مدحت محي الدين يكتب عن : حواديت وإبداع بلا حدود

كالعادة إبداع جديد من المبدع مكتشف ومعلم المواهب الأستاذ خالد جلال ، مسرحية بعنوان "حواديت " ولكنها ليست "حواديت " عادية لا بمحتواها ولا بالكواليس الحقيقية وراء هذا العمل الرائع ؛ بداية من فكرة المسرحية والتدريبات والبروفات والإستعدادات التى استغرقها فريق العمل ولمدة أربع سنوات ،مروراً بإصابات تعرض لها بعض الفنانين وأصر الأستاذ خالد جلال على انتظار مثولهم للشفاء ،بالإضافة لإشتراك الفنانين من الدول الشقيقة كالسعودية والمغرب ؛ وأصعب الظروف كانت وفاة الفنان على فايز كما ذكرت من قبل فى مقال عن مسرحية " حاجة تخوف " ، حيث أصر الأستاذ الأصيل الجميل خالد جلال على إطلاق إسم "دفعة على فايز " على هذه الدفعة ؛ وأكد فى افتتاح العرض كما يؤكد كل ليلة على أن إسم " على فايز " يجب أن يُكتب على شهادات تخرج هذه الدفعة تكريماً لزميلهم الراحل الذى كانت لديه أحلاماً وأمانى فى الإنطلاق فى عالم الفن من مركز الإبداع ، وبهذه الصورة وبوجود اسمه على الدفعة والشهادات يُكرم الأستاذ تلميذه ويحقق له أمنيته فى لفتة إنسانية رائعة ومؤثرة من الأستاذ ، ودرس لكل معلم فى كيف يكون المعلم والقائد والقدوة .
كيف يمكن أن يوازن الإنسان بين رغبته فى الحكى ورغبته فى عدم حرق أحداث العمل فى آن واحد ، بحيث يستطيع إيصال ما رآه من جمال وما شعر به من استمتاع دون إفساد استمتاع الآخرين بحرق الأحداث ؟؟ ، أعلم أنها معادلة صعبة جداً ولكنى سأبذل قصارى جهدى عزيزى القارئ لألقى لك الضوء على العديد دون حرق ؛ أولاً المواهب التى تقدم مسرحية " حواديت " أينعم كلهم بلا استثناء رائعين ولكن هناك البعض منهم لديه قدرات عظيمة فى التقمص والتحول من شخصية إلى شخصية بل من حالة إلى حالة فى وقت قياسى كنادين خالد والتى أذهلت الجمهور بالتنقل السريع والسلس بين الضحك والبكاء والجد والهزل فى ثوانى حرفياً ،حقاً كانت مبهرة ، وهناك أيضاً الصوت الجميل أحمد شرف الذى ملأ صوته أرجاء المسرح بأغنية رائعة ، والفراشة الرشيقة الجميلة ذات اللياقة البدنية المبهرة شيرى أشرف والتى أبهرت الجمهور بلياقتها فى أكثر من مشهد ، وآية ماجد التى تحولت فى لحظات من وحش كاسر إلى عصفور مكسور ، والرائعة ياسمين عمر التى كانت تتحول من شخصية إلى شخصية ومن حالة جادة إلى حالة شديدة الكوميديا بطريقة نستطيع أن نصفها بالسهل الممتنع ، والرائعين صلاح الدالى ويوسف مصطفى ونيفين الشرنوبى وغفران الشاعر وأحمد أيمن وشهاب العشرى وحسام سعيد وعمر حمدى وأحمد الشرقاوى وطارق الشريف وأحمد هانى ومحمد صلاح ومحمد عادل وأحمد شاهين وسالى رشاد وإسراء حامد ورنا عطوفة ومحمد سعدون وفتحى محمود الذى زين الفواصل بين الحواديت .
إذا كنت عزيزى القارئ فى مقالى عن مسرحية " حاجة تخوف " أشدت بقدرة الأستاذ خالد جلال بتحريك مشاعر المشاهد والقدرة على تحويلها من الحزن للخوف للضحك للبكاء للصدمة للإنبهار فى ثوانى وكأن الأستاذ يضغط على أزرار معينة خاصة بمشاعر المشاهد ؛ والآن بمسرحية " حواديت " أستطيع أن أؤكد لك عزيزى القارئ أن الأستاذ يتقن هذه المهارة بشدة ، كما يتقن إيصال الرسائل الأخلاقية الهامة من خلال العرض ، كما يتقن وصف القيم وانتقاد كل ما هو خاطئ بالمجتمع بشكل ليس له مثيل ، وعن استحقاق وبمنتهى الأمانة والمصداقية أستاذ خالد جلال مدرسة وعلامة فى تاريخ الفن حيث تتلمذ على يده أهم نجوم الساحة الفنية الحالية كنجوم دفعة مسرحية " قهوة سادة " ومنهم الفنان محمد فراج والفنان محمد سلام والرائع الفنان حمزة العيلى وغيرهم من النجوم اللذين نحبهم وننتظر أعمالهم بفارغ الصبر .
"حواديت " من إنتاج مركز الإبداع الفنى التابع لصندوق التنمية الثقافية تحت رعاية وزير الثقافة الأستاذ الدكتور أحمد هنو .
من الرائع فى مسرحية " حواديت " وجود الأستاذ خالد جلال بنفسه كل عرض ودعمه لفنانى الدفعة وتفاعله المبهج مع الجمهور حتى تنظيم دخول الجمهور يشرف عليه بنفسه .
مسرحية " حواديت " صياغة وإخراج أستاذ الإبداع خالد جلال تُعرض غلى مسرح مركز الإبداع الفنى بدار الأوبرا المصرية الساعة 8 ونصف مساءاً والدخول بأسبقية الحضور حيث يتم توزيع التذاكر من قبل السابعة والنصف مساءاً ، وعلى الرغم من أن العدد محدود إلا أن طريقة استلام التذاكر والدخول منظمة وهادئة للغاية .
أتمنى للجمهور مشاهدة ممتعة وللأستاذ القيمة والقامة أستاذ خالد جلال المزيد من التوفيق والنجاح والإبداع الدائم ، كما أتمنى لهذه الدفعة النجاح والنجومية كالدفعات التى سبقتهم فى صرح الإبداع .