■ بقلم: سعيد عبدالحافظ لم تكن ثورة 30 يونيو، حدثًا مصريًا داخليًا فحسب، بل ألقت بظلالها على صورة جماعة الإخوان المسلمين بأوروبا، ففى الوقت الذى رفض فيه المصريون استمرار حكم الإخوان، اتخذ حزب الخضر الهولندى، مسارًا مختلفًا بفتح قنوات تعاون مع منظمات شبابية ومؤسسية مسلمة ارتبط بعضها تاريخيًا بالجماعة، هذا الخيار سرعان ما أدخل الحزب التقدمى فى دائرة جدل حاد، إذ طُرحت أسئلة حول حدود التحالف السياسى ومخاطره على المشهد الهولندى والأوروبي. من بين أبرز هذه المنظمات، يبرز منتدى FEMYSO، الذى يقدم نفسه كمنصة لتمثيل الشباب المسلمين في قضايا الاندماج والمواطنة، لكنه فى نظر باحثين وأجهزة أمنية هولندية ظل واجهة شبابية للإخوان، ورغم هذه الشُبهات، حصل المنتدى على دعم سياسي متكرر من كتلة الخضر بالبرلمان الأوروبي؛ بدءًا من حملات تشجيع مشاركة الشباب عام 2019، وصولًا إلى رسائل تأييد علنية عام 2023، وفى السياق نفسه، ارتبط اسم النائبة السابقة كوثر بوشالخيت، التى شغلت منصبًا قياديًا فى المنتدى، بجدل واسع حول مدى تغلغل الإخوان فى البنية الحزبية الهولندية. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ يظهر أيضًا دور Europe Trust Netherlands، وهى مؤسسة أسسها قياديون إخوان مثل: إبراهيم الزيات، واستثمرت فى شراء عقارات ومساجد أبرزها: المسجد الأزرق بأمستردام، هذا الواقع جعل حزب الخضر عُرضةً لانتقادات متكررة، خاصة فى ظل النقاشات البرلمانية حول التمويل الخارجى للمساجد، وما إذا كان يُوفِّر غطاءً غير مباشر لشبكات إخوانية عابرة للحدود. وهنا يبرز التناقض الجوهرى: فحزب الخضر يرفع رايات التقدمية، والدفاع عن حقوق المرأة، والحريات الفردية، بينما تنطلق جماعة الإخوان من مرجعية دينية محافظة تتعارض جذريًا مع هذه القيم، ومع ذلك، يجد الطرفان أرضية مشتركة تقوم على المصالح المُتبادلة: الخضر يبحث عن تعزيز شرعيته كمدافع عن الأقليات المسلمة، فيما يستفيد الإخوان من مظلة الحزب الحقوقية لتلميع مشروعهم السياسى وتقديمه كقضية مدنية مشروعة. هذا التحالف التكتيكى لا يخلو من ثمن، فقد وُجهت استجوابات أوروبية حول خلفيات المنتدى وصلاته، واضطر قادته إلى إصدار بيانات نفى متكررة، لكن بالنسبة لمعارضى الخضر، فإن الحزب يُغامر بمصداقيته عبر الارتماء فى أحضان شركاء مُثيرين للجدل، ويُضعف بذلك خطابه التقدمى أمام ناخبيه. تقرير الاستخبارات الهولندية الأخير (AIVD) لعام 2024، زاد من حدة النقاش، فرغم تركيزه على التهديد الجهادى والتيارات اليمينية، فقد أشار إلى خطورة البنى الأيديولوجية التى تخلق أرضية للاستقطاب، وهو توصيف ينطبق على منظمات متأثرة بفكر الإخوان حتى وإن لم تمارس العنف المباشر. الخلاصة: ما يجمع حزب الخضر والإخوان ليس تقاربًا فكريًا، بل التقاء مصالح عابر يفتح الباب لمخاطر استراتيجية، فبينما يعزز الخضر صورته كمدافع عن التعددية، تمنح الجماعة لنفسها شرعية سياسية غير مُستحقة، وهو ما قد يهدد فى المستقبل القريب قيم المجتمع الديمقراطى فى هولندا.