منذ أول لحظة تطل فيها الفنانة نادين خالد، يختلط الانبهار بالإعجاب.. حضورها على الشاشة أو على خشبة المسرح يفرض نفسه، وموهبتها الفطرية لا تخطئها العين، بينما شخصيتها تمنحها جاذبية خاصة تجعل كل من يراها متيقنًا بأن أمامه فنانة استثنائية. في حوارنا معها، تأخذنا نادين إلى قلب تجربة عرضها الجديد "حواديت"، حيث تمتزج الحكايات الإنسانية بالمشاعر الصادقة، وتجسد شخصيات متعددة، من الفنانة الطموحة التي تغرق في ترندات السوشيال ميديا، إلى الأم التي يكبلها مرض الزهايمر. كما تحدثت عن رحلتها مع المخرج خالد جلال، عن كواليس التدريب والتعاون، وعن الدروس التي حملتها هذه التجربة لها على المستوى الشخصي والفني، مؤكدًة أن المسرح بالنسبة لها مساحة لتجربة الحياة بكل تفاصيلها، والبوابة التي تصقل موهبتها وتثري حضورها الفني. هذه ليست أول تجربة لك مع المخرج خالد جلال، ما المميز في هذه التجربة تحديدا؟ شاركت من قبل في عرض افتتاح المهرجان المصري للمسرح القومي، والذي كان من إخراج الأستاذ خالد جلال، ولكن "حواديت" هو أول تجربة كاملة للتعاون مع (جواهرجي النجوم) كما يطلق عليه، وبالتأكيد هي تجربة مميزة، وخاصة أنه عرض تخرج دفعتي من مركز الإبداع، ووجودي في ورشة التدريب فكرة مميزة لأنه كان حلما من أحلامي. وكيف ترين المخرج خالد جلال، وحدود وكواليس التعاون معه؟ أستاذ كبير وله تاريخ مجتهد ومشرف ويعطيني الأمل، طوال رحلته الفنية وتسلسل أحداثها من كونه كان شابا طموحا مثلنا تماما ولديه شغف إلى أن وصل إلى مرحلة أنه أصبح الأستاذ وصانع النجوم. بالتأكيد هو شخصية ملهمة وثريّة وذكية، وبالنسبة لي هو قائد وقدوة. وتعاوني معه أضاف لي الكثير، وطوال الوقت يعاملنا كأولاده ويتعامل معنا بمنتهى الحب والتواضع، وفي الوقت نفسه شدته تكون لصالحنا وتوجيهنا. كيف كانت استعداداتك لأداء الشخصية؟ في الحقيقة عملنا على هذا العرض لمدة حوالي أربع سنوات، وكنت أحاول أن تكون مشاعر الشخصية صادقة دائما حتى تصل إلى الجمهور بشفافية، وألا أكون متكلفة. وأستاذ خالد من المخرجين الذين يفضلون إعادة التدريب على المشاهد أكثر من مرة والتدريب عليها جيدا، ومع كل إعادة أحب أن أطوّر من أدائي دون ملل من التكرار، مع الحفاظ على نفس الإحساس، مع دراسة صفات وسمات كل شخصية حتى تظهر في أحسن شكل لها. وما هي الرسالة التي أردت توصيلها للجمهور من خلال العرض؟ الرسالة التي أردت توصيلها من خلال العرض هي أن المشاعر الإنسانية شيء مهم وعظيم. فهذا العرض تحديدا كله مشاعر وقصص إنسانية حقيقية حتى ولو كان لها جانب من الكوميديا. فمن المهم ألا ننسى مشاعرنا وإنسانيتنا وكذلك مشاعر الآخرين، وأن تكون دائما هناك مساحة للتعبير عن مشاعرنا أيا كانت. كيف أثرت هذه التجربة فيك على المستوى الشخصي؟ أثرت هذه التجربة فيّ من جانب المشاعر، لأنه كما قلت من قبل، العرض جياش بالمشاعر التي كانت تلمسني كإنسان في مشاهد زملائي في العرض بعيدا عن كوني ممثلة. كنت طوال الوقت أتفاعل فأبكي وأضحك وأدمع مثل الجمهور تماما. هذه التجربة أثقلتني بالمشاعر وغيرت نظرتي للحياة في أمور كثيرة. ما هي الشخصية أو الدور الذي تحلمين بتقديمه؟ أحلم بتقديم الأدوار السيكوباتية المركبة والمعقدة، سواء شخصية طيبة أو لديها ميول عدوانية وشريرة مثل "الجوكر"، فهو الشخصية الأقرب إلى قلبي، أو شخصية قاتلة متسلسلة. اقرأ أيضا: «حواديت».. المسرح مرآة الروح| خالد جلال «صانع النجوم والحكايات» هل كنت تتوقعين هذا الكم الهائل من شهادات وردود أفعال الجمهور؟ وما هي الإشادة الأقرب لك من النجوم وكيف كان تأثيرها عليك؟ في الحقيقة فوجئت بردود أفعال الجمهور، والتي لا يقال عنها سوى إنها عظيمة، والناس الذين يأتون لتحيتي بعد العرض يكون لديهم طاقة حب رائعة ويشكرونني ويدعون لي. وفي الحقيقة لم أكن أتوقع هذا الشيء. وبالنسبة لشهادات النجوم كنت سعيدة جدا بكلمات الرائع شريف الدسوقي التي أخبرني بها بنفسه بعد العرض مباشرة وكتب لي منشورا خاصا وقال كلمات رائعة، وكذلك الأستاذ طارق نور، ووزير الثقافة الدكتور أحمد هنو الذي حضر العرض وشاهده أكثر من مرة، والملحن إيهاب عبد الواحد الذي أعجب بدوري كثيرا. ولا أستطيع أن أذكر شخصا بعينه، فكل الإشادات لم تكن متوقعة وأثرت فيّ جدا بالتأكيد. وبشكل خاص كلمات الإعلامية منى الشاذلي عندما استضافتنا مع المخرج خالد جلال في حلقة من برنامجها. وما هي التجربة الأقرب إلى قلبك؟ هناك ثلاثة تجارب بعينها أحبها لأنها أثرت فيّ واستفدت منها: أولها "أليس في بلاد العجائب" التي تم عرضها على خشبة مسرح البالون، تأليف وإخراج الأستاذ محسن رزق، وعرض "هنا القاهرة" تأليف وإخراج رشا الجمال، وعرض "حواديت" بالتأكيد. ولكن "حواديت" شعرت فيه بنقلة وخبرة ونضج مختلف، وخاصة أن هناك فرقا في السنوات عن آخر عروض قدمتها. أخيرا، ما الذي تتمنينه لحال المسرح المصري؟ أتمنى أن يظل المسرح المصري دائما موجودا، وأن يكون متنوعا ما بين مسرح الجامعة ومسارح الدولة والمسارح الخاصة والحرة. فكل مسرح له شكله الخاص. والذي أتمناه حقا أن يكون هناك تطور في المسارح نفسها كمكان، فهناك مسارح يجب أن تكون مجهزة ومستعدة بشكل أكبر. وأتمنى أن يكون هناك تقبل لأشكال وأفكار العروض المختلفة وأن تكون هناك مساحة أكبر، فما أكثر الفنانين والموهوبين ولكن الفرص قليلة. وأتمنى أن يكون هناك إنتاج مستمر وتقبل لإنتاج الأفكار.