكبير، فالملتقى لم يعد فقط مناسبة للقاء الرواة، بل أصبح ساحة لتبادل الخبرات بين الباحثين والرحالة والفنانين والإعلاميين. ◄ اقرأ أيضًا | «حاكي الحكاية».. إبراهيم البريدي يرسم الحكاية بالألوان في ملتقى الشارقة للراوي ما أبرز الفعاليات التي ستشهدها هذه الدورة؟ برنامج الملتقى غني جدا فهناك أكثر من 40 إصدارا جديدا، وما يزيد على 50 ورشة موجهة لكل الفئات العمرية، بجانب لقاءات مع الرحالة المعاصرين، إضافة إلى معارض فنية متنوعة مثل معرض الفنان المصري إبراهيم البريدي، والفنانة المغربية أمينة كوستو والفنانة الإماراتية ميرا القاسم، وكذلك هناك جلسة خاصة باليوبيل الفضي تستعرض رحلة الملتقى منذ بداياته وحتى اليوم. كيف يوازن الملتقى بين الحفاظ على التراث والانفتاح على التقنيات الحديثة؟ المعادلة بسيطة لكنها دقيقة لا مساس بالأصول، لكن مع الاستفادة من الوسائل الجديدة، فنحن نؤمن أن التراث أساس الهوية، لكن الأجيال الجديدة تحتاج طرقًا مبتكرة للتفاعل معه، لذلك ندمج التكنولوجيا مثل ورش توظيف الذكاء الاصطناعي في الحكايات دون أن نفقد روح التراث، الهدف هو إبقاء الحكاية حيّة وقريبة من الناس. ما هي الآليات التي يعتمدها معهد الشارقة للتراث لتوثيق المرويات الشعبية؟ لدينا قسم خاص بالبحوث والدراسات وقسم للجمع الميداني حيث نقوم بتسجيل المقابلات وجمع الروايات من أفواه كبار السن وحملة الموروث، وهذه المواد تنتقل بعد ذلك إلى قسم الأرشيف حيث تحفظ باستخدام تقنيات حديثة تضمن استدامتها وسهولة استرجاعها، فنحن نبني ذاكرة رقمية تُحاكي الذاكرة الحية للرواة. هل يجد الجيل الجديد نفسه في هذا الملتقى؟ وكيف يتم جذبه للمشاركة؟ نعم نرى حضورا لافتا للشباب والأطفال، فنحن نخصص لهم ورش تفاعلية ونستخدم الوسائط الحديثة التي تثير اهتمامهم، فمثلا هناك ورش توظيف الألعاب الإلكترونية والوسائط البصرية في رواية الحكايات، ولاننا نؤمن أن الشباب هم حملة التراث القادمون لذا يجب أن نوفر لهم بيئة يشعرون فيها أن التراث ليس شيئًا بعيدًا بل جزء من حياتهم. أخيرا ما هي رسالتكم للقراء وللمهتمين بالتراث مع انطلاق هذه الدورة؟ رسالتي أن التراث ليس مجرد ماضي بل هو طاقة تلهم الحاضر وتصنع المستقبل، فالحكاية الشعبية وأدب الرحلة والسرد الشفاهي كلها كنوز إنسانية علينا أن نصونها ونورثها. وأدعو الجميع إلى أن يكونوا جزءا من هذا الجهد، سواء بالحضور أو بالمشاركة أو حتى بمجرد نقل الحكاية للجيل الجديد.