انضباط وجدية، والتزام وثقة بالنفس وكفاءةعسكرية وقدرة قيادية، وفكرمرتب ونبرات صوتية قوية وذاكرة فولاذية، كانت هذه هى السمات التى يعرفها ويرددها ولمسها أستاذنا فاروق الشاذلى عن المشيرمحمد عبد الغنى الجمسى. لم يكن اختيارنا له فى موقع ثانى خباينا عن حرب أكتوبرعشوائياً، فهو الذى حمل «الكشكول أو النوتة الزرقاء» التى تضمنت كل صغيرة وكبيرة عن العدو، واختيار أنسب الأوقات للحرب فى يوم السبت - السادس من أكتوبر1973- ولذلك حرصنا وحرص عم فاروق أن يلتقى معه فى ذكرى الانتصارات، وكان الكاتب الصحفى «أسامة شلش» يرافقه بحضور اللقاءات، والتى غالباً كانت فى نادى هليوبوليس بمصر الجديدة القريب من قصر الاتحادية ووزارة الدفاع، ورئاسة قوتنا الجوية، وعدد من المبانى العسكرية.. وكم كنت أتمنى ألا أكتفى بحكايات عم فاروق عن اللقاءات، أو ما أقرأه فى الحوار الذى ينشره بالأخبار بعد اللقاء، حتى جاءت لى الفرصة للقاء المشير الجمسى، والحوار معه عندما حاضرنا خلال دراستى للحصول على زمالة كلية الدفاع الوطنى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا في نهاية التسعينيات من القرن الماضى. كثيراً ما تقابل الأستاذ فاروق الشاذلى عندما كان محرراً للشئون العسكرية للأخبار مع اللواء عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة عمليات قواتنا المسلحة فى الأشهر التى سبقت «حرب اكتوبر»، وشاهد فيه قائداً صارماً صامتاً يتمتع باحترام وتقديرالآخرين، ويحرص على ارتداء زى القتال «الأفرول» فى كل الأوقات.. وخلال أيام الحرب لم يكن يشاهده لانشغاله فى مركز العمليات الرئيسى لقواتنا المسلحة، لإدارة المعارك على جبهة القتال بالجيشين الثانى والثالث، وينام أيضاً فى مركز العمليات. عادت اللقاءات مع الجمسى بعد أن خمدت نيران البارود، وكان يرافقه بصفة عمله فى زيارته المتعددة للتشكيلات والوحدات، بعد أن أصبح رئيساً لأركان حرب قواتنا المسلحة، ثم وزيراً للحربية، وقائداً عاماً خلفاً للمشير أحمد إسماعيل الذى أدار الانتصارات.. وكان الجمسى كثيراً ما يثبت أدراكه لدور الصحافة والإعلام كنافذة يطمئن منها الشعب على قدرات الجيش.. مع الأيام وتكرار الحوارات واللقاءات لم يجد عم «فاروق» رحمة الله عليه أى اختلاف، فالمشير الجمسى ابن المنوفية، كما هو بنفس الجدية والثقة بالنفس والفكر المرتب والذكرة الفولاذية، ورصيد خبرات بالموقف والأحداث عمقتها السنين.. وللحديث بقية.